أصغر جزارة.. ملك: «بشتغل مع بابا فى الإجازة ونفسى أبقى مضيفة طيران»
مع انطلاق العطلة الصيفية للتلاميذ، قررت «ملك»، التى لم يتخط عمرها الـ١٢ عامًا، استغلال العطلة فى عمل مفيد، وفى الوقت الذى يميل الأطفال فيه للعب واللهو، اختارت الفتاة أن تمتهن الجزارة.
«ملك»، ابنة مدينة القناطر الخيرية التابعة لمحافظة القليوبية، هى ابنة أسرة تعمل فى الجزارة، ودفعها الفضول وحب الاستطلاع إلى الإمساك بأدوات الجزارين ومحاولة تقطيع اللحم، لتقلد أشقاءها، لكنها وبعد فترة وجيزة استطاعت أن تتقن العمل وتصير أصغر جزارة.
وقالت «ملك»، لـ«الدستور»، إنها حاولت أن تنخرط فى هذا العمل وتفعل كما تفعل أسرتها، لكن رغبتها كانت تواجَه بالرفض من والديها، نظرًا لصغر سنها وخوفهما عليها.
وأضافت: «كنت أصر على خوض تلك التجربة، حتى وعدنى أبى هذا العام بأنه سيسمح لى بتعلم المهنة ومشاركته وإخوتى العمل، بشرط تفوقى فى الدراسة، وهذا ما سعيت لتحقيقه».
وواصلت: «بدأت بتعلم أساسيات العمل بشكل تدريجى، وبدأت فى استخدام أدوات بسيطة وسكاكين صغيرة، وأشعر بالسعادة كونى أؤدى عملًا جديدًا وأشارك أسرتى نشاطها».
وأشارت إلى أن هذا العمل تنفذه بمحض إرادتها، ولم يجبرها أحد عليه، فهى تدرس فى مدرسة خاصة، وتحلم بأن تصبح مضيفة طيران، وتعتبر هذا العمل نوعًا من أنواع الترفيه والعلم بالشىء ليس أكثر.
ولفتت إلى أنها ليست مقيدة بوقت معين للعمل، بل تذهب للوقوف مع والدها وأشقائها فى أوقات فراغها، لتشبع رغبتها فى اكتساب المهارات، وتتعلم مهنة أسرتها وأجدادها، فهى لا تريد أن تكون فى معزل عن بيئتها التى نشأت فيها.
وأعربت عن أمنيتها فى أن تتقن هذه الصنعة وهى فى سن صغيرة، كما أنها تتجهز لموسم عيد الأضحى المبارك، لتساعد أقاربها فى أعمال ذبح الأضاحى، وتكون بذلك أصغر فتاة تعمل بهذه الحرفة.
أما مسعد بيومى، والد «ملك»، فقال إنه كرس حياته لكى يُعلم أبناءه خلاصة مجهود السنوات الصعبة التى مر بها طوال عمره، وأن يعيشوا الحياة التى يحبونها ويعملوا ويحققوا كل ما حرم هو منه.
وكشف عن أن ابنته منذ طفولتها وهى تتمتع بذكاء كبير وخفة ظل، موضحًا: «هى حالة خاصة وهى ابنتى الأخيرة، والوحيدة بين الأولاد، وهى مدللة أبيها، ولا أرفض لها طلبًا، وقررت أن لا تكون لها أى صلة بمهنتنا الشاقة، وأن تتعلم وتحقق ما تحلم به وأن أوفر لها ما تحتاجه».
وواصل: «رغم كل ذلك تفاجأت بها تطلب أن تشاركنا فى أعمال الجزارة، ودهشت لطلبها وانفجرت من الضحك، وحاولت أن أنصحها بأن توجه تركيزها على أمر آخر غير هذه المهنة الشاقة والخطيرة، خاصة أن عمرها صغير».
لكنه استسلم لرغبتها بسبب عنادها وإلحاحها، ومنحها الفرصة لخوض التجربة، والمشاركة فى بعض الأمور البسيطة والآمنة فى مهنة الجزارة، وكانت سعيدة للغاية وتشعر بأنها تؤدى عمل الكبار رغم صغر سنها.
وأضاف أن أكثر ما كان يدهشه أنها كانت تطلب المزيد دائمًا، وتريد أن تتعرف أكثر على معلومات إضافية، وأن تطبق ما تعلمته، وكان أخطر أمر بالنسبة له هو استعمالها السكين، وهى آلة تحتاج إلى حرص كبير للغاية وإلى الإلمام بطرق التعامل بها، لأن الخطأ منها يكلف الكثير، والإصابة بها قد تكون خطيرة.
وقال: «استبدلت تلك السكاكين الحادة والثقيلة بأخرى صغيرة، لتتمكن الفتاة من الإمساك بها، وبدأت فى تعليمها طرق الاستخدام الصحيحة، والتحكم الكامل فى السكين أثناء تقطيع اللحم، واستخلاصه من العظام، حتى بدأت تتعلم وتتمكن من الأدوات».
وتابع: «بعد ذلك سمحت لها باستخدام الأدوات الحقيقية، ولكن أراقبها طوال الوقت وأحرص على ألا تقع فى أى خطأ، وألقنها كل جديد فى المهنة».