مجلس الشيوخ يوافق مبدأيًا على خطة التنمية الاقتصادية والاجتماعية للعام الجديد
وافق مجلس الشيوخ خلال جلسته العامة اليوم، برئاسة المستشار عبدالوهاب عبدالرازق على تقرير لجنة الشئون المالية والاقتصادية والاستثمار بشأن مشروع قانون باعتماد خطة التنمية الاقتصادية والاجتماعية للعام المالي 2023 /2024، والتأشيرات العامة المرافقة له من حيث المبدأ، وبدأ المجلس في مناقشة مواد مشروع القانون. جاءت موافقة المجلس من حيث المبدأ بعد أن استمع المجلس إلى تعقيب من الدكتورة هالة السعيد، وزيرة التخطيط والتنمية الإدارية، وردها على كل استفسارات أعضاء المجلس، والتي وردت بكلماتهم أمام الجلسة العامة.
واستعرض النائب نشأت متري صليب، عضو مجلس الشيوخ، تقرير لجنة الشئون المالية بشأن خطة التنمية الاقتصادية والاجتماعية للعام المالي 2023 /2024، أمام الجلسة العامة. وأكد أن التقرير يضمن عددًا من التوصيات في مواجهة التحديات، ووضع الرؤى والحلول العاجلة التي يمكن أن تخفف من الآثار السلبية المتوقعة في ظل عدم اليقين واستمرار الصورة الضبابية، التي ما زالت تقف حائلًا أمام صناع ومتخذي القرارات، نظراً لما يترتب عليها من ارتفاع مستوى أسعار السلع والخدمات وأسعار الطاقة والمعادن الأساسية، واستمرار الدين الخارجي ونقص الاستثمارات وضعف الادخار ونقص التمويل، وكلها تحديات تستدعي إعادة رسم السياسة الاقتصادية للدولة وسرعة اتخاذ الحكومة الإجراءات بهدف تخفيف العبء على المواطن ومواجهة الاختلالات الهيكلية وتراجع وتقلص معدل النمو الاقتصادي، لاسيما مع استمرار الزيادة السكانية، مما يقتل شعور المواطن بعوائد جهود التنمية.
وكشف تقرير اللجنة عن أن خطة التنمية الاقتصادية جاءت صريحة، لكن بعض مؤشراتها شابها أحيانًا الغموض، لاسيما وأن ملف الاستثمار وما يعانيه حتى الآن لا يزال يحتاج إلى تعزيز الجهود حتى يمكن تحفيزه وجذبه من كل دول العالم.
وشددت اللجنة في تقريرها على أهمية استمرار حالة التحوط والتخوف من حدوث ركود تضخمي والزيادات الحالية لأسعار الفائدة العالمية، وضعف السيولة من النقد الأجنبي وزيادة مؤشرات الدين الخارجي والداخلي، وتراجع جذب الاستثمارات الأجنبية.
وقالت اللجنة: "على جميع مؤسسات الدولة الوطنية، العمل من أجل التصدي للأزمات غير المسبوقة، ووضع خطط وإجراءات تحسين جودة حياة المواطنين، مطالبة بإعادة إحياء النموذج التنموي القائم على استعادة دور الدولة لتعمل جنبا إلى جنب مع القطاع الخاص على تحقيق أهداف التنمية المستدامة وتدعيم القدرة على مواجهة الأزمات ووضع خطط المواجهة وتحسين أحوال الاقتصاد من خلال تلك الخطط".
وأوصت الحكومة من خلال أجهزتها وهيئاتها المختصة بوضع خطة استثمارية واضحة المعالم ومستقرة على المستويين القطاعي والجغرافي لتحديد أولويات مشروعات الاستثمار الخاص المستهدفة، بما يتفق مع السياسة العامة للدولة وخطة التنمية الاقتصادية والاجتماعية.
كما دعت اللجنة، من خلال التقرير، إلى وضع خطة إصلاح استراتيجية تفصيلية محددة بشأن الإطار العام للإصلاح التشريعي والإداري والمؤسسي لبيئة الاستثمار على المستوى العام والقطاعي والجغرافي، ووضع خطة عمل تنفيذية لتنفيذ كل من الخطة الاستثمارية، وخطة الإصلاح الاستراتيجية، واعتمادها من المجلس الأعلى للاستثمار في أسرع وقت ممكن إعمالا الأحكام قانون الاستثمار.
وطالبت اللجنة من خلال التوصيات، الحكومة بتشكيل مجموعة عمل دائمة لمتابعة تطور تصنيف مصر وترتيبها في التقارير والمؤشرات الدولية الخاصة بالاستثمار، واقتراح ومتابعة تنفيذ كل الإجراءات التنظيمية والتشريعية اللازمة، وعرض هذا التقرير بشكل دوري على المجلس الأعلى للاستثمار، على أن تشكل المجموعة وتبدأ في تنفيذ مهامها في أسرع وقت ممكن للعمل المستمر على تحسين بيئة ومناخ الاستثمار الخاص وتسريع وتيرة خدمات الحكومة الإلكترونية في المجالات الخدمية والإنتاجية المختلفة بشكل يواكب ما تقدمه الدول الأخرى الجاذبة للاستثمار، بغرض سرعة القضاء على البيروقراطية وتسهيل الأعمال والعمل على تطبيق مبادئ الحوكمة والإفصاح، وأوصت اللجنة بوضع برنامج تنفيذي محدد لتسهيل وتطوير حركة التجارة وإزالة القيود المعرقلة وخاصة في المجال الجمركي من خلال آليات ربط منظومة "نافذة" إلكترونيًا مع شبكات سلاسل الإمداد الدولية، والتي تعمل بالتكنولوجيا الحديثة والمؤمنة، ووضع النظم الإلكترونية اللازمة للحصول على بيانات الشحنات ومستنداتها إلكترونيًا من المصدر والخط الملاحي مباشرة قبل التحميل والشحن من ميناء التصدير، بهدف القضاء على ظاهرة الشحنات المهملة بالمواني وإتاحة بيانات الشحنة لجهات الفحص.
كما تضمن تقرير اللجنة، تكليف الحكومة بإعداد خطة عمل تنفيذية خاصة بخلق بيئة داعمة للمنافسة تعتمد من المجلس الأعلى للاستثمار وتعتمد على التنسيق مع البنك المركزي والقطاع المصرفي، لزيادة نسبة الائتمان الممنوح للقطاع الخاص من القطاع المصرفي لرفع نصيب الائتمان الممنوح للقطاع الخاص إلى ٥٠% خلال الخمس سنوات المقبلة، والإسراع بتطوير البنية المعلوماتية على مستوى المحافظات لدعم التجارة الإلكترونية والحد من عمليات الإسناد المباشر للشركات العامة والجهات الحكومية، على أن تكون عمليات الإسناد المباشر للشركات العامة في حدود الضوابط والأوضاع التي تحددها الدولة وتسهيل الإجراءات الخاصة بإصدار التراخيص والموافقات الأمنية مع تحديد حد أقصى زمني الإصدار الموافقة.
وطالبت اللجنة الحكومة بوضع خطة تنفيذية سريعة بشأن ترويج الاستثمار في ضوء الخطة الاستثمارية القومية، وإعادة هيكلة دور مكاتب التمثيل التجاري التابعة لوزارة التجارة والصناعة لتلعب دورًا فعالًا في خطة الترويج. بالاضافة لإعداد تقرير فوري من خلال الهيئة العامة للاستثمار عن كل النصوص التشريعية غير المفعلة في قانون الاستثمار، خاصة تلك المتعلقة بتخصيص الأراضي وتطبيق حوافز الاستثمار وضماناته، وتسوية منازعات الاستثمار، وفض المنازعات، وفرض الرسوم وسحب التراخيص وتلك النصوص الخاصة بالنصوص العقابية، والتي تحظر تحريك الدعاوى الجنائية على ممثلي الشركات إلا بشروط محددة، ووضع خطة تنفيذية وبرنامج زمني محدد لتفعيل هذه النصوص وإنفاذها ورفع هذا التقرير إلى المجلس الأعلى للاستثمار في أسرع وقت ممكن لمتابعة التنفيذ.
شملت التوصيات أيضًا، وضع مجموعة من الاستراتيجيات لدعم التحول للاقتصاد الأخضر والمحافظة على الاستخدام المستدام للموارد الطبيعية، أهمها على سبيل المثال لا الحصر، وضع استراتيجية وطنية لإرساء إطار البنية التحتية الخضراء والتمويل الأخضر، والمركبات الخضراء، وإزالة الكربون والتعامل مع تحسين مناخ الاستثمار على أنه عملية ديناميكية مستمرة ومتعددة الجوانب ومرتبطة بالدول المنافسة والتغييرات التي تطرأ على عوامل جذب المستثمرين، مع ضرورة تقييم نتائج الخطة الاستثمارية سنويًا، وتعديلها كلما تطلب الأمر ذلك مع أهمية قياس أثر الاستثمارات الأجنبية على القيمة المضافة والتصدير والسياحة ونقل التكنولوجيا والصناعات التحويلية والقطاع الزراعي والنقل مع رصد الآثار السلبية على البيئة والاستهلاك المفرط للموارد.
وبشأن الدين العام الداخلي والخارجي، والذي أصبح أحد أهم المشكلات التي تواجه الاقتصاد المصري، طالبت اللجنة بتعزيز الشفافية المالية في إدارة الدين العام، والإفصاح عن المعلومات بشكل كامل وشفاف بما يعزز الثقة في الأسواق المالية وجذب الاستثمار، وتطوير أسواق المال؛ لضمان جذب مستثمرين وتوفير أدوات التمويل الجيدة وتحسين إدارة الدين العام وتحسين القدرة على تنسيق أدواته بشكل فعال وبما يضمن التحكم فيه وجدولته.
وشددت اللجنة المالية بمجلس الشيوخ في تقريرها على ضرورة العمل الجاد لتخفيف الأعباء التضخمية من خلال سلسلة من البرامج المجتمعية المختلفة، وزيادة الحد الأدنى للأجور ومعاش تكافل وكرامة باعتبارها حلولًا قصيرة المدى، لكنها تنعكس على المواطنين بشكل إيجابي.
وبشأن تراجع تصنيف مصر فى مؤشرات وكالات التصنيف الائتماني الدولية، أكدت اللجنة على ضرورة معالجة تعرض الاقتصاد للأزمات بإجراءات حكومية فاعلة تدعم الاقتصاد والمواطن مع العمل على الحفاظ على مكتسبات خطة الإصلاح الاقتصادي.
كما شدد تقرير اللجنة على أهمية الاستمرار في دعم الدولة لدمج القطاع غير الرسمي في القطاع الرسمي في إطار تطبيق معايير الشمول المالي.
وأكدت اللجنة، في تقريرها، التمسك بسياسة الاعتماد على الذات فى الإنتاج والتمويل والتشغيل واستخدام التكنولوجيا والطاقات المبدعة الخلاقة، ما سيمكن من زيادة قدرة الاقتصاد المحلى والمنافسة الخارجية في ظل الظروف والأزمات التي يمر بها اقتصاد العالم.
وفي مجال التعليم، أشارت اللجنة، إلى أن هناك إشكالية في عدم الوفاء بالاستحقاق الدستورى فى الإنفاق على هذا القطاع بمراحله والبحث العلمي، حيث اشترط دستور ٢٠١٤ إنفاق %٣٪ من الناتج المحلي الإجمالي على الصحة، و4% على التعليم، و۲٪ على التعليم العالي و۱٪ على البحث العلمي كبداية، على أن تزيد هذه النسب سنويا لتصل إلى المعدلات العالمية في الاتفاق على التعليم والصحة.
وقالت اللجنة: ولكن حتى الآن ما زال هناك خلل في الالتزام بالنسب المقررة، حيث جاء في مشروع الموازنة الجديدة أن جملة المستهدف إنفاقه على قطاع التعليم ويشمل التعليم قبل الجامعي والتعليم العالي والبحوث والتطوير بلغ ۲۲۹.۹ مليار جنيه، وهو ما يمثل نسبة ١,٩٪ فقط من الناتج المحلي الاجمالي المقدر فى عام الخطة بنحو ٤٨,١١ تريليون، مطالبة يعلاج الخلل في ظل ارتفاع الإنفاق الاستثمارى الفعلى، ووضع قطاع التعليم في أولويات الانفاق والاستثمار العام والخاص.