شيرين فتحي: أبحث عن القارئ الصادق.. والناقد الحقيقي من العملات النادرة (حوار)
للقاصة والروائية “شيرين فتحي" سيل من الكتابات الجادة والمغايرة في مسار علاقة الأنثى بمجتمعها ومشاعرها ونفسها، نالت منذ أيام “جائزة الدولة التشجيعية " في القصة القصيرة عن مجموعتها البديعة “خيوط ليلى”.
ترى “فتحي” أن لكل جائزة ظروفها ولجنة تحكيمها الخاصة والتي بدورها تتألف من عدة أشخاص لكل منهم ذائقته الخاصة. الدستور التقت شيرين فتحي وكان هذا الحوار..
_ماذا يمثل لك فوز رواية خيوط ليلى بجائزة الدولة التشجيعية؟
شعرت بسعادة بالغة فور علمي بفوز خيوط ليلى بهذه الجائزة العريقة لما للجائزة من قيمة كبيرة تميزها عن أي جائزة أخرى حصلت عليها من قبل.
_انطلاقا من هذا المسار فيما يخص الجوائز هل ترى الكاتبة أن هناك ثمة عتبات أو توليفة سردية ما تتكيء عليها لجان المنح وحجب الجوائز؟
لا أظن أنه توجد إجابة محددة لمثل هذا السؤال، فلكل جائزة ظروفها ولجنة تحكيمها الخاصة والتي بدورها تتألف من عدة أشخاص لكل منهم ذائقته الخاصة. فخيوط ليلى مثلا اتسمت بالخيال الشديد أو الفانتازيا لكن تم غزلها لتدخل في صميم الواقع كأنها رواية حقيقية وواقعية تماما.
_بعد صدور خمسة أعمال للكاتبة شيرين.. لماذا أنت بعيدة عن الوسط الثقافي إلا من خلال الكتابة؟
أعتقد أن السؤل تضمن الإجابة، فكل ما يعنيني في الأمر هو الكتابة.. هو كتابة الأعمال ونشرها، بينما لا أعنى كثيرا بمسألة الشللية وتشعب العلاقات للحصول على دائرة أعلى من انتشار قد يكون انتشار كاذب أو مضلل. أنا أبحث عن القاريء الصادق والحقيقي الذي لا تعنيه سوى الكتابة الصادقة أيضا.
_هل هناك أسباب للاحتجاب والتفرغ للكتابة فيما يخص علاقتك بالوسط الثقافي؟
كما ذكرت سالفًا الكتابة هي محور اهتمامي.. وليس الظهور المكثف في الندوات وحفلات التوقيع.. هذا لا يعني بالطبع الانقطاع التام. لكني أحضر بعض الفعاليات. خاصةً أنني بعيدة عن صخب القاهرة ومركزيتها.
_ في ظل برورتريه للكاتبة الروائية..الحروب بالوكالة وحروب الإبادة والحروب عبر الهوية والجغرافيا والتاريخ.. كيف ترين مستقبل الكتابة والفن والثقافة في العالم؟
أعتقد أن الكتابة كغيرها من فروع الآداب والفنون الأخرى تتأثر بالمناخ المحيط إما سلبا أو إيجابا، لكنها حتما باقية، بل إن ظروفا كهذه تجعلنا في أشد الحاجة لكل ما يمس إنسانيتنا كالكتابة وغيرها.
_ النقد الأدبي التنظيري في الرواية والقصة.. كيف ترين واقع النقد الثقافي المصري والعربي انطلاقا من كتاباتك؟
النقد أحد الأركان المهمة لاكتمال العمل الأدبي.. فلا معنى للكتابة دون نقد يبروز الأعمال ويبحث في داخلها، يجلي لنا النقاط الغائبة ويرشد القاريء والكاتب على السواء إلى نقاط القوى والضعف في العمل الأدبي. لكن الناقد الحقيقي أصبح من العملات النادرة للأسف.. فقلما تجد الناقد الواعي والمحايد.. الذي يستقريء العمل بمنتهى الصدق والشفافية بعيدا عن أي مؤثرات أخرى كاسم الكاتب أو مدى شهرته.
_هل ينتهي مفهوم الخلاص وجدواه بعدما ينتهي الكاتب من نصه أو روايته؟ أم أن هناك مفهوم آخر للخلاص؟
لا في الغالب الكاتب لن يعرف الخلاص حتى في آخر عمره أو حتى بإصدار عمله الأخير.. فحتى الأفكار التي تتبلور وتنضج بشكل جيد في ذهن الكاتب بمجرد خروجها تتشعب منها أفكار ومسالك أخرى قد تحث الكاتب على المزيد من الكتابة والبحث في ذات الفكرة أو الموضوع.. ربما الخلاص هو ما يبحث عنه كل كاتب وهو أيضا ما لن يدركه أبدا.
_انطلاقا من كتاباتك ذوات المناخ الاجتماعي والعاطفي والنفسي وحتى السياسي، ليتك تشرحين لنا علاقتك بخارطة الأدب المصري وكيف ترينه في السنوات الاخيرة؟
لا أشعر أنني أتخصص في لون واحد مما ذكرت فالرواية الواحدة تضم كل تلك الألوان معا العاطفة والسياسة والبحث داخل النفس والمجتمع وأعتقد أن هذا هو شأن أي عمل ناضج.
ربما أنا من جيل يشعر بالتفاؤل بالقادم مع الأدب المصري رغم كل ما يحيطه من إحباطات. فالوسط الثقافي كغيره من الأوساط فيه الموهوب وفيه عديم الموهبة، وربما لا زال الكثير من هؤلاء الموهوبين يعانون من فكرة التهميش والبعد عن دوائر الضوء لكن مجرد وجودهم بيننا ومجرد مثابرتهم واجتهادهم لتقديم كتابة حقيقية هذا أمر يجعلنا نشعر بالتفاؤل ونثق باليوم الذي تنعدل فيه الأوضاع ويحصل كل مجتهد على نصيبه خاصة أن مصر معين لا ينضب أبدا هي مليئة دوما بالموهوبين في مختلف المجالات والأصعدة.
_عن كثرة الجوائز العربية والمصرية في السنوات الخمس عشرة الأخيرة.. كيف ترى شيرين فتحي أصداء أو مغزى هذه الجوائز فيما يخص الكاتب والكتابة سواء بالسلب أو الإيجاب؟
الجوائز والمسابقات الأدبية من الأمور الهامة جدا لإنعاش الكتابة بخلق روح التنافس والاجتهاد بين الكتاب والمؤلفين. ولا ننكر أن حصول الكاتب على أي جائزة لهو أمر مبهج ومشجع فهو يخبر الكاتب على الأقل أنه ماضٍ في طريقه الصحيح.. وهذا ما يحتاجه الكتاتب من وقت لآخر.. أن تصله إشارة أو تظهر له نقطة مضيئة لترشده. لكن لا يجب أن يرتكن عليه الكاتب ويطمئن نفسه بالنجاح.. بل يجب أن يدفعه هذا للاجتهاد بصورة أكبر. وتضيف الكاتبة الروائية والقاصة شيرين فتحي.
ولكنني لا أنكر وجود بعض السلبيات التي تحيط ببعض الجوائز كوصولها لغير مستحقيها.. لأن هذا لا يضر أحدا بقدر ما يضر بالكاتب المثابر الذي يشعره هذا بالإحباط الذي ربما يقوده لترك الكتابة تماما وهذا ما لا نرجوه بالطبع.
_من هم الكتاب أو الكاتبات الذين كان لهم تأثير مباشر في توجهك لهذا المنح الإبداعي سواء من مصر او خارج مصر؟
أقرأ في العادة في ألوان الأدب المختلفة كالواقعي والخيالي والسياسي والاجتماعي وحتى النفسي.. أحب التعرف طوال الوقت على ألوان مختلفة من الثقافات كالأدب الروسي لدستوفيسكي أو الأدب اللاتيني كأعمال ماركيز وإيزابيل الليندي.. كما تعجبني كتابات مياس كثيرا.. أقرأ واقعية محفوظ وتعجبني عوالم يوسف إدريس وكتاب كثيرون من العالم العربي.. كما أتابع القراءة لكتاب جيلي كأحمد عبد اللطيف ومريم العجمي وهبة الله أحمد وكثيرون لا يسع المجال هنا لذكرهم.