اسمها رضوى.. أصغر ميكانيكية فى مصر: «الورشة ممنوعة فى الدراسة ونفسى أبقى مهندسة»
يقولون عن فلان «موهوب بالفطرة»، لأنه وُلد وولدت معه قدرات خاصة أهّلته لفعل أشياء يصعب على الكبار فعلها، وهكذا «رضوى»، ابنة العشر سنوات، التى برعت فى فن الميكانيكا، رغم حداثة سنها.
«رضوى»، التى تدرس فى الصف الخامس الابتدائى، هى ابنة ميكانيكى سيارات فى مدينة نصر، ودأب والدها على اصطحابها معه إلى الورشة لتلهو أمامها أثناء عمله، لكنها عامًا فعامًا وجدت نفسها تنجذب إلى المعدات الميكانيكية ومواتير السيارات، وشيئًا فشيئًا امتدت يدها إلى فك وتربيط المسامير والصواميل وقطع الغيار.
اكتشف والدها الأمر، وألهمه القدر أن يلبى رغبة وشغف ابنته بهذا المجال، فأتاح لها الفرصة والمعدات لتجرّب، وأثمرت التجربة عن مزيد من الرغبة وتكوين خبرات فى المجال، وسرعان ما أصبحت الصغيرة خبيرة بعض الشىء فى الميكانيكا، وتستطيع أن تصلح الأعطال المختلفة.
وكأنها صبية بالغة واعية، تتحدث «رضوى» وهى ترتدى «المريلة» الخاصة بالعمل، وتقول: «عملى يتم فى ورشة أبى، لا أعمل عند أحد، وهدفى ليس كسب المال، أنا أعمل لأتعلم، ولأننى أحب أن أتعلم».
وتكشف عن أمنيتها فى أن تصبح مهندسة ميكانيكا فى المستقبل، معربة عن سعادتها بهذا العمل، ورغبتها فى تطوير نفسها وخبراتها، موضحة: «الميكانيكا بدأت معى وكأنها لعبة أمارسها، وأشغل وقتى بها، وسعيت لتعلمها بمساعدة والدى، وأنا أتقدم فى هذا العمل بشكل مذهل، مقارنة بسنى الصغيرة».
واستطاعت الصغيرة فى أقل من عامين أن تصل إلى مستوى جيد فى المجال، وأن تصلح الأعطال الصعبة، وتضيف: «لا أترك والدى وحده فى العمل، أقف بجانبه وهو يصلح أى عطل لا أعرف كيفية إصلاحه، وأركز جيدًا لأعرف أسرار المهنة».
ويقابل والدها ذلك الشغف من ابنته بابتسامة حنونة تنم عن فخر بهذه الموهبة، فتقول وهى تنظر إلى والدها ومعلمها: «كان ينصحنى باللعب، وأن أترك هذا الأمر لأهله، لكننى كنت أجيب بأننى أجد سعادتى فى مشاركته فيما يفعله، وأشعر بالانتصار عندما أتعلم شيئًا جديدًا».
وتسرد تفاصيل يومها، الذى يبدأ بالذهاب إلى مدرستها فى الصباح، ثم بعد الانتهاء من اليوم الدراسى تذهب إلى أبيها فى الورشة لتتناول معه الغداء، وهناك تراجع دروسها، قبل أن تبدأ العمل معه وتستمر فى ذلك حتى المساء، قبل أن تستأذن والدها فى المغادرة إلى منزل الأسرة فى منطقة منشية ناصر، لتخلد إلى النوم.
أما «رضوان»، شقيقها الأكبر الذى يعمل مع والده فى الورشة، فيكشف عن أن أخته ظهرت عليها علامات الذكاء والموهبة منذ ولادتها، وكانت تحب أن تعرف تفاصيل كل شىء حولها.
وحكى أنها قبل بلوغها سن الثامنة كانت تتردد على الورشة للعب بدراجتها أمامها، وكانت تأخذ قسطًا من الراحة بعد اللعب، وتشاهد ما يفعله والدها وشقيقها، حتى إنها فى مرة من المرات التقطت مفتاحًا لفك أحد المسامير، وكانت سعيدة للغاية بهذا الإنجاز، ومن بعدها ظلت تركز على إحراز العديد من الإنجازات من هذا النوع، من وجهة نظرها. وأكد أن شقيقته ليست مجبرة على العمل فى الورشة، لكنها تعتبر ذلك لعبتها وتسليتها الوحيدة، وتحرص أسرتها كل الحرص على مراقبتها وعدم إلزامها أو إسناد أى عمل شاق أو خطر إليها.
وردًا على بعض الانتقادات التى وُجهت إلى أسرته بسبب عمل شقيقته فى الورشة وهى فى هذه السن، يؤكد أن أخته ليست ملزمة بأى عمل، بل تعتبر وجودها فى الورشة وكأنها فى المدرسة، تتعلم فيها مجالًا مهمًا، وتطمح إلى أن تتخصص وتتوسع فى دراسته.
وكشف عن أن والده يحرص فى فترات الامتحانات على أن تتوقف «رضوى» عن الذهاب إلى الورشة، والتركيز فقط فى دروسها وامتحاناتها، ويصر على ذلك، ويعدها بأنه بعد انتهاء الامتحانات سيسمح لها بزيارته، ودائمًا ما يخبرها بأن التعليم هو أساس كل شىء، وهو أهم من أى شىء، وأنه لا ينبغى أن تقدم اللعب واللهو على مستقبلها التعليمى.