"تاريخ يتحرك أمامك".. تفاصيل توثيق محمد جمال راشد علم المتاحف وأبرز مفاهيمه
في متاحف مصر، يمكنك أن ترى التاريخ يتحرك أمامك، وتتخيل كيف عاش الأجداد قبلنا، وكيف كانت آثارهم تدل على كل شيء في حياتهم، وكيف كانوا من العباقرة الذين جعلوا الغرب يؤسس علمًا عظيمًا اسمه علم المصريات.
ومن الطبيعي أن تخرج العديد من الكتب لتؤرخ لحالة المتاحف المصرية، نشأتها ومحتوياتها، وأهم ما تميز به كل متحف، وهو ما يوضحه كتاب "علم المتاحف: نشأته وفروعه وأثره"، وهو ما نستعرضه بالتزامن مع اليوم العالمي للمتاحف.
- حراك ونهضة
وفي مستهل كتابه، يرصد محمد جمال راشد، ما تشهده المتاحف المصرية في مصر من حراك ونهضة غير مسبوقة منذ نشأتها قبل قرابة قرنين من الزمن. وكيف أن أهم ما يميز هذا الحراك وتلك النهضة التي تشهدها المتاحف المصرية في العشر سنوات الأخيرة تحديدا، أنها تأتي في صورة تغيير جوهري في دور المتحف تجاه المجتمع، وطريقة تفاعل المتاحف مع المحيط، فضلا عن تزايد ملحوظ في عدد المتحفيين الذين درسوا أو تدربوا في المتاحف الكبرى والمؤسسات المعنية حول العالم.
ــ نشأة علم المتاحف والتعريف به
ويعرف “"راشد" علم المتاحف بأن المقصود به: "دراسة المتحف، وليس بالممارسة العملية والتطبيقية، فعلم المتاحف يختص بدراسة المتاحف ودورها في المجتمع، والأنشطة التي ينخرطون أو يشاركون فيها من الاقتناء، الحفظ، التعليم والتعلم، والإمتاع، وكيف تطورت المتاحف في الإطار المؤسسي وفي دورها التعليمي في ظل التطور السياسي والاجتماعي للمجتمع المحيط والعالمي.
ويلفت إلى أن علم المتاحف يعد علم حديث نتج عن التطور الذي شهدته المتاحف في القرنين الماضيين، ويهدف للارتقاء بالمتاحف ودورها، أي أن نشأة العلم لم تكن معاصرة لنشأة المتاحف الحديثة فيما بين القرنين الـ 15 والـ 17 كما ذهب البعض.
وقد ظهر مصطلح "الدراسات المتحفية"، عندما افتتح "راي سنجلتون"، قسما جديدا في جامعة ليسستر عام 1966، وقد سي القسم الجديد بهذا الاسم، ويذكر أن أقدم البرامج الدراسية للمتاحف والعمل المتحفي، وهي برامج محدودة كانت تركز بصورة أو بأخري علي العمل المتحفي، ولي بالمفهوم الواسع للعلم اليوم.
ــ علم المتاحف الحديث
ويمضي الباحث دكتور محمد جمال راشد موضحا في كتابه “علم المتاحف .. نشأته .. فروعه .. وأثره”: وعلم المتاحف الحديث لم يقلل من أهمية وقيمة المقتني المتخفي بقدر إعلانه لأهمية التوظيف واستخدام المقتني والقيم ذات الصلة به من تراث مادي ولامادي لتقديم قيم وخدمات لصالح المجتمع وتنميته. وبمعني آخر يمكن القول، بزن الاتجاه الحديث لعلم المتاحف أبقي علي وظائف المتحف دون مساس، ولكن ركز بشكل ملحوظ علي ما يقدمه المتحف للمجتمع باعتبار أن المتحف في الأساس لخدمة المجتمع وتنميته.
ويلفت "راشد" إلي أن: لعل الفضل في تطوير علم المتاحف يرجع للعديد من المساهمين في هذا المجال من علماء المتاحف، ممن يتحلون بخبرات مهنية مباشرة في العمل في أو مع المتاحف أو في علاقة أقرب وأكثر حيوية بين العمل المتحفي ( الممارسة والتطبيق)، والعمل الأكاديمي (النظرية). والتي تعد السمة المميزة لتوسيع الدراسات المتحفية اليوم.
ــ مستقبل علم المتاحف
ويذكر الباحث محمد جمال راشد في كتابه "علم المتاحف .. نشأته .. فروعه .. وأثره"، أن اللجنة الدولية للمسيولوجي بالمجلس الدولي للمتحف، احتارت موضوعا للندوة الـ 37 التي عقدت في باريس في الفترة من 5 ــ 9 يونيو 2014، تحت عنوان “فتح اتجاهات جديدة للتفكير حول مستقبل علم المتاحف”.
والتي جاء في سياق توصياتها، إنه وبالتركيز علي الاتجاهات الجديدة في علم المتاحف وجب الاعتراف بأنه وخلال العقود الماضية، قد شهد علم المتاحف تغيرا كبيرا. فلم يشهد العالم تزايد كبير وملحوظ في عدد المتاحف وحسب، بل أن المتاحف قد تغيرت بشكل جذري بعدة طرق، لا سيما طرق الإتاحة وتحقيق التواصل (العلاقة بالنسبة للعرض المتحفي، أو بالنسبة لتطوير المتاحف كوسيلة إتاحة وإعلام)، تحويل أو صناعة التراث، العلاقة بين المتحف وكل ما هو معاصر. ليس هذا فحسب، ولكن أيضا التطور غير المسبوق في نهجها للتواصل مع الجمهور، والذي أصبح محور رئيسي للمتحف في فلسفة علم المتاحف الحديث.