دايرة الرحلة
الحياة ليست سهلة، بل مليئة بالتحديات والمشاكل والصعوبات، وقد نواجه في حياتنا أزمات صحية أو مالية أو عائلية أو اجتماعية أو نفسية، ما يؤثر على سعادتنا ورضانا، ولكن هناك أشياء تهوّن تلك المشقة وهي: «الحب» و«الحنيَّة» و«الاهتمام» و«الأمان».
«مصاعب الحياة» فرص للتغيير، إذ تختبر قدراتنا وإرادتنا وصبرنا وثقتنا بالله ثم أنفسنا، وتعلمنا دروسًا قيمة في الحكمة والشكر والرضا والتفاؤل.. إنها تجعلنا أقوى وأشجع، وكذلك تزيد من قيمتنا وكرامتنا.
لا تجعل «دايرة الرحلة» تمنعك من تحقيق أهدافك وأحلامك، تعامل معها بشجاعة وإيجابية، وانظر إلى الخير في كل شر، والفائدة في كل ضرر.
اليقين بالله سيجعلك تتحمَّل وتدعو وتستمرّ في الدعاء، حتى لو كانت كل الأبواب مُقفلة والظروف ليست مُيسَّرة وكل الأسباب توحي بعكس ما ندعو به، ولكن تبقى على ثقة بأنَّ الله سيصلح كل شيء في الوقت المناسب، لأننا مؤمنون بالله وبقدرته وتدابيره وبقوله تعالى "ومَن يتوكَّل على الله فهو حسبه".. فاللَّهُمَّ آتِنا مع اليقين صبرًا، ومع الحمد شكرًا، ولا تجعلنا ممَّن يُسرفون في القلق، ولكن ممَّن يؤمنون بقدرتك، ويسلّمون لحكمتك، ويطمئنون بجوارك".
ارضِ بقضاء الله واستقبل أقدارك بنفس راضية، استودع اللَّه خططك وأحلامك واستقبل الطريق الذي كتبه اللَّه لكم بهدوء ورضا، وكن على علم بأنه لا يوجد علاج مؤكد لتحقيق الأمنيات أو إزالة الهم غير الدعاء، هو السبيل لتوصيل صوتك للمولى عز وجل.
في رحلة البحث عن «الأمان» قد ننسى أنه مرتبط ارتباطا إلزاميا بمدى ثقتك في الله، «التفكير في المستقبل.. القلق من بشر.. تذكر الماضي بكل تفاصيله» جميعها سيسير بأمر الله وترتيبه.. «اعمل اللي عليك للنهاية وسيب ربنا يدبرها».. صادفتُ مرَّة جُملة عظيمة تقول (أولئك الذين يتركون كل شيء في يد الله سوف يرون في النهاية أيدي الله في كل شيء).. جُملة تُشعرك بالهدوء وتبث في قلبك الرضا والأمان، كما أنَّنا ليس لنا من الأمر شيء فعلاً، مهما خطَّطنا وفكَّرنا، ما علينا إلا السَّعي.
طوال الوقت أشعر أني أود الاعتذار إلى الله؛ إنني أغفل دائمًا عن نعمه، وتأخذني الدنيا في لهوها، حينما يؤلمني قلبي وأتخيل أنه لم يستطع النبض مرة أخرى، فأفزع وأتذكر نعم الله لنا: الرؤية، الشم، التذوق، حتى التنفس نعمة أن تكون بدون أي صعوبة.
"التوكل قوّة؛ ولو جُمعت للمرء أشكال المواساة وألوانها فلن يجد شيئًا يمسح على قلبه ويقوّي أركان طمأنينته مثل تفويض أمره لله واستشعاره أنه في ظلال معيّة الله وأن الله كافيه أمره.. التوكل على الله سبب من أكبر أسباب الاطمئنان والراحة النفسية في الحياة، فالاعتماد على الله راحة، حين يتيقن الإنسان أن الله أكبر منا ومن مشاكلنا وظروفنا مهما كانت، فالإنسان وحده مشتت وقليل الحيلة، إلا أن إحساس الأمان بالله يهون أي شيء وكل شيء، فكرة أن الله هو المنقذ الوحيد في ظلام هذا العالم هي الفكرة الأكثر اطمئنانًا والأكثر أمانًا، فكرة أن الله هو وكيلنا في مشاكلنا التي نستصعبها وهو مدبر كل أمورنا، وأنه سيدبر لنا كل خير".
في فترة ما كان يدور في ذهني سؤال عن أكثر شيء من المفترض أن يتمناه الإنسان، حتى صادفني هذا الاقتباس: «كل ما في هذه الدنيا لا يساوي شيئًا أمام الصحة، الاستقرار الداخلي، طمأنينة القلب، سكينة الروح، راحة البال، النومة الهانئة، فإن أردت أن تسأل الله شيئا فاسأله هذه الرحمة أولًا».. وهنا عرفت الإجابة.
واحدة من أجمل المشاعر على الإطلاق أن تجد شخصًا واحدًا في هذا العالم تستطيع التحدّث معه في أي شيء وأي وقت، أن تخبره بكل شيء دون أن تتجمَّل وأن تفكِّر، أن تحكي له كل أفكارك مهما كانت سخيفة ومخزية ومؤلمة، دون أن تراودك أطياف القلق من تغير نظرته عنك، أن يمنحك القدرة لتحب نفسك.