سوريا.. العودة إلى البيت العربى
بعد قرابة 12 عامًا تعود سوريا إلى مقعدها في جامعة الدول العربية، فقد كانت سنوات سوداء لم يحصد فيها السوريون سوى الألم والحسرة وإما الموت بطلقات الرصاص أو غرقًا في مياه البحار، وترك مصيرهم لصراعات القوى الكبرى والإقليمية وجماعات التطرف والإرهاب.
قرار وزراء الخارجية العرب، خلال اجتماعهم الاستثنائي في مقر الجامعة بالقاهرة في السابع من مايو 2023، بعد طول انتظار فقد تأخر كثيرًا، فلم يتضرر السوريون وحدهم من خروج بلدهم من بيت العرب بل دول المنطقة برمتها، فقد زادت وتيرة التدخلات الأجنبية ومعها الميليشيات والجماعات الإرهابية التي أحرقت بنيرانها ومؤامرتها الجميع.
الدول العربية أدركت بعد تأخر كبير خطورة الأمر لتحاول تصحيح جزء مما خلفته هذه الكارثة وغيرها وترك العديد من ملفات المنطقة في يد الغير الذي لا يبحث إلا عن مصالحه وتحقيق أطماعه على جثث وأحلام الأبرياء من أبناء المنطقة.
قرار عودة سوريا للجامعة جاء من خلال مقاربة تنفيذية وفق منهجية "خطوة مقابل خطوة"، بحسب ما أعلن، فالجامعة لم تغفل ما أصاب السوريين سواء في الداخل أو الخارج، فكان لا بد من الاتفاق مع الحكومة السورية على إنهاء معاناتهم وحل تبعات الأزمة الإنسانية والسياسية والأمنية، فالجامعة أوجدتها الشعوب العربية لتعمل لصالحهم وتحميهم ليس فقط من الخارج لكن من انحرافات وانقسامات الداخل.
وزير الخارجية، سامح شكري، وخلال كلمته في الاجتماع الاستثنائي الذي ترأسته مصر، وضع الجميع أمام المسئولية، فالكل مطالب بالحل سواء السوريين ذاتهم أو دول المنطقة، كما أنه أكد على ضرورة الالتزام بالمبدأ الراسخ والأساسي وهو "الحلول العربية للقضايا العربية" بعيدًا عن التعقيدات الدولية والإقليمية، وهذا المبدأ إن تم العمل به فستحل مشاكل الدول العربية دون دماء أو خسائر أو انحرافات.
عودة سوريا للجامعة تعتبر أيضًا انتصارًا لمفهوم "الدولة الوطنية"، فلا بديل عنها لرعاية شعبها وحماية وطن آمن يسع الجميع دون إقصاء، فالدولة لن تبقى بدون حفظ وحماية كرامة شعبها، كذلك الشعوب قد تندثر حضارتها إن لم توجد دولة قوية قادرة على حفظ تاريخها بل والإضافة إليه، فأبناء المنطقة ما زالت حضارتهم شامخة منذ آلاف السنين وكانت تنتظر من أبنائها الإضافة إليها وليس تدميرها سواء عن قصد أو جهل.
رسالة أخيرة لدول المنطقة التي انخرطت عن قصد أو جهل في بعض أزمات المنطقة مثل سوريا، هؤلاء عليهم أن يدركوا أن دولنا بوابات لحماية شعوب المنطقة فأيما بوابة منها سقطت فستتبعها الأخرى ولن تبقى بوابة أو حصن يحمي شعوب وحضارات أمتنا ودولنا.