البابا يستقبل أعضاء اللجنة الحبرية المعنية بحماية القاصرين
استقبل البابا فرنسيس بابا الفاتيكان، صباح اليوم، في الفاتيكان أعضاء اللجنة الحبرية المعنية بحماية القاصرين ووجه لضيوفه خطاباً أكد خلاله أن ثقافة الحماية تتحقق فقط عندما يحصل ارتداد رعوي وسط المسؤولين.
عبر البابا في مستهل كلمته عن سروره للقاء ضيوفه ورحب بأعضاء اللجنة الحبرية الجدد، شاكراً من يتابعون خدمتهم في هذا المجال والفرق التي تتعاون معهم والقادمة من مختلف أنحاء العالم. وأشار فرنسيس إلى أن هذا هو اللقاء الأول من نوعه مذ أن أبصرت اللجنة النور، مذكرا بأن المشروع بدأ لعشر سنوات خلت، عندما أوصى مجلس الكرادلة بتشكيل هذه اللجنة. وقال إننا تعلمنا أموراً كثيرة خلال العقد المنصرم.
بعدها توقف البابا عند التعديات الجنسية على القاصرين والممارسة من قبل رجال الدين، لافتا إلى أن هذه الآفة وسوء إدارتها هما من بين أكبر التحديات التي تواجهها الكنيسة في زماننا الراهن. وذكّر بأن الحروب والمجاعات واللامبالاة حيال المتألمين في عالمنا هي مآس ترفع صرخة نحو السماء، بيد أن أزمة التعديات الجنسية تؤذي الكنيسة الكاثوليكية لأنها تنال من قدرتها على معانقة الحضور المحرّر لله وعلى أن تكون شاهدة له. وقال إنه في صلاة الاعتراف لا نطلب من الله المغفرة على الذنوب التي ارتكبناها وحسب إنما أيضا على الخير الذي لم نفعله.
وأكد البابا أن تقاعس قادة الكنيسة عن القيام بواجبهم في هذا الإطار سبب حجر عثرة للكثيرين، وخلال السنوات الماضية حصل وعي حيال هذه المشكلة وسط الجماعة المسيحية بأسرها. ومع ذلك لفت الحبر الأعظم إلى أن الكنيسة لم تلزم الصمت، مذكراً بالإرادة الرسولية التي أصدرها بهذا الشأن بعنوان "أنتم نور العالم"، والتي تنص على جمع الشكاوى والاعتناء بالأشخاص الذين يقولون إنهم وقعوا ضحية تلك الانتهاكات. ومما لا شك فيه أن هناك الكثير من الأمور التي يمكن أن تُحسن استنادا إلى الخبرات المكتسبة وبالتعاون مع المجالس الأسقفية ومع الأساقفة منفردين.
وتابع: إننا مدعوون اليوم لنتذكّر القدرة الخلاقة لله، التي باستطاعتها أن تخلق الأمل وسط اليأس والحياة وسط الموت، لأن الله قادر على إعطاء حياة للعظام الجافة. لذا لا بد من مد اليد للآخرين، على الرغم من كل الصعوبات، والسعي إلى بث الثقة في قلوب من نلتقي بهم، والذين يتقاسمون معنا هذه القضية المشتركة. وأضاف البابا أن التعديات الجنسية ولدت جراحاً في عالمنا، لا داخل الكنيسة وحسب، خصوصا وأن هذه الممارسات تترك بصمة في حياة الضحايا لسنوات طويلة. لكن ينبغي أن نتذكر أن الحياة الإيمانية تصل عالمنا هذا بالعالم الآتي. فحيث انكسرت الحياة يجب أن نساهم في العمل على استعادتها.
بعدها ذكّر البابا باللقاء الذي عقده مع مجموعة من ضحايا تلك التعديات، وكانوا جميعاً أشخاصا متقدمين في السن، عبروا عن رغبتهم في أن يعيشوا آخر سنوات حياتهم بسلام. وهذا السلام بالنسبة لهم يعني استعادة علاقتهم مع الكنيسة التي أساءت إليهم. بحثوا عمن يصغي إليهم ويساعدهم على أن يفهموا ماذا حصل. وشدد البابا في هذا السياق على أن طريق الشفاء هي درب صليب المسيح، ودرب الخلاص.
تابع البابا خطابه إلى أعضاء اللجنة الحبرية المعنية بحماية القاصرين مشجعاً ضيوفه على مساعدة بعضهم البعض، بدون تذمر، مدركين أن زمن الشفاء هذا سيترك فسحة لمرحلة جديدة في تاريخ الخلاص، لافتا إلى أن الله الحيّ ما يزال يمنح النعم والبركات، وأن آثار الآلام بقيت في جسد الرب القائم من الموت كعلامات للرحمة والتغيّر. والزمن الفصحي هذا يشكل بالنسبة لنا علامة لبداية مرحلة جديدة، وربيع جديد يغذيه العمل والدموع التي نتقاسمها مع من تألموا.
وبعد أن أشار إلى الجهود التي يبذلها ضيوفه من أجل معالجة هذه الآفة، ذكّر البابا الحاضرين بأهمية احترام كرامة الجميع، ومبادئ السلوك الحسن، وبعيش نمط حياة سليم، بغض النظر عن ثقافة الأشخاص وأوضاعهم الاقتصادية والاجتماعية. وقال إن خدام الكنيسة مدعوون إلى خدمة المؤمنين، الذين يستأهلون أن يعاملوا باحترام وكرامة، مؤكدا أن ثقافة الحماية تتحقق فقط عندما يحصل ارتداد رعوي وسط المسؤولين.