التشكيك فى جمال كليوباترا.. لماذا يعاد "النبش" فى معركة قديمة بصورة جديدة؟
أثار الإعلان الترويجي للمسلسل الوثائقي "كليوباترا"، المزمع عرضه على منصة "نتفليكس"، استياءً واسعًا في الأوساط الفنية المصرية لما تضمنه من تشويه لصورة الملكة كليوباترا التي عرفت بجمالها الآسر والخلّاب، والتي يُظهرها الإعلان إفريقية سوداء في صورة تنافي ما يعرفه العالم عمومًا والمصريون خصوصًا عن الأصول اليونانية للملكة ما ينفي عنها أن تكون من ذوات البشرة السوداء.
وأشار الناشطون على وسائل التواصل إلى أن العمل يسعى لتشويه الحضارة المصرية القديمة بالترويج لمزاعم "الأفروسنتريزم" التي تسعى لإثبات أن الحضارة المصرية أصلها إفريقي، وهو ما عدّه كثيرون تشويهًا لتاريخ مصر ومحاولة لسرقته.
التشكيك فى جمال كليوباترا
ليست هذه المرة الأولى التي تقدم فيها أفكار مغلوطة عن الملكة كليوباترا، فقبل سنوات وتحديدًا في العام 2001، سعى فريق من الباحثين في الآثار والمتاحف ببريطانيا إلى التشكيك في جمال الملكة كليوباترا السابعة إحدى أشهر ملكات مصر في العصور القديمة.
واتهم العلماء كليوباترا بالدمامة والبدانة وقصر القامة بالاستناد إلى عملة تنسب إلى عصرها تصورها قبيحة الهيئة، فقالوا إن الفنان المصري قد جامل ملكته المحبوبة وأظهرها جميلة بخلاف الواقع عندما رسم صورها ونحت تماثيلها.
وقالت مسئولة العرض الذي أقيم في المتحف البريطاني آنذاك؛ سوزان ووكر إن جمال كليوباترا المفترض أسطورة لا تستند إلى شيء ونشرت صحيفة صنداي تايمز البريطانية صورة متخيلة للملكة كليوباترا تظهرها على أن قامتها لا تزيد على 150 سم مع ميل للبدانة وأسنان غير منتظمة.
وسعى تحقيق نشرته مجلة "المصور" في 20 أبريل 2001 إلى الرد عن هذه المزاعم والدفاع عن جمال كليوباترا الذي حاول فريق من الباحثين البريطانيين التشكيك فيه.
وأشار التحقيق إلى أن جمال كليوباترا لعب الدور الحاسم في سياسة صاحبته، بل كان السلاح الماضي لها في الدفاع عن مصر في مواجهة الأطماع الرومانية المتصاعدة بعد أن ضغف سلاح السياسة والحرب وتهاوت أركان دولة البطالمة.
لا يوجد فى جمالها
ونقل ما قاله الرحالة والكاتب اليوناني بلوتارخ الذي زار مصر في تلك الحقبة وألف عنها كتابا مهما تحدث عن جمال كليوباترا بقوله لا يوجد في جمالها ما يباريه من جمال النساء، وأن الأبحاث تظهر أن كليوباترا كانت ترتدي دائما زي إيزيس.
وفي مذكرات بلوتارخ وصف تفصيلي لمظهرها في مقابلتها الأولى لمارك أنطونيو فقد سافر إليها عبر النهر في سفينة ذهبية فيما كانت مستلقية على ظهرها تحت مظلة من قماش ذهبي ترتدي زي فينوس.
ووفقا لما سرده المؤرخون فإن كليوباترا كتبت أوراقا في فن التجميل وتراكيب كيميائية تنسب إليها وحدها.
ونقل التحقيق عن عميد الدراسات البطلمية في مصر فؤاد نصحي ما ذكره في كتابه "تاريخ مصر في عصر البطالمة" عن جمال كليوباترا السابعة، إذ قال إن كليوباترا كانت تشبه الملكات والأميرات المقدونيات من حيث قوة الإرادة والتعطش للحكم والكبرياء مع شهامة لم تخل من العظمة، كما أنها جمعت إلى نشاط الرجال وقوتهم جمال الجسم وصفاء الذهن وزلاقة اللسان أي اللياقة في الخطابة.
ولفت إلى أن صورتها على النقود تؤكد ذلك، وسر فتنتها الفتاكة التي أسرت يوليوس قيصر وماركوس أنطونيوس، حيث كان لها رقة أخاذة وعذوبة مغرية في الحديث ورخامة صوت ودلال في النغم وإتقان تام لفن استهواء من تريد اكتسابهم حتى دعت نفسها إيزيس الحديدة في جمالها وبهائها.