بر الأمان.. مصر تفتح ذراعيها للفارين من جحيم حرب السودان
أدى تفاقم الأوضاع الأمنية في السودان والاشتباكات بين الجيش وقوات الدعم السريع إلى لجوء عدد من المدنيين السودانيين تجاه مصر في الوقت الذي سارع فيه أهالي أسوان إلى فتح منازلهم لاستقبال إخوانهم السودانيين وتقديم الدعم لهم، لحين توفيق أوضاعهم داخل البلاد.
ويدور قتال عنيف في السودان منذ منتصف أبريل الجاري، بين الجيش وقوات الدعم السريع وأفاد السكان باستمرار إطلاق النار في العاصمة الخرطوم، مع اندلاع القتال أيضًا، في مدن أخرى بجميع أنحاء البلاد.
ويرى الحقوقي السوداني أبوذر المنا، أن العلاقات بين البلدين الشقيقين هي من المسلمات الأزلية التي لا تقبل الفصل على كافة نواحيها التاريخية والإنسانية، والتي قامت وتقوم عليها منذ الأزل الكثير من المصالح المصيرية المشتركة، والعلاقات الودية بين الشعبين، لذلك أصبحت مصر والسودان يضرب بهما المثل في التقارب والتواصل والتراحم ورعاية مصالح الشعبين.
وقال المنا، لـ"الدستور"، مصر والسودان نصفان لكيان واحد، وتتجلى هذه الحقيقة في كل المنعطفات والتحديات التاريخية التي مرت على كليهما، فدائمًا ما نجد كامل الدعم والإسناد من الشق الآخر، وهذا شأن في تقديري يجب أن يكون أحد الواجبات التي تضمّن في دساتير الدولتين.
أضاف الخبير السوداني: "هذا يجيب على السؤال المبدئي إن اقتضت الضرورة مجموعة من سكان السودان للنزوح لأي سبب من أسباب الكوارث والملمات لماذا يتجهون شمالًا نحو مصر دونًا عن ثماني دول جارة أخرى؟ ويعلم بل ويشعر السودانيون دون غيرهم أنهم لم يغادروا ديارهم حينما يذهبون إلى مصر، وكذلك المواطن المصري لا يشعر بغير ذلك في السودان، ولا أهل السودان يشعرون بغير ذلك.
أشار إلى أن قدر مصر التاريخي هو دورها القيادي كمركز قيادة استراتيجي لحفظ اتزان أوضاع الأمة العربية وتلقي الصدمات الأولى عنها، كما يحدثنا التاريخ، وساهمت القيادة السياسية على الحفاظ على هذا الدور، ولم يكن لهذا الدور أن ينجح ولا العبء أن يحتمل لولا اتساق الموقف والمزاج الشعبي المصري، مع الموقف الرسمي، وهذا ألقى عن كاهل الكثير من الشعوب العربية التي عانت من ويلات الصراعات واهتزت أوضاعها الكثير مما كان يصعب تحمله، لو أنها قصدت مهاجر أخرى.
تابع "شكرًا" لا تكفي للشعب والحكومة المصرية عما قدمته للشعب العربي في سوريا واليمن، وبقية الشعوب العربية الأخرى، التي تتقاسم مع الشعب المصري حتى ابتسامته.
ونوه بأن ما يعلمه الكثيرون والغالية العظمى من السودانيين، أن هناك مؤامرة مستمرة لإضعاف التضامن العربي، واستهداف دوله فرادى، دولة إثر دولة، وكانت أصعب الحلقات هي حلقة مصر والسودان، وعلى الرغم من تسخير بعض الدول أموالًا طائلة لنشر دعاوى الكراهية بين الشعبين المصري والسوداني للاستفراد بهما، إلا أنها واجهت تصديًا صلبًا من أبناء الشعبين، وهناك قلة من المستهدفين والذين تربطهم بعض الدوافع الشخصية قدمت نفسها فريسة لمثل هذه الدعايات.