«ن النسوة» على الشاشة
موسم دراما قوى ومتنوع استمتعنا به خلال شهر رمضان الماضى، مسلسلات متعددة القصص والأحداث جذبتنا منذ الليالى الأولى، ومثلت المرأة وقضاياها محورًا رئيسيًا خلالها، عبر التطرق بشكل مفصل إلى كفاحهن وتحدياتهن اليومية فى مختلف البيئات المجتمعية. وفى كل قصة عُرضت تجد أنها كانت تحاوطك لإحداهن من قبل، والمفاجأة أنها جرت مناقشتها بشكل واقعى دون أن تخل بها «الحبكة الدرامية».
من بين هذه المسلسلات «تحت الوصاية»، الذى يعد مثالًا جليًا نفتخر به ونمتن له، لمناقشته مأساة «قانون الوصاية» بشكل صريح ومباشر، من خلال قصة كفاح الأم «حنان» (منى زكى) ودفاعها عن «حقها الفطرى» فى رعاية أبنائها بعد وفاة زوجها، بعد أن غيَّر «القانون وبس» هذا الحق.
وجاءت نهاية المسلسل واقعية للغاية: صدمة أم بعد سجنها لتصرفها فى أموال أولادها القصّر، رغم نجاحها فى تأمين كسب عيشهم بالحلال، وصعقة أطفال فارقوا أباهم بالموت، وعاصروا مشكلات أكبر منهم، وفى النهاية وضع السجن بينهم وبين أمهم سورًا يحرمهم حنانها، كأن فقد رب الأسرة ليس بكافٍ عليهم، وهو مشهد متكرر، بل ومعتاد فى المحاكم المختصة.
التصوير الواقعى نجح فى تعزيز الوعى المجتمعى والتفاعل مع هذه القضية، فمؤكد أن معظمنا لم يكن على دراية بقسوة ذلك القانون، وهو ما دفع إلى تحرك نائبين برلمانيين فى ذلك الاتجاه مع وزارة العدل، بجانب الاهتمام الواضح بين الشباب على «السوشيال ميديا» بضرورة النظر إلى ذلك القانون العتيق، وجعله يناسب أوضاع «الألفية التالتة».
كما تمحور مسلسل «حضرة العمدة» (روبى) حول قدرة المرأة على قيادة المجتمع، وكيف يمكنها التعامل مع التحديات والصعوبات التى تواجهها، وسط مختلف الطبقات الاجتماعية والعقبات.
ودافع المسلسل كذلك عن قضايا مثل ضرورة منع ختان الإناث وزواج القُصر، والتصدى لجريمة الابتزاز الإلكترونى، وغيرها من القضايا المثيرة للجدل وتؤثر على الأسر ومن ثم المجتمع، والتى تمكن «حضرة العمدة» من التصدى لها، وتصحيحها.
وبجرأة واضحة ناقش مسلسل «عملة نادرة»، بطولة نيللى كريم، قضية حرمان المرأة من الميراث فى الصعيد، والتى رغم إحداثها جدلًا واسعًا، فإن العمل الدرامى عمد إلى تشريحها عن قرب، ومعالجتها لتأكيد حق المرأة الشرعى والقانونى فيما يخص «الورث».
من الجوانب المهمة لتلك المسلسلات تأثيرها على المجتمع والثقافة، فمثل هذه القضايا المهمة والحساسة كان نادرًا ما يتم تناولها بطريقة واضحة وصريحة، ما يحفز النقاش والحوار وتعزيز الوعى العام حولها.
وحتى فى مسلسل «جعفر العمدة»، الذى يدور حول قصة أب يبحث عن ابنه لمدة ١٩ عامًا، تم التطرق إلى قضية تعدد الزوجات، بعد أن يتزوج هذا الأب ٤ سيدات، ثم تظهر الأحداث أن هذا يكون فيه ظلم واضح للمرأة، ويشدد فى النهاية على أن الأصل فى الزواج هو واحدة فقط، تسكن إليه ويسكن إليها.
ويحسب للشركة المتحدة للخدمات الإعلامية أنها اهتمت بأن يكون لـ«هن» نصيب كبير فى خريطة الأعمال الدرامية خلال الموسم الرمضانى، وأن تتناول مسلسلاتها العديد من قضايا المرأة، والتى تعد من أهم القضايا الاجتماعية، وسط اهتمامها البالغ بإبراز هذه القضايا وتسليط الضوء عليها والتوعية بها.
ونجحت «المتحدة» فى إتاحة فرص مهمة لمناقشة هذه القضايا بطريقة موضوعية ومتزنة، وهو ما يسهم بلا شك فى تعزيز الوعى بها، والأهم هو أن هذه المسلسلات دفعت إلى العمل على حل هذه القضايا، وتحسين حياة المرأة وتقدير كفاحها فى رحلة الحياة.