"أسبوع الآلام".. نائب بطريرك الكاثوليك: عيد القيامة من أقدس الأيام
- عهد الرئيس السيسى يمثل طفرة فى حقوق المواطنة والمساواة بين الجميع
- حصلنا على تصاريح لبناء دور عبادة فى كل المدن الجديدة على مستوى الجمهورية
- نحرص على مشاركة فرحة العيد مع المسجونين والمشردين والأيتام والفقراء
قال الأنبا باخوم، المتحدث الرسمى والنائب البطريركى لشئون الكنيسة القبطية الكاثوليكية، إن بابا الفاتيكان، البابا فرنسيس، يرى أن مصر كانت ملجأً للمسيح، وما زال لها هذا الدور، وستبقى المكان الذى يجد فيه الكثيرون الأمن والأمان على مدار العصور.
وأشاد المتحدث الرسمى والنائب البطريركى لشئون الكنيسة القبطية الكاثوليكية، فى حواره مع «الدستور»، بما يشهده عهد الرئيس عبدالفتاح السيسى من طفرة فى حقوق المواطنة والمساواة بين الجميع.
كما تحدث عن الصوم لدى الكاثوليك، واحتفالهم بالأعياد، والتعاون والتنسيق الجارى مع الكنيسة القبطية الأرثوذكسية فى كثير من الملفات، على رأسها قانون الأحوال الشخصية الموحد للأقباط.
■ ونحن على أعتاب عيد القيامة.. كيف تستعدون لهذه الأيام المقدسة فى الكنيسة الكاثوليكية؟ وهل توجد مراسم وطقوس خاصة بالكنيسة فى «أسبوع الآلام» بصفة عامة؟
- «أسبوع الآلام» وعيد القيامة من أقدس أيام السنة، ننتظرها من العام إلى العام. ونحن نستعد لهذه الأيام المقدسة من خلال الصوم على مدار ٤٠ يومًا كاملة، نشارك فيها السيد المسيح الذى صام ٤٠ يومًا على الجبل.
ولدينا فى «أسبوع الآلام» طقوس وصلوات خاصة، مثل «مراحل درب الصليب»، الذى يجمع أهم محطات أحداث الليلة الأخيرة للسيد المسيح ويوم الصلب، بدءًا من القبض على السيد المسيح، وجلسات محاكمته أمام اليهود والرومان، ثم جلده وتنفيذ حكم الصلب عليه، وفقًا لعقيدتنا المسيحية.
وعلى مدار صوم الـ٤٠ يومًا نواظب على القداس اليومى، والتدريبات والرياضات الروحية، التى تُختتم بـ«جمعة ختام الصوم»، ثم «أسبوع الآلام» و«البصخات»، والأخيرة عبارة عن عدة صلوات رتبتها الكنيسة خصيصًا لأيام «أسبوع الآلام»، لقراءة نبوات أنبياء العهد القديم، والتأمل فى حياة ورسالة السيد المسيح على الأرض.
كما أن هناك مراسم خاصة خلال القداسات، خاصة المتعلقة بـ«أحد الشعانين»، وهو ذكرى دخول السيد المسيح إلى أورشليم قبل أيام من صلبه، حيث استقبلته الجماهير وحيوه بسعف النخيل، وفرشوا القمصان على الطريق كما يستقبلون الملوك. وفى هذا اليوم يأتى المصلون كبارًا وأطفالًا إلى الكنائس حاملين الزعف فرحين ومحتفلين. ويكون قداس «أحد الشعانين» احتفاليًا، نقرأ فيه الإنجيل بحسب ما رواه الأربعة الإنجيليون الذين وصفوا ما حدث فى هذا اليوم بالتفصيل.
وتتشارك الكنائس الكاثوليكية فى العالم أجمع مثل هذه الطقوس والمراسم خلال هذه الأيام المقدسة.
■ ما الذى تتضمنه خريطة الأصوام فى الكنيسة الكاثوليكية على مدار العام؟
- أولًا الصوم فى الكنيسة القبطية الكاثوليكية هدفه الرئيسى التوبة والتقرب إلى الله، ويكون فى صورة الامتناع عن أكل منتجات الألبان والبيض واللحوم بأنواعها ما عدا الأسماك.
ثانيًا، نحن نصوم ١٥ يومًا قبل عيد الميلاد الذى يوافق ٢٥ ديسمبر من كل عام، ونصوم ٤٠ يومًا يليها «أسبوع الآلام»، الذى يأتى قبل عيد القيامة ويختلف تاريخه من عام إلى آخر، وأيضًا نصوم ٧ أيام قبل عيد الرسولين بطرس وبولس فى ٢٩ يونيو، بالإضافة إلى ١٥ يومًا قبل عيد انتقال السيدة العذراء مريم إلى السماء فى ١٥ أغسطس، إلى جانب الصوم كل أيام الجمعة على مدار السنة، فيما عدا أيام الجمعة التى تقع فى الخمسين يومًا التالية لعيد القيامة، وذلك لابتهالنا بهذا العيد المقدس.
ثالثًا، فى بعض المناسبات نصوم صومًا انقطاعيًا، حيث نمتنع عن الأكل والشرب نهائيًا من الثانية عشرة منتصف الليل حتى ظهر اليوم التالى، وذلك فى اليوم الذى يسبق عيد الميلاد، وعيد الغطاس، وأسبوع الآلام كاملًا، وأيضًا ٣ أيام نصومها كما صام يونان النبى فى جوف الحوت.
رابعًا، عند وجود عذر يمنع أحد المؤمنين من الالتزام بواجب الصوم أو الصوم الانقطاعى، عليه أن يرجع للأب الراعى أو أب الاعتراف، للاسترشاد برأيه والعمل بتوجيهاته.
■ كيف تهتم الكنيسة الكاثوليكية بالفئات المهمشة فى الأعياد، مثل السجناء والمشردين والفقراء والأيتام والمسنين؟
- إيمان الكنيسة الكاثوليكية يتجسد فى خدمة الآخر خاصة الأكثر احتياجًا. لذا نهتم اهتمامًا خاصًا بخدمة هذه الفئات جميعها، حتى إن الكنائس المسيحية تسمى جميع المحتاجين «إخوة الرب»، لأن السيد المسيح نفسه أسماهم هكذا، وأوصانا بخدمة كل محتاج كى يكون لنا نصيب فى الحياة الأبدية.
وتوفر الكنيسة الكاثوليكية بعض الاحتياجات المادية للفقراء، وأيضًا زيارة المسجونين من خلال لجنة مخصصة لهذا الشأن، علاوة على زيارة عائلاتهم وتوفير احتياجاتهم، خاصةً فى الأعياد. أيضًا نخدم الأيتام، ونهتم بأن نفتقد كل بيوت رعاية الأيتام لتوفير الملابس والاحتياجات للعيد. ونفعل الأمر ذاته مع المسنين.
■ فى ظل الأزمة الاقتصادية العالمية الحالية، كيف ترى دور الكنيسة الكاثوليكية فى العمل التنموى وخدمة المجتمع؟
- العمل التنموى فى الكنيسة هو جزء أساسى من رسالتها وخدمتها. فالكنيسة تهتم بالإنسان، كل الإنسان وكل إنسان، وأعنى هنا بكل الإنسان، كل احتياجات وجوانب النفس البشرية، أما كل إنسان فأعنى بها جميع البشر دون تفرقة على أساس الدين أو العرق أو النوع أو غيره.
والتنمية هى عمل تشترك فيه كل الجهات للارتقاء بأحوال كل المواطنين. ومن هذا المنظور ترى الكنيسة القبطية الكاثوليكية دورها فى إنشاء الجهات الخدمية مثل الجمعيات والمدارس والمستشفيات فى كل أنحاء الوطن، وأيضًا إطلاق برامج للتوعية، وتمكين المرأة والشباب من خلال دورات خاصة لتأهيلهم لسوق العمل وكسب المهارات، بالإضافة إلى برامج مساعدة الفقراء، ومحو الأمية، وغيرها الكثير.
■ على ضوء التوسعات العمرانية التى تنفذها الدولة فى أنحاء مصر كلها، هل حصلتم على تصاريح لبناء كنائس جديدة فى تلك الأماكن؟
- فى الحقيقة نحن نعيش عصرًا متميزًا فيما يخص المواطنة والمساواة بين الجميع فى الحقوق دون تفرقة، وهذا بفضل الفكر المستنير الذى تتبناه الدولة فى عهد الرئيس السيسى. وترجمة هذا على أرض الواقع تتجسد فى كثير من النواحى، أبرزها منح جميع الطوائف الحق فى بناء دور العبادة الخاصة بهم حسب احتياج أتباعها.
فالكنيسة القبطية الكاثوليكية على سبيل المثال حصلت على عدة تصاريح لبناء دور عبادة فى المدن الجديدة المنتشرة فى جميع أنحاء الوطن، مثل: القاهرة الجديدة، والعاصمة الإدارية الجديدة، والعبور، وأسيوط الجديدة، والمنيا الجديدة، وكذلك فى الأقصر وأسوان.
■ بمناسبة مرور ١٠ سنوات على اختيار البابا فرنسيس بابا للفاتيكان، ما أهم الملامح التى تميز فترته؟ وكيف يرى مصر فى عهد السيسى؟
- حبرية البابا فرنسيس تتميز حقًا بالبساطة والشفافية والانفتاح والحوار. والبابا فرنسيس يرى أن مصر كانت ملجأً للمسيح، وما زال لها هذا الدور، وتبقى المكان الذى يجد فيه الكثيرون الأمن والأمان. ومصر فى عهد السيسى تشهد خطوات جادة للتنمية، لكن المسيرة شاقة وتحتاج للمزيد من العمل الدءوب.
■ كيف رأيتم وضع بابا الفاتيكان «مسار العائلة المقدسة فى مصر» ضمن مسارات الحج المسيحى فى العالم؟
- تنظر دولة الفاتيكان وعلى رأسها البابا فرنسيس إلى الدولة المصرية، قيادةً وشعبًا، نظرة مملوءة بالاحترام والتقدير. وليس أدل على هذا أكثر من زيارة البابا فرنسيس إلى مصر فى عام ٢٠١٨، التى شهدت تقاربًا بين الدولتين فى كثير من المجالات، من أهمها السعى لإدراك «مسار رحلة العائلة المقدسة فى مصر» ضمن خريطة مسارات الحج المسيحى حول العالم.
والفاتيكان يقدر للغاية جهود الدولة المصرية لتأهيل كل المواقع الأثرية على طول المسار، لاستقبال الحجاج المسيحيين والسياح من كل الجنسيات والأديان، لتتبع خطوات السيد المسيح، الذى لجأ إلى مصر وهو رضيع مع أمه السيدة العذراء مريم وخطيبها يوسف النجار. واعتراف الفاتيكان بهذا المسار يُجسد الثقة فى قدرات الجهات الرسمية والشعبية فى مصر على كل المستويات.
■ ما أبرز ملامح الاهتمام بقضايا الأسرة وتربية الأطفال فى الكنيسة الكاثوليكية؟
- الأسرة هى نواة المجتمع وأساسه، هى الحاضر والمستقبل؛ لذا نولى لها أهمية خاصة من خلال التربية الكنسية، بجانب المدارس الكاثوليكية والحضانات، وأيضًا من خلال اللقاءات الروحية والرعوية والتنموية للأسر بجميع فئاتها العمرية وظروفها المختلفة.
■ كيف تتعاملون مع الأزمات الزوجية والأسر المهددة بالانفصال، خاصة أن الكنيسة الكاثوليكية لا تسمح بالطلاق؟
- توجد فى الكنيسة القبطية الكاثوليكية لجنة خاصة للمشورة الأسرية، تضم العديد من المتخصصين الذين يسعون لإنجاح العلاقات الزوجية، ودراسة الحالات التى تواجه تحديات خاصة ومعالجتها قبل أن تصل لقرار الانفصال، فى ظل أن الكنيسة لا تعترف بالطلاق، لكن قد تؤكد بطلان الزواج.
■ ما الفارق بين «الانفصال» و«بطلان الزواج» و«الطلاق»؟
- «الانفصال» هو قطع علاقة موجودة بالفعل بين زوجين فى ظل زيجة صحيحة، لكن وجدت العلاقة صعوبات للاستمرار بشكل طبيعى بعد ذلك. فيوجد أزواج منفصلون وهم يعيشون تحت سقف بيت واحد من أجل حياة أولادهم، ويوجد أزواج منفصلون وبعد فترة يزول الخلاف وتعود الحياة الزوجية بينهم لتستمر بشكل طبيعى.
بينما «البطلان» هو إعلان أن الزواج من الأصل لم يكن، وذلك لغياب عنصر من العناصر الأساسية الجوهرية اللازمة لإتمام الزواج، مثل عنصر الرضا لدى الزوجين، فدونه تعتبر الزيجة باطلة من الأصل وكأنها لم تكن. وأيضًا من أمثلة غياب العناصر الجوهرية وجود موانع تعوق إتمام الزواج، مثل توافر الصحة النفسية والجنسية اللازمة لإنجاح العلاقات الزوجية.
■ كيف ترى التحديات فى منطقة الشرق الأوسط أمام تحقيق التعايش الحقيقى بين أتباع الديانات المختلفة؟
- شهدت منطقة الشرق الأوسط على مدار العقدين الماضيين أحداثًا عديدة، نتجت عنها ظروف أمنية واقتصادية واجتماعية صعبة، لذلك رأينا فى العديد من البلدان أمواجًا من الهجرات الرسمية وغير الرسمية، لشعور الفئات التى تعانى تلك الظروف بالخطر والوصول إلى طريق مسدود، ولتطلعها إلى حياة أفضل فى أماكن لا تفرق بين البشر حسب الدين والعرق والنوع.
وللأسف يتم تفريغ الشرق الأوسط من تركيبته السكانية التى تضمن التنوع العقائدى والثقافى بين شعوبه. ومن هنا يأتى دور الكنيسة الكاثوليكية للتعاون مع كل المؤسسات السياسية والاجتماعية لمواجهة هذا الأمر، وإعلاء قيمة التعايش بين الجميع على أساس المواطنة والمساواة فى الحقوق والواجبات، وهو الأمر الذى تتميز به مصر عن دول المنطقة كلها.
■ ما أهم القضايا التى يضعها البطريرك الأنبا إبراهيم إسحق على رأس أجندة أولوياته؟
- يهتم الأنبا إبراهيم إسحق، بطريرك الكنيسة القبطية الكاثوليكية، بكل القضايا التى تسهم فى بناء الإنسان حسب مسرة قلب الله، وعلى رأس هذه القضايا ما يخص الحياة الروحية للكنيسة، ودورها التنموى فى المجتمع، وخدمة المجتمع بكامل أطيافه، الأسرة والشباب والتربية، وغيرها.
■ إذن.. ما آخر تطورات قانون الأحوال الشخصية لغير المسلمين فى إطار هذا التعاون؟
- بفضل التفاهم المشترك بين الكنائس، وفى ظل المناخ غير المسبوق الذى تتيحه الدولة حاليًا، تمكنا من الوصول لمشروع القانون المتوافق عليه من قبل كل الطوائف، والذى يترك المجال لكل طائفة حسب قوانينها الكنسية، وبالتالى كل طائفة تعبر عن عقيدتها فى هذا القانون. وقد احترمت اللجنة هذا الأمر، وسيوجد أبواب أو مواد تخص كل كنيسة. ونحن حاليًا ننتظر عرضه على باقى المجالس المختصة لأخذ الآراء، بعد الانتهاء من وضعه من قبل الكنائس واعتماده من اللجنة ذات الشأن.
■ كيف ترون المشروعات القومية الكبرى التى تنفذها الدولة على مدار السنوات الماضية خاصة فى مجال البنية التحتية والتنمية العمرانية؟
- جميع هذه المشروعات حملت البلاد لمسيرة جادة نحو التقدم، لكن أزمة وباء فيروس «كورونا المستجد»، وأزمة الحرب الروسية الأوكرانية وتداعياتها الاقتصادية الخطيرة على سائر دول العالم، جعلت العبء الاقتصادى لا يجعل المواطن البسيط يشعر بثمار هذه المشروعات.