تجديد الخطاب الدينى ع الفيسبوك!
تطورت مظاهر التقرب إلى الله في شهر رمضان الكريم ولم تتوقف عند أبواب المساجد أو موائد الرحمن، ولم تنته عند أفعال الخير من صدقات وصلاوات تمتد إلى منتصف الليل، بل دخلت السوشيال ميديا والفيسبوك تحديداً على طريق أفعال الخير، وتحولت معظم صفحات الأصدقاء إلى منابر لنشر الخير، بالدعاء إلى الله حيث ندر البعض دعاء كل ليلة، والبعض يندر دعاء كل فجر، وآخرون يكتبون عن ليالي رمضان ومكارمها والدعاء الخاص بكل ليلة.
كلها مبادرات محمودة جزا الله بها أصحابها خير الجزاء وأكرمهم بنياتهم في نشر الخير بين عموم الناس.
من بين تلك المبادرات لفتت نظرى مبادرة مختلفة قام بها الصديق الكاتب الصحفي رجب جلال وبدأها مع بداية شهر الصوم بنشر كل يوم حديث من الأحاديث الضعيفة والمشهورة في الوقت ذاته، واختص منها الأحاديث التي تنتشر على ألسنة الناس باعتبارها أحاديث منسوبة لرسولنا الكريم عليه الصلاة والسلام، وهي في الأصل ليست بأحاديث أساساً ونسبت للرسول زوراً وافتراء.
فكرة تصحيح المفاهيم، خاصة المنسوب قولها لرسولنا الكريم، ليست جديدة وصدرت عنها مؤلفات كثيرة عبر العصور، لعل أشهرها ما صدر عن الشيخ محمد ناصر الدين الألباني، الملقب بالمحدث، وأصدر الألباني لوحده سلسلة الأحاديث الضعيفة والموضوعة وضمها في أربعة عشر مجلدا، والمجلد قد ينقسم لأكثر من قسم، فمثلاً المجلد الأخير للألباني يضم 14 كتابا وينقسم إلى: القسم الأول، والقسم الثاني، والقسم الثالث، وقد طبع كل قسم منها في مجلد مستقل، فيصبح المجلد 14 وحدة 3 مجلدات، ومعنى ذلك أن الألباني نفسه منح لنفسه حق استبعاد أو إضعاف أحاديث كثيرة، وبعضها أحاديث نتداولها في معاملاتنا اليومية.
مبادرات تنقيح الحديث هى خير عمل يمكن أن يقوم به المسلم الغيور على دينه، وتندرج تحت مبادرة " تجديد الخطاب الدينى"، غير أنه لم يسلم أحد ممن اقترب من هذا الملف من الهجوم والاتهام والتجريح أحياناً.
شخصيا أؤمن بأن من يبتغي مرضاة الله بهذا العمل الصالح لا يهمه هجوم أو تطاول، بل قد يكون هذا الهجوم هو الحافز لمزيد من البحث في صحيح الدين.
فمواجهة حالة العبث بأحاديث رسول الله أراها فرضا على كل غيور على دينه، فهي التي تسببت في وصم دين الله الحنيف بالإرهاب والتخلف والجهل وأصبح القتل أحد مظاهر الدين، ونُسب للرسول الأعظم ما نزهه الله عنه فهو الصادق الأمين وهو الرحمة المهداة، لم يكن أبداً غازيا ولا سارقا ولا غاصبا لأرض ولا عرض، كما يفعل من ينسب له أقوال الزور.
وبدون إطالة سأقتبس بعضا من الأحاديث التي نشرها الصديق رجب جلال على صفحته بداية من شهر رمضان الكريم، خاصة الأحاديث المشهورة والمتداولة ومنها دعاء "اللهم لا نسألك رد القضاء، ولكن نسألك اللطف فيه"، فوصفه بأنه (بدعة ضالة) لأن الوظيفة الأساسية للدعاء هي رد القضاء.
ومن الأحاديث المتداولة أيضاً حديث "من صلى علي في يومه 100 مرة قضى الله له 100 حاجة، 70 منها لآخرته، و30 منها لدنياه" ووصفه (حديث مكذوب)، وكذلك حديث (من صلى علي في يوم الجمعة ألف مرة؛ لم يمت حتى يرى مقعده من الجنة).
وحديث "ساووا صفوفكم فإن الله لا ينظر إلى الصف الأعوج" ووصفه (حديث كاذب)، ومن الأحاديث المشهور جداً حديث "الجنة تحت أقدام الأمهات" ووصفه (حديث موضوع لا أصل له).
ومن الأقوال المعتاده قول "صدق الله العظيم" بعد قراءة القرآن ووصفها (بدعة ليس لها أصل في الشرع وتركها أوجب، لكن لم يرد نهي عنها).
وكذلك حديث "أعطيت أمتي 5 خصال في رمضان لم تعطها أمة قبلها.. خلوف فم الصائم أطيب عند الله من ريح المسك وتستغفر لهم الملائكة حتى يفطروا..........إلخ".. (متفق على ضعفه ومجهول).
ومن العادات الأسبوعية لنا جميعا هي قراءة سورة الكهف وفقاً لحديث منسوب للرسول الكريم بقوله "من قرأ سورة الكهف يوم الجمعة أضاء الله له من النور بين الجمعتين"، ووصفه (حديث موضوع وكل الأحاديث التي تقول من قرأ سورة كذا حصل على ثواب كذا موضوعة أيضاً).
وحديث "نوم الصائم عبادة وصمته تسبيح وعمله مضاعف ودعاؤه مستجاب وذنبه مغفور.. (حديث موضوع) وحديث "لو علمت أمتي ما في رمضان لتمنت أن تكون السنة كلها رمضان" ووصفه (حديث كاذب) وحديث "صوموا تصحوا" ووصفه (حديث موضوع).
وكذلك حديث "رجب شهر الله وشعبان شهري ورمضان شهر أمتي" ووصفه (حديث موضوع).
وأخيرا الحديث الأشهر "شهر رمضان أوله رحمة وأوسطه مغفرة وآخره عتق من النار" ووصفه (حديث موضوع).. المهم هنا أن كل تلك الأحاديث وغيرها الكثير ممن جاءت في سلسلة كتب الشيخ الألباني المرجع الرئيسي عند أهل الحديث وغيره من علماء الحديث أعتبر التخلص منها هو قمة التجديد في الخطاب الدينب الذي نطالب به ونتمنى أن تتبناه مؤسساتنا الدينية.