كتيبة 101.. موقعة الشيخ زويد.. يوم الحقيقة والفرز وسقوط الأقنعة!
(1)
فجر الرابع عشر من رمضان الأول من يوليو 2015م..هل مازال المصريون يذكرون هذا اليوم؟!
يوم الحقيقة ويوم الرجال ويوم سقوط الأقنعة عن كل الوجوه.. كانت القوات المسلحة فى بداية عملياتها لتطهير سيناء من ميليشيات التكفير والخيانة والمرتزقة المدعومة لوجستيا وعسكريا من أجزة مخابرات إقليمية ومسلحة بأحدث أسلحة الجيوش و وسائل الاتصال.. كان الهدف استقطاع قطعة من أرض مصر وإعلانها خارج سيطرة الدولة المصرية! تقابلت مصالح دول وقوى إقليمية لإسقاط مصر ودفعوا بمليشيات بعضها مصرى خائن أو مهووس دينيا، وبعضها مرتزقة من دولٍ عديدة، بينما وقف المخططون يترقبون اللحظة التى توهموا أنها قريبة..لحظة إعلان خروج قطعة من سيناء خارج سيطرة الدولة المصرية، تمهيدا لتنفيذ الجزء الثانى من المخطط ..حل قضية الشرق الأوسط بالاتجاه غربا داخل حدود مصر!
أعدوا العدة وألقوا بكل قوتهم وقواتهم وتلقوا كل أنواع الدعم ممن يحركونهم، وتخيروا هذا اليوم..فجر الرابع عشر من رمضان منذ ثمانى سنوات..مهاجمة كل كمائن القوات المسلحة وعزل مدينة الشيخ زويد ورفع علم غير مصرى عليها ثم تصوير اللقطة وترويجها!
قدم هذا العمل الدرامى الملحمى الرائع كتيبة 101 فى حلقتيه الأخيرتين تفاصيل ما حدث موثقا بلقطات حقيقية لرجال مصر الذين صدقوا ما عاهدوا الله عليه، فمنهم من قضى نحبه مدافعا عن شرف هذا الوطن وبقائه ومنهم من أصيب ومنهم من بقى حتى أدرك لحظة انتصار مصر!
أصحاب وجوه مصرية بسيطة لفحتها شمس غيطان الدلتا أو الصعيد لم يبخلوا بأرواحهم أو يجبنوا أو يتقهقروا وأقسموا ألا يدخل ثغورهم خائن أو معتدٍ إلا على جثثهم، وقيادات عسكرية من مختلف الرتب كانت فى مقدمة الصفوف أمام جنودهم لا خلفهم! ارتوت صحراء سيناء بدمائهم الطاهرة حتى يحفظوا لنا وطنا وحتى يحفظوا للوطن كبريائه وشرفه!
(2)
معارك برية وجوية امتدت لساعات حتى تم دحر العدوان وامتلأت مناطق المعارك بجيف الخونة والمعتدين وفر بعضهم كالجرذان!
فى هذه الساعات الطويلة التى كانت مصر تخوض خلالها حربا عسكرية شرسة، لم يخلُ المشهد المصرى الداخلى من بعض التفاصيل التى تم توثيقها لمن سقطت أقنعتهم للأبد! هناك مواقف فرز قاسية لا يصح بعدها اعتذار، ويكون سقوط الأقنعة تماما كسقوط جلود الوجوه وملامحها فلا يمكنها أن تعود أبدا لسابق هيئتها..ذاكرة الأوطان حديدية لا علاقة لها بذاكرة السمك التى تسيطر على بعض الأفراد المنتمين لنفس الأوطان! هذه الذاكرة – وكما فضحت أصحاب الأقنعة – فإنها قد حفظت لأصحاب الوجوه المصرية الشريفة أدوارهم. بدءً من خوف وقلق ودعاء أمهات الرجال وزوجاتهم وأبنائهم. كنا جميعا نعرف أن هناك معركة تدور رحاها على الأرض المصرية. فتخضبت وجوه الأمهات بدموعهن وهن يبتهلن إلى الله أن يحفظ أبناء مصر يحفظ أرض مصر!
وكان هناك أبناء وبنات مصر الذين أدركوا خطورة اللحظة فشكلوا درعا على وسائل التواصل لصد هذا السيل من الكذب والبهتان من المتواطئين ودعاة الهزيمة والخونة! هذا الدور الذى قامت به هذه المجموعات المصرية الوطنية طوال ساعات هذا اليوم – وحتى إصدار بيان القوات المسلحة مبينا للمصريين ما حدث ومعلنا صد العدوان ودحر المهاجمين – بلغ درجة قصوى من الأهمية والتأثير وساهم بشكلٍ كبير فى حفظ الثبات الانفعالى لجموع المصريين بالداخل. لقد كان أشبه بالسلاح الإعلامى للقوات المسلحة الوطنية الذى أخذ على عاتقه مهمة الجبهة الداخلية أثناء الحرب. فشكرا لكل أيدٍ مصرية مخلصة كتبت ولو كلمة فى سجل الشرف هذا!
(3)
لحظة الفرز القاسية تلك – والتى امتدت لساعات نهار ذلك اليوم – أسقطت أقنعة كثيرة وكشفت بإسقاطها وجوها قبيحة كانت تتخفى بيننا وهى إما متواطئة بشكل صريح أو فى أقل تقدير لم تكن على مستوى الحدث رغم تصدرها وتحكمها فى مواقع ومنابر إعلامية وصحفية مهمة!
بعض تلك المواقع الصحفية والإعلامية قامت بدور الذراع الإعلامية لمن يحاربون مصر، وقامت بالنقل حرفيا عن قنوات – كانت فى تلك الأيام مصنفة بأنها معادية لمصر – فنشرت صورا عن تلك القنوات لرفع علم تكفيرى فوق أحد المبانى المصرية! بعضها قام بنشر معلومات مستقاة من بيانات صحفية صادرة من غرف عمليات معادية عن سيطرة الميليشيات على مناطق مصرية ولمحت إلى هزيمة القوات المصرية. كان لهذا الدور القذر بعض التأثير فى نشر حالة قلق مصرية لم يحد منها سوى تصدى المجموعات الوطنية التى لم تغادر شاشات الكمبيوتر لصد هذا السيل إلا بعد بيانات القوات المسلحة!
بعد أن تكشفت الحقائق كاملة وسقطت تلك الأقنعة وجد هؤلاء أنفسهم فى مواجهة مباشرة مع المصريين!
كما قلت إن بعض اللحظات والمواقف لا يمكن أن يكون ما بعدها تماما كما قبلها! فى معارك المصير الوطنية فإن لحظات التواطؤ أو الخيانة أو السقوط فى فخ كاذب اسمه السبق الصفحى لا تمر مرور العابرين. هذه اللحظات بعد أن يهدأ غبار المعارك تلقى على قارعة الطريق أسماءً و وجوها كثيرة ولا تسمح لها أبدا بالعودة! حتى لو ادعى بعض أصحاب هذه الأسماء الجنون فيكتب مثلا مقالا هذليا عنوانه أنه حشرة أو صرصار! هذه الحيل لا تجدى فى مثل تلك المواقف!
جاء المقال - الذى حاول صاحبه التبرؤ مما قام به فى ذروة المعركة – ليدين صاحبه ومعه باقى المجموعة التى تم كشف وجوهها القبيحة. كان المقال فى اليوم التالى ولم يتم بعد الانتهاء من مراسم تشييع جنازات الأبطال. ظهر صاحبه مشغولا بذاته ومحاولا تبرئتها ومنفصلا تماما عن المشهد الوطنى الذى تزف فيه مصر شهداءها إلى المقام الأسمى!
كال صاحب المقال الاتهامات لمن يخوضون المعركة، واتهم قيادات - كانت تكبش النار بأيديها لكى يبقى لنا وطنٌ – بالإهمال فى حماية رجالها وغيرها من اتهامات يعف أى مصرى عن إعادة ذكرها! وردد بعضا مما كانت تحاول الجماعة الإرهابية ترويجه!
أسقطت اللحظة صاحب المقال ومعه مجموعة أخرى للأبد!
(4)
من التفاصيل الهزلية لتلك الأيام، أن بعض المصريين كان يهوّن مما يدرو فى سيناء! أتذكر أننى – ومعى كثيرون – قضينا ساعات طويلة نناقش ونجادل هذه الفئة فقط لكى نقنع أصحابها أن مصر تخوض حربا!
فى هذا العام بدأت إرهاصات عودة السياحة الأجنبية لمصر، وكانت هناك ظاهرة مهمة، أن كل ما قابلتهم كان لديهم شغفٌ كبير أن يعرفوا ماذا حدث فى مصر منذ 2011م. كان لديهم معلومة واحدة، أن مصر قامت بثورة ضد مبارك، ثم انتخب المصريون أول رئيس مدنى ثم حدث انقلاب عسكرى! كان الأمر مثيرا للأعصاب. سلاح الإعلام الغربى أثبت تماما كذب مقولة (الإعلام المحايد)! لقد كان جنونا خالصا أن مواطنا أمريكيا أو أوروبيا مثلا لم يعرف شيئا عن خروج أكثر من ثلاثين مليونا مصريا فى شوارع مصر ضد الجماعة الإرهابية! بل بلغ الجنون مداه أنهم لا يعرفون عن الجماعة سوى أنها كانت جماعة مدنية معارضة وصلت للحكم!
كان منطقيا وطبيعيا ومتفهما أن نشرح لغير المصريين ما حدث فى مصر، لكن الذى لم يكن منطقيا إطلاقا أن نقضى ساعات فى إقناع مصريين بما يحدث على أرض مصر! وأن تلك الحرب حقيقية وليست (تمثيلية)!
تلك الموقعة – موقعة الشيخ زويد والكمائن – أحدثت زلزالا نفسيا لهؤلاء وكشفتهم أمام أنفسهم!
(5)
تمر هذه الأيام الذكرى السنوية لتلك المعركة الحاسمة فى بقاء سيادة مصر كاملة غير منقوصة على كامل ترابها. ولكى يحدث هذا فقط قدمت القوات المسلحة كوكبة من رجالها الشرفاء بين شهيدٍ ومصابٍ وقدمت ما يتسق مع تاريخها العظيم مشهدا جديدا يثبت أنه لا خوف على هذا الوطن وبها هؤلاء الرجال!
رحم الله شهداء يوم الشرف الوطنى ..وتغمدهم بواسع رحمته وأسكنهم الفردوس الأعلى ومنح ذويهم صبرا وسكينة..
وشكرا لمن كانوا خلف خروج هذا العمل الدرامى التوثيقى للنور..لم نعد نخاف على تاريخ مصر من الحجب أو النسيان أو التشويه مع وجود هذه العقلية الوطنية الواعية فى مواقع المسؤلية الإعلامية!