تكلفت 10 مليارات دولار.. خبير مائى يوضح جهود الدولة للحماية من أضرار سد النهضة
لا تزال إثيوبيا مستمرة في ممارساتها الأحادية دون تشاور واتفاق مع مصر والسودان (دولتي المصب) في بناء وملء سد النهضة على نهر النيل، إضافة إلى تجاهلها إجراء دراسات وافية عن السلامة أو عن آثاره الاقتصادية والاجتماعية والبيئية على الدول المتشاطئة، وأعلنت أديس أبابا الجمعة الماضي، الانتهاء من إنشاء 90% منه الأمر الذي شكك في صحته الدكتور عباس شراقي، أستاذ الموارد المائية والجيولوجيا بجامعة القاهرة.
وقال شراقي، في منشور على صفحته الشخصية بموقع التواصل الاجتماعي "فيسبوك"، إن هذه النسبة مبالغ فيها، وغالبا هذا الإعلان موجه إلى الداخل الإثيوبي، لافتًا إلى أن أديس أبابا أعلنت 2021 الانتهاء من أعمال الإنشاء بنسبة 80% وعام 2018 على أن ينتهى 2022، وعام 2019 نسبة 70% على أن ينتهى بالكامل 2023 وهذا لم يحدث كالعادة، بمعدل 5% سنويًا، وبالتالى متوقع الانتهاء 2025.
أضاف أن "إعلان إثيوبيا لنسب بناء السد غالباً تكون موجهة للداخل الإثيوبى، فالإعلان الأخير 90% لكامل أعمال السد التى تشمل الخرسانة والكهرباء مبالغ فيه، حيث إنها نحو 78% فالمتبقى من الخرسانة نحو 1.6 مليون متر مكعب من إجمالى السد طبقا للشركة المنفذة "We Build" سالينى سابقاً يصل إلى 10.4 مليون متر مكعب خرسانة، بنسبة 85%، أما الكهرباء فهى متأخرة حيث إنه لم يتم تركيب سوى توربينين فقط من إجمالى 13 توربين، والعمل فى تركيب التوربينات يحتاج إلى وقت كبير حيث إنه أعمال فنية دقيقة وقد استغرق تركيب التوربينين حوالى سنتين، ولم يعملا معاً حيث تعثر الانتهاء من الثانى وقت افتتاح الأول 20 فبراير 2022، افتتح بعده بستة أشهر 11 أغسطس 2022. كما تشير صور الأقمار الصناعية إلى استمرار فتح بوابة التصريف الشرقية، مع تشغيل محدود لتوربين أو اثنين، واستمرار انحسار البحيرة وبعدها عن سد السرج".
وزير الري: لدينا عجز مائى يصل إلى 55%
الدكتور هانى سويلم وزير الموارد المائية والرى، أكد خلال كلمة مصر التى ألقاها أمام الجلسة العامة لمؤتمر الأمم المتحدة للمياه ٢٠٢٣، أن وجود تعاون مائى فعَّال عابر للحدود يُعد بالنسبة لمصر أمرًا وجوديًا لا غنى عنه، مع مراعاة الالتزام غير الانتقائى بمبادئ القانون الدولى واجبة التطبيق، وتبرز أخطار التحركات الأحادية غير الملتزمة بتلك المبادئ على أحواض الأنهار المشتركة التى يُعد أحد أمثلتها سد النهضة الإثيوبى الذى تم البدء فى إنشائه منذ أكثر من ١٢ عاما على نهر النيل، وتستمر عملية البناء والملء بل والشروع فى التشغيل بشكل أحادي، وهى الممارسات الأحادية غير التعاونية التى تشكل خرقًا للقانون الدولي، ويشكل استمرارها خطراً وجودياً على ١٥٠ مليون مواطن.
وقال سويلم، إن مصر تعانى من وضعية ندرة مائية فريدة من نوعها دوليًا، مشيرًا إلى أن بلادنا تأتي على رأس قائمة الدول القاحلة باعتبارها الأقل على الإطلاق من حيث معدل الأمطار عالميا ويبلغ نصيب الفرد من المياه سنويًا نصف حد الفقر المائي.
فقدان 15% من الرقعة الزراعية
وأشار إلى أنه بالرغم مما يتردد من أن السدود الكهرومائية لا يمكنها أن تشكل ضرراً، لكن حقيقة الأمر أن مثل هذه الممارسات الأحادية غير التعاونية في تشغيل هذا السد المبالغ في حجمه يمكن أن يكون لها تأثير كارثي، منوها بأنه في حالة استمرار تلك الممارسات على التوازي مع فترة جفاف مطول قد ينجم عن ذلك خروج أكثر من مليون ومائة ألف شخص من سوق العمل، وفقدان قرابة 15% من الرقعة الزراعية في مصر، بما يترتب على ذلك من مخاطر ازدياد التوترات الاجتماعية والاقتصادية وتفاقم الهجرة غير الشرعية. كما يمكن أن تؤدي تلك الممارسات إلى مضاعفة فاتورة واردات مصر الغذائية.
وأوضح أن مصر تعتمد بشكل شبه مطلق على نهر النيل بنسبة ٩٨% على الأقل لمواردها المائية المتجددة، وهى الموارد التى يذهب ما لا يقل عن ٧٥% منها للإسهام فى استيفاء الاحتياجات الغذائية للشعب المصرى عبر الإنتاج الزراعي، علما بأن قطاع الزراعة يمثل مصدر الرزق لأكثر من ٥٠% من السكان، وأخذاً فى الاعتبار أن مصر لديها عجز مائى يصل إلى ٥٥% من احتياجاتها المائية التى تبلغ ١٢٠ مليار متر مكعب،َ ومع ذلك فإن مصر تقوم باستثمارات هائلة لرفع كفاءة منظومة المياه لديها تعدت الـ ١٠ مليارات دولار خلال الخطة الخمسية السابقة، كما تقوم بإعادة استخدام المياه عدة مرات فى هذا الإطار، وتضطر لاستيراد واردات غذائية هائلة بقيمة حوالى ١٥ مليار دولار.
20 ضررا على مصر والسودان
فيما أكد الدكتور عباس شراقي الخبير المائي، أن إصرار إثيوبيا على الملء الرابع دون تنسيق يسبب نحو 20 ضررًا على مصر والسودان التي تتنوع بين المائية والسياسية والقانونية والبيئية.
وقال شراقي في تصريحات متلفزة، إن الحكومة تعمل دائما على عدم وصول تلك الأضرار إلى المواطنين، موضحا أنها نفذت مشروعات منها محطات تحلية المياه وتبطين الترع تخطت تكلفتها مئات المليارات، إضافة إلى إعادة استخدام مياه الصرف الزراعي، فضلا عن استخدام الري الحديث.
وأكد أن جهود الدولة كبيرة للغاية لاحتواء تلك الأضرار، موضحًا أن وجود السد العالي في مصر يبعث اطمئنان كبير للمصريين.
وأشار إلى أن من بين الأضرار فرض سياسة الأمر الواقع خلال السنوات المقبلة دون أي تنسيق مع أي دولة، فضلا عن إمكانية إثيوبيا بناء المشروعات المائية المستقبلية لديها بأسلوب سد النهضة نفسه.
وأوضح أن وزن سدي النهضة الرئيسي والسرج يشكل وزنًا جديدًا على المنطقة بنحو150 مليون طن، إضافة إلى نحو من 30 -35 مليار طن وهو وزن إجمالي المياه التي تخزن هذا الصيف (أي 7 أضعاف السعة الأصلية) ما ينشط الفوالق والتشققات وإمكانية حدوث زلازل بالمنطقة، لافتا إلى أن البيئة الإثيوبية أنشط منطقة زلزالية في القارة الإفريقية، لذلك نخشي من حدوث زلزال يؤدي لانهيار ذلك السد.
واختتم الخبير المائي تصريحاته بالتأكيد على أن إثيوبيا لم تسمح للشركة الفرنسية، التي اختيرت لعمل الدراسات التي تطمئن مصر والسودان ومدى آمان السد بعمل دورها.