يقودهم الحمير.. فعلًا!
يقودهم الحمير، «ليد باى دونكيز»، Led By Donkeys، هو اسم حركة، جمعية أو منظمة بريطانية، تأسست سنة ٢٠١٨، لمعارضة الانفصال عن الاتحاد الأوروبى، وتخصصت فى عمل المقالب السياسية، التى استهدف أحدثها نوابًا فى مجلس العموم، عن «حزب المحافظين» الحاكم، من بينهم وزراء سابقون، عرضت عليهم الحركة أن يقوموا بالترويج لمصالح شركة كورية جنوبية، وهمية، وفاوضتهم على الأجر فى مقابلات أجرتها معهم عبر تطبيق «زووم»، ثم نشرتها فى حسابها على «تويتر».
كان أبرز الذين وقعوا فى الفخ، أو «شربوا المقلب»، كواسى كوارتنج ومات هانكوك، وزيرا المالية والصحة السابقان، اللذان طلبا ١٠ آلاف جنيه إسترلينى، فى اليوم الواحد، أما «السير» جراهام برادى، رئيس «لجنة ١٩٢٢»، التى تشرف على العمل البرلمانى للحزب، فطلب ستة آلاف. والثلاثة، أكدوا أنهم لم يخالفوا القانون أو القواعد البرلمانية، وانتقدوا ما وصفوه بـ«النشر غير القانونى لمحادثات خاصة»، فى حين وصفت الحركة، حركة «يقودهم الحمير» الأرقام، التى طلبوها، بأنها خيالية، فى ظل موجة الغلاء، التى تعصف بالبريطانيين.
يعرف القاصى والدانى، والواقف بينهما، أن نوابًا كثيرين فى مجلس العموم «البرلمان» البريطانى يعملون لحساب مجموعات ضغط، أو شركات أو كيانات، مرتبطة بدول أخرى، وبينهم مَن استخدموا مكاتب المجلس، لإقامة ندوات واجتماعات، مدفوعة الأجر، كتلك التى جعلت بوريس جونسون، رئيس الوزراء البريطانى الأسبق، يقترح تعديل مدونة السلوك البرلمانية، خلال جلسة استماع عقدها المجلس، فى نوفمبر ٢٠٢١. بينما طالبه كير ستارمر، زعيم «حزب العمال»، وقتها، بإجراء «تحقيق مستقل»، لو كان يريد فعلًا اجتثاث الفساد.
الضغط السياسى يهدف إلى التأثير على الوزراء والمسئولين الحكوميين أو نواب البرلمان، لتمرير قوانين أو قرارات، أو اتخاذ مواقف أو إصدار بيانات، لمصلحة شركات أو جهات أو دول، تعمل جماعات الضغط، أو «اللوبيات»، لحسابها. وسبق أن انتهى تحقيق أجرته لجنة برلمانية إلى أن أوين باترسون، الذى كان نائبًا عن «حزب المحافظين»، أيضًا، مارس ضغوطًا متكررة على وزراء، لحساب شركتين، كان يعمل مستشارًا لهما مقابل أجر. وبعد أن أوصت اللجنة بوقف النائب لمدة ثلاثين يومًا، أجبره الحزب على الاستقالة.
حدث، أيضًا، أن أقرت ليلى موران، النائبة عن «حزب الديمقراطيين الأحرار»، المتحدثة باسم لجنة الشئون الخارجية للحزب، بأنها تقاضت ثلاثة آلاف جنيه إسترلينى عن مشاركتها فى ندوة أقامتها شركة المحاماة «بيندمانز إل إل بى»، Bindmans LLP، عبر تطبيق «زووم». وعن الندوة نفسها، تلقى كريسبين بلانت، النائب عن «حزب المحافظين»، ضعف الرقم. والطريف، أن المذكور كان قد زار «اعتصام رابعة العدوية»، وكتب تقريرًا ينفى فيه وجود أسلحة فى تلك البؤرة الإرهابية، كما تولى التنسيق لجلسة استماع عقدها مجلس العموم للقيادى الإخوانى إبراهيم منير، الذى كان قائمًا بأعمال المرشد العام، كما سبق أن تقدم بطلب رسمى للسلطات المصرية، فى مارس ٢٠١٨، لزيارة محمد مرسى العياط فى سجنه.
الأكثر طرافة، أو غرابة، هو أن مجلس العموم كان قد تعاقد مع شركة المحاماة نفسها، لتشكيل لجنة «تقصى حقائق»، برئاسة بلانت، وعضوية موران، والمحامى طيب على، الذى ذكرت الشركة، فى موقعها الإلكترونى، أنه يعمل مستشارًا لـ«حزب الحرية والعدالة، الذراع السياسية لجماعة الإخوان فى مصر، منذ سنة ٢٠١٣»، وأشارت إلى أنه «أسس وقاد فريقًا قانونيًا دوليًا» للدفاع عن الجماعة، وقام بتمثيلها فى اللجنة، التى شكلها ديفيد كاميرون، رئيس الوزراء البريطانى الأسبق، سنة ٢٠١٥، لمراجعة أنشطتها.
.. وأخيرًا، وصف حزب العمال الطريقة التى تعامل بها نواب حزب المحافظين مع عرض، أو فخ، حركة «يقودهم الحمير»، بأنها «مثيرة للاشمئزاز». واستنكرت ثانجام ديبونير، زعيمة الظل، أو المعارضة، فى مجلس العموم، استغلال هؤلاء النواب مواقعهم ومكاتبهم، لملء جيوبهم، واصفة ذلك بأنه «أمر مخجل فى أى وقت وبشكل خاص فى مثل هذه الأوضاع المعيشية السيئة»، ثم أكدت أن حزب العمال، حال وصوله للحكم، سيعمل على إعادة بناء الثقة فى السياسيين، وسيحظر على النواب القيام بأى أعمال جانبية.