أرض الجوامع.. أرض النعم
مركز مصر الثقافى الإسلامى، صار حقيقة، أو واقعًا على الأرض، وأدى فيه الرئيس عبدالفتاح السيسى، صلاة الفجر، فى أول أيام شهر رمضان المبارك، بعد افتتاحه. ولا نجد ما نضيفه إلى ما قاله الإمام الأكبر الدكتور أحمد الطيب، شيخ الأزهر الشريف، الذى رأى أن من بشائر الأمل والفأل الحسن أن تشهد الساعات الأولى من رمضان افتتاح صرحين عملاقين يجسّدان تعانق العلم والعبادة فى الإسلام: المسجد الكبير والمركز الثقافى الإسلامى.
مسجد مصر الكبير، الملحق به المركز الثقافى الضخم، نفذته شركة «المقاولون العرب» على هضبة ارتفاعها ٢٤ مترًا تتوسط الحى الحكومى بالعاصمة الإدارية الجديدة، وتبلغ مساحته ١٩.١ ألف متر مربع، ويسع صحن الصلاة فيه ١٢ ألف مصلٍ، وتسع ساحته العلوية ٤٠ ألفًا، والساحة السفلية ٥٥ ألف مصلٍ، ليصل إجمالى عدد المصلين إلى ١٠٧ آلاف، كما ترتفع مئذنتاه بحوالى ١٤٠ مترًا عن سطح الساحة العلوية.
كنا قد توقفنا، أمس، عند جامع عمرو بن العاص، بمصر القديمة، أقدم وأول جوامع مصر وإفريقيا، الذى بات مستعدًا لاستقبال المصلين، بعد انتهاء شركة «المقاولون العرب»، أيضًا، من أعمال تطويره وترميمه. وأشرنا إلى أن «الجامع العتيق» كان يُعد أول مدرسة إسلامية، إذ كان يتم فيه تدريس علوم اللغة العربية وتعاليم الإسلام، حتى القرن التاسع الهجرى. وعليه، انشرح صدرنا حين عرفنا أن المسجد الجديد، أو المركز الثقافى الملحق به، يتضمن دارًا لتحفيظ القرآن الكريم، ومدرسة لتعليم فنون التلاوة، ومركزًا لتدريب المؤذنين.
الأرقام تقول إن الثمانى سنوات الماضية شهدت إحلال وتجديد وإعادة بناء آلاف المساجد القديمة، وبناء حوالى ١٥٠٠ مسجد جديد، بعضها صار أيقونات فى العمارة الإسلامية مثل مسجد الصحابة بمدينة شرم الشيخ، مسجد الفتاح العليم بالعاصمة الإدارية الجديدة، مسجد الماسة بمدينة العلمين، مسجد الحق المبين بمدينة الطور، و... و... ولا نعتقد أننا نبالغ لو وصفنا مسجد أو مركز مصر الثقافى الإسلامى، بأنه تحفة معمارية فريدة.
لا نعتقد، أيضًا، أن الدكتور محمد مختار جمعة، وزير الأوقاف، كان يبالغ حين وصف، منذ أيام، ما تم فى عمارة مساجد مصر، خلال عهد الرئيس عبدالفتاح السيسى بأنه «إنجاز غير مسبوق»، سواء من حيث عمليات التطوير أو الإحلال والتجديد أو البناء الكامل للمساجد، أو ترميم المساجد الأثرية، بالإضافة إلى المساجد التى تفتتحها الوزارة أسبوعيًا، لافتًا إلى أن هناك عناية بالمساجد، مبنى ومعنى، سواء كانت مساجد عادية أم أثرية، ومؤكدًا أن ما تمتلكه مصر من إرث حضارى عظيم يؤكد عراقة الحضارة المصرية وعظمتها.
قبل أن تمضغ «لبانة» إنه كان من الأولى، أو الأجدى، بناء مصانع، بدلًا من المساجد، نحيلك إلى مقال سابق عنوانه «أرض المصانع.. أرض المزارع»، أوضحنا فيه أن الجهود المبذولة والمستمرة، والتكليفات الرئاسية، والمبادرات العديدة والمتتالية، حال عدم وجود عراقيل، بشرية أو إجرائية، تحول دون تحقيق المستهدف منها، ستؤدى إلى زيادة الاستثمارات، ودفع عجلة الإنتاج، أو استمرار دورانها، ما سيمكّن الدولة من تغطية احتياجاتها بالإنتاج المحلى، ويعزز قدراتها على مواجهة تداعيات الأزمات العالمية، الحالية أو المستقبلية، ويجعلها، فعلًا، أرض المصانع، وأرض المزارع، وأرض النعم، كما كتب أحمد علام وغنّى وديع الصافى.
.. وأخيرًا، لعلك تتذكر كمية الاتهامات والأكاذيب والشائعات، التى أطلقها الموتورون، أو الإرهابيون، لمجرد أن أجهزة الدولة قامت بإزالة عدد من المساجد والزوايا، المقامة فى عرض الطريق أو على المصارف والترع. كما لعلك تتذكر، أيضًا، ذلك الهجوم، الذى تعرضت له دولة ٣٠ يونيو، حين أرادت أن توقف مهزلة، أو حالة عبثية، دفعت الدكتور زكريا البرى، مثلًا، الذى كان رئيسًا لقسم الشريعة، بحقوق القاهرة ووزيرًا للأوقاف، إلى المطالبة، سنة ١٩٨٠، بضرورة إدارة الدولة للمنظومة الدينية، بعد أن لاحظ زيادة معدلات بناء المساجد العشوائية، وقتها، بدرجة لم تشهدها مصر من قبل، لكن شهدت، لاحقًا، ما هو أكثر منها!.