جامع عمرو
جامع عمرو بن العاص، بمصر القديمة، بات مستعدًا لاستقبال المصلين، بعد انتهاء شركة «المقاولون العرب» من أعمال تطويره وترميمه. ومساء أمس الأول، الثلاثاء، تفقده الدكتور محمد مختار جمعة، وزير الأوقاف، الذى أكد أن الجامع، وكل جوامع ومساجد مصر، استعدت لاستقبال شهر رمضان، «فى أبهى صورة وإعداد منقطع النظير»، مشيرًا إلى أن هناك خطة دعوية، غير مسبوقة، استعدادًا للشهر الفضيل، سواءً فى صلوات التراويح، البرامج الدعوية، التهجد، الاعتكاف أو الأنشطة القرآنية.
أقدم وأول جوامع مصر وإفريقيا، تاج الجوامع، جامع الفتح، أو المسجد العتيق، تبلغ مساحته، الآن، ٢٨.٥ ألف متر مسطح، منها ١٣.٢ ألف متر مسطح لأروقة للصلاة، وباقى المساحة ساحات خارجية، يتم الصلاة فيها أيضًا، خلال أيام الذروة والأعياد. ومن اللواء محمود نصار، رئيس الجهاز المر كزى للتعمير، التابع لوزارة الإسكان، عرفنا أن أعمال التطوير تضمنت ترميم جميع العناصر الأثرية بالمسجد، ورفع كفاءة شبكة تخفيض منسوب المياه الجوفية وإنشاء شبكة وقاية من الحريق، وتطوير شبكات الإضاءة والصوتيات الداخلية والخارجية، وتوسعة المدخل الرئيسى، و... و... وإنشاء ساحة خارجية لاستقبال الزائرين.
جاء عمرو بن العاص إلى مصر، سنة ٢٠ هجرية، التى توافق سنة ٦٤١ ميلادية، وقبل إنشائه مدينة الفسطاط، لتكون العاصمة الجديدة، بنى هذا الجامع، الذى كان مركزًا للحكم، وكانت تنعقد فيه محكمة لفض المنازعات الدينية والمدنية، وكان به بيت المال فى بعض الفترات. وأشار «المقریزی»، فى كتابه «المواعظ والاعتبار بذكر الخطط والآثار» إلى أن ساحة الجامع كانت تقام فيها «الصفقات التجارية الكبرى، ومزایدات الملتزمين لخراج الدولة». وإلى جانب كل هذه الوظائف، الدينية والمدنية والسياسية، يُعد جامع عمرو، أول مدرسة إسلامية، إذ كان يتم فيه تدريس علوم اللغة العربية وتعاليم الإسلام، حتى القرن التاسع الهجرى.
بلغت مساحة الجامع، وقت إنشائه، «٥٠ ذراعًا طولًا و٣٠ ذراعًا عرضًا»، أى ما يساوى حوالى ٣٧٥ مترًا مربعًا، أو مسطحًا، ولم يكن به محراب أو مئذنة أو صحن، وكان «أوّل من زاد فى هذا الجامع مسلمة بن مخلد الأنصارى سنة ٥٣هـ وهو يومئذ أمير مصر من قِبل معاوية»، كما قال الكندى فى كتاب «أخبار مسجد أهل الراية»، وسنة ٧٩ هجرية أمر عبدالعزيز بن مروان، حين كان واليًا على مصر، بهدم الجامع بالكامل وإعادة بنائه من جديد، وزاد فيه زيادات ضخمة. وتكرر ذلك، سنة ٩٢ هجرية، حين أمر «الخليفة» الوليد بن عبدالملك، واليه على مصر، قرة بن شريك، بهدم الجامع وإعادة بنائه، ليتناسب مع طابع «العمارة الأموية»، و... و... وبعد حريق الجامع، مع حريق الفسطاط كلها، سنة ١١٧٥، أعاد صلاح الدين الأيوبى بناءه.
أيضًا، ذكر «ابن دقماق» فى كتابه «نزهة الأنام فى تاريخ الإسلام» أن هذا الجامع «عنى به فى عصر المماليك الكثير من السلاطين والأمراء والوجهاء منهم: السلطان الظاهر بيبرس، فقد أمر بترميم ما تهدم منه وتجديد بعض أجزائه، سنة ٦٦٦ هجرية، ١٢٦٧ ميلادية، والسلطان المنصور قلاوون الذى أمر بتجديده سنة ٦٨٧ هجرية، ١٢٨٨ ميلادية، والأمير سلار نائب السلطنة، فقد أمر بتجديده بعد الزلزال الذى وقع فى مصر سنة ٧٠٢ هجرية، ١٣٠٢ ميلادية». ما يعنى أن هيكل الجامع الأصلى جرى هدمه وإعادة بنائه، عدة مرات.
.. وتبقى الإشارة إلى أن «إدارة صيانة القصور والآثار» بشركة «المقاولون العرب»، قامت أولًا بتطهير الموقع من الهيش والبوص، ونزح المياه الجوفية حتى لا ينهار ما تبقى من معالم المسجد، ثم قامت بمعالجة ضعف التربة وتقويتها، وأقامت الأعمدة الرخامية، بعد دق ٣٢٠ خازوقًا بعمق ٣٥ مترًا، و... و... ومنذ ١٠ أيام، تحديدًا فى ١٣ مارس الجارى تفقد الدكتور مصطفى مدبولى، رئيس مجلس الوزراء، أعمال الترميم والتطوير، وأشاد بها، قبل أن يتفقد، أيضًا، ما تم تنفيذه من «مخطط تطوير منطقة الفسطاط»، الذى يعدُ أحد أهم مشروعات تطوير المناطق التاريخية والأثرية، التى تنفذها دولة ٣٠ يونيو، أو الجمهورية الجديدة.