متحف الثلاثة الكبار فى الإسكندرية
- فيلا الفنان محمود سعيد تحولت لمتحف يضم أعماله هو والفنانين سيف وأدهم وانلى منذ عام ٢٠٠٠
- ٢٢ غرفة تضم أروع أعمال الفنانين الكبار.. ولوحات لراغب عياد والجزار وحامد عويس وفاروق حسنى
- ٢٠٠٠ شخص يزورون المتحف شهريًا ومطلوب مزيد من إلقاء الضوء عليه
يعد صرحًا فنيًا وثقافيًا عملاقًا، يضم مجموعة من الأعمال النادرة والقيمة لرواد الرعيل الأول والثانى من الفنانين التشكيليين، الذين أثروا الحياة الفنية ونهضوا بها، وتركوا بصماتهم التى ما زالت محفورة فى الذاكرة.
تناولت أعمالهم الحياة المصرية بكل تفاصيلها فى القرن الماضى، جسدت تلك اللوحات حياة مصر السياسية والاجتماعية والثقافية والفنية والاجتماعية، كما تناولت حياة المهمشين والبسطاء.
يعتبر مركز محمود سعيد للمتاحف ركيزة من أهم الركائز الفنية والثقافية والجمالية بمجال الفن التشكيلى بوجه خاص وشتى أشكال المجالات الثقافية والفنية بوجه عام، والداعم للحركة التشكيلية للفنانين والموهوبين والمهتمين بجميع فئاتهم العمرية.
حيث يحتوى متحف محمود سعيد على المجموعة الأكبر من أعماله الفنية مجتمعة فى مكان واحد، فهو يعد مرجعًا أساسيًا لكل دراسة أكاديمية حول الفنان، ومتحف الأخوين سيف وأدهم وانلى يحتوى أيضًا على المجموعة الأكبر لأعمالهما وكذلك بانوراما للفن المصرى بمتحف الفن المصرى الحديث.
مركز محمود سعيد للمتاحف يضم كل هذا بين جنباته، حيث يتكون من ثلاثة متاحف، متحف محمود سعيد، وأدهم وسيف وانلى، ومتحف الفن الحديث، ويشغل هذا المركز مبنى القصر الذى كان يسكنه الفنان الرائد محمود سعيد، والذى يقع فى ٦ شارع محمد باشا سعيد بحى جناكليس بالإسكندرية، على مساحة نحو ٣ آلاف متر مربع، حيث تبلغ مساحة المبانى ٧٣٢ مترًا مربعًا، بينما تبلغ مساحة الفراغات ٢١٧٦ مترًا مربعًا، ويتبع قطاع الفنون التشكيلية بوزارة الثقافة.
تم افتتاح المركز فى ١٧ أبريل عام ٢٠٠٠، بفيلا الفنان محمود سعيد بمنطقة جناكليس بالإسكندرية، وذلك بعد أن أهدت أسرة الفنان الراحل الفيلا لوزارة الثقافة لتدخل مرحلة من التطوير وإعادة الصياغة، تحت إدارة قطاع الفنون التشكيلية، لتحويلها من مسكن خاص بأسرة الفنان إلى مركز فنى يضم ثلاثة متاحف بالإضافة لقاعتين للعرض المتغير وقاعات للندوات والورش الفنية.
وبعد فترة من الترميم والصيانة تمت إعادة افتتاح مركز محمود سعيد للمتاحف بالإسكندرية فى ١١ نوفمبر عام ٢٠١٤.
يقع متحف محمود سعيد بالدور الأول من مبنى الفيلا، ويضم عددًا من لوحات الفنان إلى جانب مجموعة من مقتنياته الشخصية، وهى: بعض التذكارات الخاصة به والتى تشمل العديد من الأوسمة والنياشين التى نالها خلال حياته الحافلة بالإبداع.
فهو واحد من رواد الفن المصرى فى مطلع القرن العشرين، وهى الفترة التى حاول فيها الفنانون والأدباء البحث عن صياغة تعكس الهوية المصرية، بعيدًا عن التأثيرات الأوروبية والعثمانية التى سيطرت على حياة الطبقات العليا فى مصر.
ومحمود سعيد فنان تشكيلى مصرى ولد يوم ٨ أبريل عام ١٨٩٧ وتوفى فى ٨ أبريل ١٩٦٤، ونشأ ابنًا لعائلة عريقة ثرية تسكن بالقرب من مسجد سيدى أبى العباس المرسى، وفى عام ١٩١٩ حصل على ليسانس الحقوق الفرنسية.
ووافق والده محمد سعيد باشا، رئيس وزراء مصر الأسبق، على سفره إلى باريس لاستكمال دراسته العليا للقانون فاغتنم هذه الفرصة حيث التحق بالقسم الحر بأكاديمية جراند شومبير لمدة عام ثم أكاديمية جوليان، وانشغل بتأمل ومشاهدة الثروات الفنية فى متاحف باريس ومعارضها، وبالقراءة حول تاريخ الفن فى كل من إيطاليا وفرنسا وبريطانيا.
يقع بالدور الثانى من المبنى، ويضم قاعة لأعمال الفنان أدهم وانلى، وباقى القاعات تعرض مراحل مختلفة من تجربة الفنان سيف وانلى وبعضًا من مقتنياته الشخصية.
وتعد تجربة الفنان سيف وانلى واحدة من أكثر التجارب المصرية ثراءً وتنوعًا فى تقاطعها مع الحركات والأساليب الفنية، ويعرض المتحف نماذج لأهم المحطات فى تلك التجربة.
يقع فى الدور السفلى من المبنى، وتضم قاعاته سردًا بصريًا لتاريخ الحركات الفنية فى مصر، من جيل الرواد وحتى منتصف الثمانينيات.
يضم الطابق الأول من المركز متحف محمود سعيد فى ٦ قاعات للعرض، بينما الطابق الثانى متحف أدهم وسيف وانلى، ويوجد بـ٨ قاعات للعرض، بينما متحف الفن الحديث بالبدروم به ٨ قاعات للعرض، حيث يبلغ إجمالى عدد القاعات ٢٢ قاعة.
إلى جانب قاعات للعروض المتغيرة «أجيال ١- وأجيال ٢»، قاعة للورش الفنية وقاعة للندوات والمحاضرات، ويقام بالمتحف العديد من العروض المتغيرة، وكذلك الفعاليات والأنشطة الثقافية والفنية من: ندوات- حفلات- صالونات ثقافية- ورش فنية.
قال الفنان التشكيلى على سعيد، مدير مركز محمود سعيد للمتاحف بالإسكندرية، إن مبنى مركز محمود سعيد للمتاحف فى الأصل هو البيت الخاص به، وكان من قبله خاصًا بوالده محمد باشا سعيد، وكان رئيس وزراء مصر فى فترتين أيام الملك فؤاد، وهو كان رئيس وزراء مصر فى ثورة ١٩١٩، ووالده سياسى مهم، ومحمود سعيد ابنه، وعمل فى سلك القضاء فى فترة من عمره.
وأكمل: لكن موهبته غلبت عليه وتفرغ للفن تمامًا، وبعد وفاة محمود سعيد، الدولة اشترت القصر، وتم بيعه بـ١٤ ألفًا، وكان فى وقتها مبلغًا زهيدًا بالنسبة للقصر والحديقة الخاصة به، ولكن يعتبر تبرعًا إلى حد ما.
وأضاف سعيد: تخصص البهو الرئيس لمتحف محمود سعيد للوحاته وتعتبر أكبر مجموعة مجمعة له، وإنتاجه فى الأعمال الفنية ليس ضخمًا ولكنه متوزع فى مصر والعالم والأفراد لكن هذه مجموعة فى القصر أو بيته.
وأشار إلى أن المركز يضم مجموعة قيمة ونادرة من الأعمال ولعل أبرزها: أشهر اللوحات هى لفنانى الرعيل الأول افتتاح قناة السويس، ومجموعة كبيرة من عائلته، صورة لوالده وأخرى لوالدته وأخته والملكة فريدة وهى صغيرة هذا بالنسبة لأشهر البورتريهات.
بينما فى الطابق الثانى من القصر يوجد متحف سيف وأدهم وانلى من أشهر فنانى الرعيل الثانى وهما شقيقان، سيف من مواليد ١٩٠٦ وتوفى ١٩٧٩، وأدهم من مواليد ١٩٠٨ ورحل عن عالمنا عام ١٩٥٩، أهدت عائلتهما اللوحات للحكومة المصرية بعد رحيلهما، حتى يقام بها متحف بالقصر الخاص بمحمود سعيد، وهم الثلاثة كانوا على علاقة قوية ببعضهم وكانوا معاصرين لبعضهم ومن أشهر فنانى الإسكندرية.
وفى متحف سيف وأدهم وانلى تحتل لوحات سيف المجموعة الأكبر لطبيعة إنتاجه الغزير وحياته الأطول التى عاشها بعد وفاة أدهم بـ٢٠ سنة، والمجموعة الأقل لأدهم، لكن أعمالهما تقدر بالآلاف، فيوجد لهما أكثر من ٤ آلاف عمل فى متحفهما.
ونوه بأن رسوماتهما تميزت بالفن، حيث رسما المسرح ورقصات الباليه والبورتريهات والمناظر الطبيعية، وتعددت أساليب سيف وانلى نظرًا لأن مجموعته الأكبر ما بين المدارس الفنية المختلفة والكلاسيكية والتجريدية والسريالية والتأثيرية، وسيف كان عبارة عن بحر فى الأعمال الفنية وأساليبه، وأهم ما يميز متحفهما أنه متعدد الاتجاهات الفنية، وهذا يعتبر متحفًا مهمًا من متاحف الدولة فى مركز متاحف محمود سعيد.
وأكد أن أعمال محمود سعيد تعتبر من أندر المقتنيات بالمتاحف الثلاثة، لكن أهمها لوحة افتتاح قناة السويس التى تعتبر أيقونة المتحف، وبالنسبة لسيف وانلى فمن أهم أعمال السيمفونيات لوحة اسمها بيتهوفن، وتشايكوفسكى، فاجنر، وهى ثلاثة أعمال فى حجم واحد، ومتحف الفن الحديث به مجموعة كبيرة من اللوحات النادرة أهمها: السد العالى لحامد عويس، ولوحات عبدالهادى الجزار، التى من أهمها حياة منقرضة، وسعيد العدوى له لوحة نادرة.
وأوضح أن المتحف الثالث فى بدروم القصر متحف الفن المصرى الحديث بالإسكندرية، ويضم مجموعة من الأعمال للفنانين المصريين على اختلاف أجيالهم، ما عدا محمود سعيد، لأن له متحفًا خاصًا به وسيف وأدهم وانلى، وغير ذلك به مجموعة من الفنانين بعضهم رحل وبعضهم ما زال على قيد الحياة، منهم كامل مصطفى، يوسف كامل، حامد عويس، راغب عياد، أحمد عثمان، عبدالهادى الوشاحى، ومن أجيال أخرى من جماعة التجريديين مصطفى عبدالمعطى وسعيد العدوى وسعيد عبدالله، وأجيال أخرى حديثة مثل: فاروق حسنى وغيرهم، واسمه يدل عليه.
وأشار إلى أن هناك أوجه تعاون بين المتحف والمتاحف الأخرى فى مصر والدول الأوروبية، فعندما تكون هناك احتفالية لمحمود سعيد تتم الاستعانة بأعمال لمحمود سعيد وأدهم وسيف وانلى، حيث توجد المجموعة الأكبر لهم من الأعمال داخل المتحف، وهناك أعمال بالفعل خرجت من المتحف شاركت فى معرض موناكو، ومعارض فى باريس ومعارض مؤقتة فى القاهرة فى قصر عائشة فهمى وغيرها.
وقال سعيد: توجد فى متحف محمود سعيد قاعتان للعرض المؤقت، قاعة أجيال ١، وأجيال ٢ يتم تنظيم معارض مؤقتة فيهما لفنانين كبار وشباب، ومعارض ورش الفنانين، وآخر معرض كان معرض مدرسة الإسكندرية ومن المقرر أن يستمر حتى شهر رمضان، ويضم المعرض أعمالًا لـ٧٦ فنانًا تتلمذوا على يد محمود سعيد وأدهم وسيف وانلى، عبارة عن ١٠٤ أعمال فنية بالإضافة إلى أعمال الزعماء الثلاثة.
وتابع: كما أن هناك معارض يتم التحضير لها، كما سيتم تنظيم احتفالية لمحمود سعيد الذى ولد يوم ٨ أبريل وتوفى يوم ٨ أبريل، فكل عام تتم إقامة فعالية كبيرة تتحدث عنه وعن حياته، وسيتم الاحتفال به لبعد شهر رمضان.
وقدم مدير المتحف عددًا من المقترحات لتطوير المتحف وزيادة عدد الزائرين، وهى: سعى المتحف بحكم قربه من كليات الفنون الجميلة بالإسكندرية إلى زيادة الحلقات النقاشية والورش الفنية، ومحاولة التركيز عليها بشكل كبير.
كما يسعى خلال الفترة المقبلة إلى تزويده بكافيتريا حتى يكون للزائر مكان يجلس به لفترة طويلة، وتزويد المتحف بأنشطة ثقافية، خاصة أنه يضم مسرحًا، إضافة إلى إقامة المعارض المؤقتة التى تعد من عوامل جذب السائحين.
وبَيّن أن عدد المترددين على المتحف يوميًا غير ثابت، ليس له حساب معين ولكن هى مواسم، ففى الصيف يكون للزائرين الذين يأتون للترفيه، وفى فصل الشتاء يكون للطلاب وعدد الزائرين يزيد عندما يكون هناك ورش عمل، وفى الطبيعى عدد الزائرين يتراوح من ألف إلى ألفين فى الشهر.
ولكن فى المناسبات يتخطى هذا العدد، وتقل الأعداد فى النوات، وفى الامتحانات أيضًا يحدث عزوف عن المتحف، فهو يختلف على حسب الموسم، أوقات يكون المترددون على المتحف من المشاركين فى الأنشطة والورش أو من الزائرين، ٢٠٠ إلى ٢٥٠ فردًا، لكن بشكل يومى يصل المتوسط من ٥٠ إلى ١٠٠ فرد، والزيارات المدرسية لها دور، وعلى حسب الحالة السياحية.
وأضاف أن أبرز التطورات فى عهدى هى إضافة نشاط التربية المتحفية، وتغيير شكل العرض، وتغير نوعية ورش العمل، وأصبح هناك مرسم دائم للموهوبين من خريجى كلية الفنون الجميلة، وكذلك نوعية المعارض اختلفت حتى أصبحت تليق بمنزل محمود سعيد.
وأوضح أن عدد العاملين بالمتاحف يتخطى الـ٥٠ عاملًا معظمهم خريجو كليات الفنون الجميلة والتطبيقية والتربية النوعية وأغلبهم حاصل على الماجستير والدكتوراه، ومجموعة من الإداريين.
وتابع: «تقدم الوزارة دورات تدريبية فى القاهرة لهؤلاء العاملين، لكن لبُعد المسافة يضطر البعض لعدم الحصول على الدورات التأهيلية الرسمية، لكن نطور من أنفسنا بشكل ذاتى من خلال البحث عن إدارة المتاحف وكل ما هو جديد».
وفيما يتعلق بالزيارات الرسمية، قال مدير المتحف: «إذا كانت هناك زيارة لسفير أو قنصل أو أحد الأجانب من الخارج، يتم استقباله بشكل رسمى، ويتم إبلاغ شرطة السياحة بذلك، ويكون مصاحبًا له مترجم، سواء باللغة الإنجليزية أو الفرنسية، ويوقع فى دفتر كبار الزوار، ولو فى أنشطة يشاهدها، على حسب كل زائر وميوله، وآخر زيارة كانت لسفير فرنسا، وكان معه وفد مرافق له واطلع على المعرض المقام حاليًا».
أما عن الأنشطة التى يقدمها المتحف للجمهور، فقال إن المتحف يقدم ورشًا فنية وعروضًا مسرحية وندوات تثقيفية ومعارض مؤقتة ومتغيرة، مشيرًا إلى أن المعارض المتغيرة من أهم الأنشطة، إلى جانب الورش الخاصة بالأطفال، ونشاط التربية المتحفية، الذى يتضمن حديثًا عن المتاحف، وشرحًا للوحات بشكل مختلف، وعروضًا موسيقية وعروضًا مسرحية، وحفلات غنائية، ومؤتمرات تخاطب فئات معينة.