الضحك بالبوتوكس المغشوش
«أيوا قبلت أشتغل أعمال وحشة كتير.. عملت ٤٠٠ فيلم، ٣٠٠ منهم كانوا وحشين لكن اضطريت أعملهم عشان مقعدش ع القهوة وأشحت».. بهذه الصراحة تحدث الممثل القدير توفيق الدقن من خلال تسجيل تم تداوله مؤخرًا بشكل مكثف على مواقع التواصل الاجتماعى ردًا على اتهامه بقبول أدوار كثيرة لا تتفق مع إمكاناته الفنية.
فى الحقيقة، وسواء امتلك الممثل مثل هذه الشجاعة أو لا، ستظل لقمة العيش معضلة كبرى تجبر الكثير من الممثلين على قبول أعمال رديئة أو ليست بالجودة المطلوبة، ليس تبريرًا بالطبع لقبول الممثل عملًا رديئًا، ولكن المنصف هو النظر للمشكلة بشكل أوسع وليس إلقاء اللوم على الحلقة الأضعف وهو الممثل غير النجم الذى لا يملك القدرة على فرض رأيه أو الاختيار بعيدًا عن الأعمال المعروضة عليه، الأمر يختلف تمامًا فى اعتقادى حين يكون هذا الممثل نجم صف أول، وبالتالى يمتلك تمامًا القدرة على اختيار كل عناصر العمل الفنى الذى يوافق على بطولته، وهو ما يضاعف الدهشة من قبول بعض النجوم الكبار أعمالًا غير جيدة لأنه ببساطة ليس هناك أى سبب يضطرهم لقبولها سواء التواجد العملى أو الكسب المادى، وهو ما دار فى ذهنى تجاه النجم محمد هنيدى بعد مشاهدتى لفيلم «نبيل الجميل أخصائى تجميل» المعروض فى دور السينما حاليًا من بطولته، تأليف أمين جمال ومحمد محرز، وإخراج خالد مرعى، وتمثيل: نور، محمد سلام، محمود حافظ، رحمة أحمد، مادلين طبر، حجاج عبدالعظيم، أحمد فؤاد سليم، ومحمد رضوان.
يدور الفيلم حول الدكتور نبيل إخصائى جراحات التجميل الذى يعمل فى مستشفى استثمارى شهير يملكه والد حبيبته عاليا «أحمد فؤاد سليم»، الذى يقوم بطرده من المستشفى لبزوغ نجمه ولعدم قبوله لعلاقة الدكتور جميل بابنته الدكتورة عاليا «نور». يقوم أحد المرضى بتقديم مبلغ مالى كبير للدكتور نبيل امتنانًا له على نجاح عمليته، يفتتح الدكتور نبيل عيادته الخاصة التى سرعان ما تحقق شهرة كبيرة، يحيك له والد عاليا مكيدة للقضاء على سمعته، وهو ما يتحقق بالفعل من خلال الدفع بحقن فاسدة فى عيادة نبيل مما يسبب تشوهًا لإحدى المترددات على العيادة «مادلين طبر» إلا أنه يتم علاجها فى النهاية.
بدا التشتت واضحًا من البداية فى رسم شخصيات الفيلم، حيث قدم الدكتور نبيل على أنه غير قادر ماديًا بالرغم من كونه طبيبًا فى مستشفى استثمارى كبير، كما تم تقديمه على أنه طبيب متمكن وماهر لكنه فى نفس الوقت تسبب فى تشويه وجه أخته وابنة معلم الحارة، أيضًا هناك دوافع غير مفهومة لكراهية والد عاليا للدكتور نبيل ودفعه طوال الوقت لارتكاب تصرفات حادة للغاية ضده مثل طرده علنًا من المستشفى أمام كل العاملين، والرغبة فى إيذائه طوال الوقت بشكل فيه الكثير من المبالغة والتطرف.
جاءت المفارقات الكوميدية أيضًا بها قدر كبير من الافتعال وفقر الابتكار، مثل مواقف رواد عيادة الدكتور نبيل التى فشلت فى نزع ضحكات الجمهور نظرًا لكونها متوقعة وتقليدية، كما جاء مشهد منح المريض الإفريقى المكافأة المالية علنًا أمام الحارة بشكل مفتعل أيضًا، وهو ما ينطبق على شخصية فتوة الحارة التى تجاوزها الزمن ولم تعد لها مصداقية لإعادة تقديمها على الشاشة باعتبارها ظاهرة مستمرة فى عصرنا الحديث.
تم نسج حبكة تشويه الدكتورة عاليا كجزاء لوالدها بشكل يشوبه الكثير من الاستسهال والاستخفاف بعقل المشاهد حيث وصلت حقن البوتوكس المغشوش فجأة ليد الدكتورة عاليا بمنزلها رغم أن المفترض أنه تم دسها فى عيادة الدكتور نبيل فقط بهدف توريطه وتشويه سمعته، بذل هنيدى جهدًا كبيرًا لجعل مفارقات الفيلم مضحكة، وهو ما لم يتحقق فى أغلبها إذ ساد الصمت لدى جمهور السينما فى معظم مواقف الفيلم وليس الضحك، كما قدم معظم ممثلى الفيلم أداءً نمطيًا، بينما جاء دور رحمة أحمد محبطًا للغاية حيث لم يساعدها على التوهج المتوقع لها فى أول أدوارها بعد نجاحها المدوى فى مسلسل الكبير أوى الذى يحتم عليها اختيار أدوار تضيف لها وتمنحها ما يعزز قدراتها الكوميدية والتمثيلية.