حكاية «العروس» التي اختطفها المطرب كارم محمود عند تمثال نهضة مصر
تحل اليوم الذكرى الأولى بعد المائة لميلاد المطرب الذي لقب بـ“الكروان”، كارم محمود، والمولود في مثل هذا اليوم من عام 1922، ذاع عنه في الوسط الفني وبين جمهوره حسن الخلق والطباع والهدوء.
بجانب تاريخه الطربي والغنائي الطويل، قدم كارم محمود إلي السينما المصرية عددًا من الأفلام السينمائية، نذكر من بينها: “الخمسة جنيه”، “دستة مناديل”، “فايق ورايق”، “تحيا الرجالة”، “خبر أبيض”، “تار بايت”، “نور عيوني”، “معلهش يا زهر”، “ليلة غرام”، “لسانك حصانك”، “نص الليل”، “ورد شاه” وغيرها.
على أن المطرب كارم محمود خاض تجربة الكتابة الصحفية، ففي واحدة من مقالاته المنشورة بمجلة الكواكب، يحكي “كارم” عن قصة طريفة حيث دبر مقلب لأحد أصدقائه.
يستهل “كارم” قصته بقوله: “سمعت عنه كثيرًا في بدء حياتي الفنية، كان أحد الأساتذة الذين يهوون الغناء ولهم صيت عريض في دنيا الطرب، إلا أنه كان من المدرسة القديمة، فلم يكن بيننا انسجام في هذا الميدان، وكان يعتبرنا أطفالا في الفن، أما هو فأستاذ، وأستاذ كبير، وعرفت من بعض أصدقائي أنه مزواج، لا تكاد عيناه تقعان على امرأة جميلة حتى يتودد إليها، وفي الأسبوع التالي يتزوجها، فإذا رأى امرأة أخرى فلا بأس عنده من أن يتزوجها بجوار الأولى أو يطلق الأولى أن رفضت أن تقاسمها بيته ضرة”.
كارم محمود يلقن صديقه المزواج درسًا
وعن تفاصيل المقلب الذي دبره كارم محمود لصديقه المزواج، يمضي قائلًا: “وجدت فرصة للانتقام منه، عرفت موعدًا كان سيذهب فيه إلي دار الإذاعة فتحدثت إليه عن طريق التليفون مقلدا صوت فناة وقلت له: ”إنني قد أحببته حبا يصل إلي حد العبادة، وإنني أتمني أن أراه"، فأبدي استعداده لأن يؤدي لي هذه الخدمة رغم أنه ــ على حد قوله ــ لا يتحدث إلى المعجبات إطلاقًا، وضربت له موعدا عند تمثال نهضة مصر، وقصصت ما حدث على بعض أصدقائي فقالوا يجب أن نذهب إليه في الموعد على أن تعد له زفة لا مثيل لها.
مقلب بفرقة “حسب الله”
وذهبنا إلي بعض الموسيقيين من فرقة "حسب الله" واتفقنا معهم على أن نلتقي قبل الموعد الذي حددته مع الأستاذ بنصف ساعة، لأن العريس دقيق في مواعيده، وقد يغضبه أن نتأخر عنه. وفي الموعد المتفق عليه التقينا جميعا، وأمضينا نصف ساعة في تلحين نشيد جديد خاص بالمناسبة، وانطلقنا إلي ميدان المحطة، وبدأت الموسيقى تعزف ونحن نردد النشيد والناس يتجمعون حولنا باحثين عن العريس.
ووجدنا الأستاذ واقفًا وقد ارتدي فاخر الثياب، وأحطنا به فنظر إليه الناس وضحكوا، وابتعد عنا قليلًا فمشينا وراءه، ونظر إلينا شذرا فلم نرتدع، وأخيرًا طوح عصاه فاصطدمت بأس واحد من أفراد الفرقة الموسيقية وسالت الدماء وراح يضرب بالعصا يمينا وشمال ونحن نحاول أن نتكاتف لنصد هياجه بلا جدوى.
تدخل البوليس لفض المقلب
ويضيف كارم محمود: وتدخل جنود البوليس لفض المعركة، ولكن الأستاذ أصر على أن نذهب إلي قسم البوليس لأننا اعتدينا عليه، وهو المعتدي، وفي قسم البوليس قال الأستاذ للضابط المحقق أننا اختطفنا منه عروسًا كان قد أتفق معها على اللقاء والزواج بها، وضحك الضابط وفهم أن في الأمر سرًا، وأن هذه الزفة لا بد أن تكون وليدة تدبير سابق، وأنه لا يعقل أن تكون رواية الأستاذ صحيحة لأنه ليس في الدنيا عروس تلتقي مع العريس عند تمثال نهضة مصر لتتزوج هناك.
وتظاهر الضابط بالخروج لأمر ما، وأرسل أحد جنوده يستدعيني إلي حجرة أخري وطلب مني وهو يضحك أن أسرد عليه تفاصيل ما حدث، وسمع القصة وهو مغرق في الضحك ثم عاد إلي حجرة التحقيق وقال للأستاذ أنه سيحيله إلى النيابة نظرًا لأنه أصاب رأس أحد أفراد الفرقة الموسيقية، وأرتاع الأستاذ للتهمة، وقال إنه برئ وتوسل إليه أن يعقد بيننا صلحا، وقبلنا طبعا، بعد أن ضاعت العروس الموهومة من الأستاذ المزواج.