التقارب المصرى الإيطالى
على رأس وفد رفيع المستوى، وبعثة تجارية تمثّل كبرى الشركات الإيطالية، زار القاهرة أنطونيو تايانى، نائب رئيس الوزراء، وزير الشئون الخارجية والتعاون الدولى الإيطالى، الذى أكد أن هذه الزيارة تأتى لتفعيل الشراكة الاستراتيجية بين البلدين، ووضع حجر أساس لمزيد من التعاون الاقتصادى، وتعزيز تواجد الشركات الإيطالية فى مصر، خاصة العاملة فى مجالات الزراعة والغذاء، مشددًا على أهمية تحقيق الأمن الغذائى، خلال المرحلة الراهنة، التى يعانى فيها العالم من أزمات متتالية.
بالتزامن، كان السفير بسام راضى يقدم أوراق اعتماده سفيرًا فوق العادة لمصر فى روما، إلى الرئيس الإيطالى سیرجیو ماتاريلا، الذى طلب نقل تحياته للرئيس عبدالفتاح السيسى، معربًا عن تقديره البالغ قيادته الحكيمة لمصر، التى وصفها بأنها دولة محورية فى منطقة المتوسط، وأشاد بإسهاماتها فى تحقيق الاستقرار الإقليمى بأسره. وعليه، نتوقع أن تشهد العلاقات المصرية الإيطالية، خلال الفترة المقبلة، مزيدًا من التقارب والتعاون المشترك فى كل المجالات وعلى مختلف الأصعدة، فى ظل قيادة جورجيا ميلونى الحكومة الإيطالية.
بأصوات الغاضبين من غلاء المعيشة، والمؤيدين لشعار «الله.. الوطن.. العائلة»، والرافضين إملاءات الاتحاد الأوروبى، والراغبين فى إعادة التفاوض بشأن المعاهدات الأوروبية، قفزت نسبة حزب «فراتيلى ديتاليا»، أو «أخوة إيطاليا»، من ٤٪ فى انتخابات ٢٠١٨، إلى ٢٦٪ فى الانتخابات التشريعية الأخيرة، ليصبح الحزب الأول فى البلاد، ولتكون رئيسته، جورجيا ميلونى، أول امرأة تترأس الحكومة الإيطالية.
بعد بروكسل، عاصمة الاتحاد الأوروبى، كانت زيارة ميلونى الخارجية الثانية، بعد توليها المنصب، إلى شرم الشيخ، للمشاركة فى قمة المناخ، كوب ٢٧، ولدى استقبال الرئيس السيسى لها، أكدت حرص بلادها على توثيق أواصر التعاون الثنائى بين البلدين، مؤكدة أن مصر تمثل بالنسبة لإيطاليا، ولكل القارة الأوروبية، دعامة محورية للأمن والاستقرار فى منطقة الشرق الأوسط وحوض البحر المتوسط.
سمات مشتركة عديدة تجمع بين الشعوب المحيطة بالبحر الأبيض المتوسط. وإيمانًا بانتمائها المتوسطى، حرصت الدولة المصرية على المشاركة فى منتدى «حوارات روما المتوسطية»، الذى تنظمه وزارة الخارجية الإيطالية، منذ إطلاق نسخته الأولى، سنة ٢٠١٥، وحتى النسخة الثامنة، التى أقيمت أواخر نوفمبر الماضى، وخصصت جلسة حوار لوزير خارجيتنا، طرح خلالها الرؤية المصرية إزاء التطورات الإقليمية والدولية، وأهم التحديات المرتبطة بأزمتى الغذاء والطاقة، واستعرض نتائج وأهم مخرجات قمة شرم الشيخ للمناخ.
هناك، إذن، علاقات صداقة راسخة بين مصر وإيطاليا، وإرادة سياسية قوية بين البلدين لتطوير هذه العلاقات ودفعها للأمام. كما أن للشركات الإيطالية رصيدًا كبيرًا من العمل المثمر على الأراضى المصرية، وهناك آفاق واسعة للتعاون الاقتصادى على جميع الأصعدة. وفى هذا السياق، استقبل الرئيس السيسى، بقصر الاتحادية، نائب رئيس الوزراء، وزير الشئون الخارجية والتعاون الدولى الإيطالى، والوفد المرافق له، الذى ضم آنا ماريا بيرنينى، وزيرة الجامعات والبحث العلمى، وريكاردو جواريليا، أمين عام وزارة الخارجية، وميكيلى كوارونى، السفير الإيطالى لدى القاهرة، وعددًا من مسئولى كبرى الشركات الإيطالية العاملة فى العديد من المجالات، خاصة فى الطاقة والزراعة واستصلاح الأراضى والصناعات الغذائية.
بحضور الدكتور مصطفى مدبولى، رئيس مجلس الوزراء، والسفير سامح شكرى، وزير الخارجية، والدكتورة رانيا المشاط، وزيرة التعاون الدولى، والسيد القصير، وزير الزراعة واستصلاح الأراضى، أعرب الرئيس السيسى عن ترحيب مصر بأعضاء الوفد الإيطالى والبعثة التجارية، وتبادل معهم الرؤى بشأن عدد من الملفات الإقليمية والدولية ذات الاهتمام المشترك، كما جرى التباحث حول عدد من موضوعات التعاون الثنائى، واتفق الجانبان على مواصلة العمل خلال المرحلة المقبلة، لتعظيم الاستفادة من الإمكانات الكبيرة لدى البلدين، ومواصلة التنسيق لمواجهة التحديات الدولية، السياسية والاقتصادية، المتزايدة.
.. وتبقى الإشارة إلى أن السفير بسام راضى، المتحدث السابق باسم رئاسة الجمهورية، سفيرنا الحالى لدى روما، ذهب إلى إيطاليا حاملًا معه توجيهات مباشرة من الرئيس السيسى بالعمل على تطوير العلاقات بين البلدين والارتقاء بها، على النحو الذى يدعم المصالح المشتركة والشعبين الصديقين، ويتسق مع عراقة حضارتيهما العظيمتين، اللتين قدمتا الكثير من الإسهامات الملهمة للعالم كله وللإنسانية جمعاء.