تنافس «ديزني».. «المتحدة» تعيد رونق مسلسلات الكرتون فى مصر (تفاعلي)
"بكار"، "بوجي وطمطم"، "عالم سمسم"، "المغامرون الخمسة"، أسماء عندما تقرأها تعود إلى ذكريات الطفولة، حيث شهر رمضان وتجمع الأسرة حول مائدة الإفطار ومتابعة تلك المسلسلات الكرتونية التي لم تكن تستغرق مدة طويلة في العرض، إلا أنها تركت أثرًا كبيرًا داخلنا في سلوكياتنا وانتمائنا لوطننا، فهي لم تكن للترفيه فقط إنما قدمت رسائل تربوية وتعليمية للطفل، ورغم تقدم مصر في إنتاج تلك الأعمال خلال سنوات مضت، إلا أن هذا التقدم لم يستمر وتراجعت الأعمال إلى أن أصبح الإنتاج المصري الخالص صفر، فدخلت الأعمال الأجنبية إلى عقول الأطفال وتم دبجلتها فقط دون تنقيح أغلبها بناء على العادات والقيم المصرية التي نريد زراعتها في الطفل.
ومن هنا انتبهت الشركة المتحدة للخدمات الإعلامية إلى خطورة هذا الموقف على عقول الأطفال، ولا بد من اختراق هذا الجانب لنعيد أطفالنا إلى السلوكيات التي نسعى لتربيتهم عليها، وإعادة تأصيل الوطنية في نفوسهم، أيضًا التمسك بتعاليم الدين والقيم والعادات المصرية، فاتجهت الشركة لإعادة رونق مسلسلات الكرتون إلى مصر، وذلك بناء على مبادرة الرئيس عبدالفتاح السيسي "بناء الوعي" التي تستهدف حق الأجيال القادمة في التربية والتعليم على أسس سليمة تقوم على المواطنة والتسامح والأخلاق النبيلة وتنمية المهارات.
خلال السطور التالية نقدم لك رحلة الكرتون من بداية ظهورها إلى تبني شركة المتحدة عودة الريادة لمصر في عالم الرسوم المتحركة.
"فرانكل" و"مهيب" أول من صنع "الكرتون"
يمكننا البداية من العام 1935م حين دخلت مصر عالم الرسوم المتحركة على يد الأخوة "فرانكل"' شقيقان مصريان من جذور روسية، حيث أنتجا شخصية "مشمش أفندي" بإمكانيات تقنية محدودة.
وفيما يلي نستعرض أبرز مسلسلات الكرتون خلال عدد من السنوات، من خلال أداة "فلوريش"، بالضغط على كل صورة منها تستعيد معنا ذكريات الطفولة بالاستماع إلى تترات كل منها:
في السطور التالية، تحدثنا مع عدد من المتخصصين في عالم الرسوم المتحركة، حول خطوة إعادة مسلسلات الكرتون المصرية الخالصة إلى الشاشات المصرية، وما التقنيات الجديدة التي تطورت في هذا العالم وكيف تصل مصر إلى العالمية من خلالها.
مخرج "المغامرون الخمسة": حصر الأعمال في رمضان غير كافٍ
البداية كانت مع محمد الدندراوي، مخرج عدد من المسلسلات الكرتونية أشهرها "المغامرون الخمسة"، يرى أن خطوة عودة المسلسلات الكرتونية للشاشات المصرية أمر جيد لكن إنتاج مسلسلين فقط وحصر عرضهما في شهر رمضان غير كافي، لعدة أسباب؛ الأول يخص الصناعة، فمصر تمتلك مواهب كثيرة في هذا المجال لكن ليس هناك إنتاج يسع لكل المواهب، ما جعلهم يتجهون للعمل مع شركات عالمية مثل ديزني، ويجب اعطائهم فرصة في بلدنا من خلال الاهتمام بتلك الصناعة واستقطاب تلك المواهب إليها.
وأوضح "دندراوي" في حديثه لـ"الدستور"، الأسباب الاجتماعية هي أن الطفل يحتاج إلى فن مؤثر في بناء شخصيته وينمي لديه الوعي والتفكير النقدي، وذلك من خلال تقديم إنتاج يتناسب مع قيمنا المصرية، لكن الاتجاه في الفترة الأخيرة كان إلى الكرتون المدبلج الذي قد يحتوي على أفكار غير متناسبة مع أفكارنا، فقد يكون محتواها غير متناسب مع ثقافتنا، أو تقدم محتوى ديني أقرب للتطرف.
أما اقتصاديًا، فكان التفكير في "الكرتون" لدى أصحاب القرار أن عرضها لا يُدر المبالغ المالية التي تحققها المسلسلات، حيث يصاحبها العديد من الإعلانات التي تعود بعائد مادي كبير، رغم أن الاهتمام بها قد يحقق أرباحًا أعلى كما نرى في مسلسلات وأفلام الكرتون الأجنبي التي باتت تحصل على المراكز الأولى في تصنيف الـ "Box Office"لأن هناك اهتمام كبير بإنتاجها وبالتالي تحصل على إيرادات مرتفعة، وأصبح الاستثمار في الرسوم المتحركة أهم اقتصاد في العالم، فعندما ينجح عمل يتحول إلى ألعاب فيديو ويتم طباعتها على منتجات كثيرة كحقائب المدارس وغيرها، فتتحول إلى اقتصاد يحقق مكاسب لا حصر لها.
أما الأسباب النفسية، فتحدث عن أن الثقافة المصرية قادرة على غزو العالم لأن لدينا موروث ثقافي كبير مليئ بالقصص، أيضًا نتمتع بخفة الدم، وهو ما يشكل قوى ناعمة مصر قادرة على استخدامها وبثها بأكثر من لغة، لذا من الضروري تغيير الفكرة المأخوذة عن الرسوم المتحركة وأنها قادرة على تقديم صورة مصر بأفضل شكل.
واقترح أن يُفرض على كل شركة إنتاج إنتاج مسلسل كرتوني كل عام، ما يجعل لدينا تنوع في الإنتاج، وتتحول فكرة عدم الاهتمام بالرسوم المتحركة إلى وضعها على خارطة الإنتاج والعرض.
مؤلف "يحيى وكنوز": "المتحدة" قدمت مغامرة إنتاجية
انتقلنا بعد ذلك إلى محمد عدلي، مؤلف كرتون "يحيى وكنوز"، الذي أكد أن هناك توجه بتقديم محتوى له علاقة بدراما الطفل، وجاءت له فكرة "يحيي وكنوز" التي عرضها على الشركة المتحدة للإنتاج الفني، وقابلتها بترحاب كبير، وحدث في الفكرة تطورات كثيرة انتهت بعرض الحلقات في رمضان الماضي واستكمال الجزء الثاني منها رمضان القادم، شارك فيها رامي عيد مصمم الجرافيكس الخاص بالمسلسل وأخرجها محمد عيد، برعاية الشركة المتحدة وشركة هاشتاج، الذين م يبخلوا بضخ أموال في عمل يعتبر مغامرة إنتاجية، فكان لديهم الحس الفني الذي آمن بالفكرة وسخروا للفريق كل الإمكانيات المتاحة ولم ينتظروا أي أرباح منها.
وأكد "عدلي"، في حديثه لـ"الدستور"، أن الجزأين فيهما تركيز كبير على التدقيق التاريخي حيث وضع كل معلومة تاريخية بعد التأكد التام من صحتها، مؤكدًا أن العمل تم في مناخ جيد، لذا يراهن على أن ينافس "يحيى وكنوز" أعمال عالمية، من حيث الدراما والتحريك والأصوات، مشيرًا إلى أنه تم فتح باب المنافسة محليًا أيضًا، حيث سيتم عرض مسلسل "المحمية" و"ديسكفري"، ما يعني أن سوق العمل في طريقه للعودة مرة أخرى لإنتاج أعمال مصرية خالصة، متمنيًا الاتجاه أيضًا لإنتاج أفلام كرتونية مصرية خالصة تُعرض في السينمات لتنافس الإنتاج العالمي كما يحدث الآن في المسلسلات.
مسئول الجرافيك في "يحيى وكنوز": دعم الدولة أساس عودة الصناعة
وعن التقنيات، تحدثنا مع رامي عيد، مسئول الجرافيك في مسلسل "يحيى وكنوز"، الذي قال إن التقنيات الجديدة التي دخلت عالم الكرتون هي تقنية الـ3D أو ثلاثية الأبعاد، وبالرغم أنها تقنية ليست جديدة في العالم إلا أن مصر لا تزال تخطو خطواتها الأولى فيها منذ العام الماضي من خلال تجربة "يحيى وكنوز"، وكانت هناك محاولات سابقة للعمل بها قبل ذلك لكنها لم تكتمل إما سوء إدارة أو تكبد خسائر عند بيعها، لأن الشركة المنتجة تضع توقعات بإنتاج مسلسل عالي الجودة يحاكي المنتجات الأجنبية لكن هذا لا يتحقق، لأن العنصر الحاكم هو ما سيعود على المشتري من أرباح، بالتالي فإن الأفضلية تكون للمسلسلات التي تُدر أموال الإعلانات لا للكرتون، بالتالي الاستسهال بشراء كرتون من الصين أو أمريكا ودبجلته.
ويرى "عيد"، خلال حديثه مع "الدستور"، أن المنافسة ظهرت لأن الشركة المتحدة قررت توجيه للأطفال أفكار مصرية أصيلة، وبالتالي إن لم يكن هناك دعم دولة ستكون المنافسة صعبة مع السوق العالمي الذي يضع مليارات في سبيل إنتاج الكرتون، فالدولة المصرية تريد بناء عقول وطنية وتحكي عن حضارتنا حتى لو بإمكانيات متواضعة، وبالتدريج سنصل إلى الجودة والإمكانيات الكبيرة التي تستخدمها الشركات العالمية.
مخرج "سرحان ونفيسة": الصناعة قد تنقرض لقلة التمويل
واختتمنا الحديث مع عمرو كمال، مخرج ومؤلف كرتون "سرحان ونفيسة "، في حديثه مع "الدستور"، قال إن الصناعة تكاد تختفي لعدم وجود تمويل أو اهتمام به، ما قد يؤدي إلى انقراضه، وذلك رغم أن الصناعة والكفاءات موجودة، ولكن القنوات الفضائية تهتم بشكل أكبر بالمادة التي تكون مصدر للإعلانات، وهذا عكس ما كان يحدث في الماضي الذي كانت تعتمد عليها كل قناة، للاعتقاد أنها لا تأتي بإعلانات وتتسبب في الخسارة، بالتالي لم يعد لمسلسلات الكرتون الانتشار الواسع الذي حققته قديمًا، مؤكدًا أن كثير من العاملين في هذا المجال لديهم أعمال يريدون تقديمها، لكن القنوات لا تريد عرضها لأنها لا تحقق المردود المادي الذي ترجوه.
انفوجراف مجهودات الشركة المتحدة فى إعادة إحياء كرتون الطفل
في النهاية، يمكننا أن نطلعك على ما قدمته الشركة المتحدة من المبادرات لعالم الطفل، حيث لم تتوقف عند مسلسلات الكرتون فقط، إنما كانت لها عدد من المبادرات، نوضحها لك في الانفوجراف التالي: