قلعة صناعية جديدة
إلى القلاع الصناعية العديدة، التى أقيمت على أرض مصر، خلال الثمانى سنوات الماضية، أضيفت قلعة جديدة، صباح أمس الأربعاء، بافتتاح الرئيس عبدالفتاح السيسى «مجمع الأسمدة الآزوتية» بالعين السخنة، الذى يأتى بعد أربع سنوات إلا يومين، من تعاقد شركة النصر للكيماويات الوسيطة، مع شركة «بتروجيت» المصرية، ومجموعة «تيسن جروب» الألمانية، على تنفيذ أعمال تصميم وإنشاء هذا المجمّع.
منتصف فبراير ٢٠١٩، زار الرئيس السيسى ألمانيا، للمشاركة فى أعمال الدورة الخامسة والخمسين لـ«مؤتمر ميونخ للسياسات الأمنية»، وكان أول رئيس غير أوروبى يلقى كلمة فى الجلسة الرئيسية للمؤتمر. وخلال تلك الزيارة، التى استمرت أربعة أيام، استقبل بمقر إقامته فى ميونخ، رؤساء عدد من الشركات الألمانية، كان من بينهم «جيدو كيركهوف»، الرئيس التنفيذى لمجموعة «تيسن جروب»، الذى ناقش معه الرئيس أنشطة المجموعة فى مصر وتفاصيل مشروع إنشاء مجمع مصانع الأسمدة بالعين السخنة.
بعد شهر تقريبًا، تحديدًا فى ١٧ مارس التالى، تعاقدت الشركة الوطنية الرائدة فى صناعة الأسمدة، على إنشاء المشروع، مع المجموعة الألمانية، التى سبق أن قامت بتصميم وتشييد ١٦ مصنعًا، لإنتاج الأسمدة فى مصر. وهنا، تكون الإشارة إلى أن شركة «بتروجيت»، التابعة لقطاع البترول المصرى، تعد من أكبر مقاولى الأعمال المتكاملة بالشرق الأوسط وشمال إفريقيا، وقامت بتنفيذ العديد من المشروعات العملاقة فى الإمارات، السعودية، سلطنة عمان، الكويت، الأردن، السودان، الجزائر، العراق، و... و... وموزمبيق.
المهم، هو أن «مجمّع الأسمدة الآزوتية» بالعين السخنة، الذى بلغت تكلفة إنشائه ٨٠٠ مليون دولار، يتكون من ٦ مصانع كبرى، تنتج أكثر من مليون و٧٥٠ ألف طن سنويًا: مصنع إنتاج الأمونيا بطاقة ٤٤٠ ألف طن.. مصنع إنتاج اليوريا السائلة بطاقة ٣٨٠ ألف طن.. مصنع إنتاج اليوريا المحببة بطاقة ٣٠٠ ألف طن.. مصنع إنتاج حامض النيتريك بطاقة ١٦٥ ألف طن.. مصنع إنتاج نترات النشادر بطاقة ٢٠٠ ألف طن.. مصنع إنتاج نترات النشادر الجيرية بطاقة ٣٠٠ ألف طن.
قد ينشرح صدرك أكثر لو عرفت أن هذا المجمع الضخم، بمصانعه الستة، هو جزء من المرحلة الثانية لمشروع قومى أضخم، تستهدف به شركة النصر للكيماويات الوسيطة، أقدم وأكبر شركات جهاز مشروعات الخدمة الوطنية التابع لقواتنا المسلحة، توسيع أو تعزيز قائمة منتجاتها الحالية، التى تغذى بها السوق المحلية، وتقوم بتصدير الفائض منها إلى ٥٦ دولة، قابلة للزيادة، مع استمرار تزايد طلبات الاستيراد من الدول، التى كانت تعتمد على روسيا وأوكرانيا وبيلاروسيا والصين، وغيرها، فى توفير احتياجاتها من الأسمدة.
إلى جانب قرار الصين، التى هى منتج رئيسى للأسمدة النيتروجينية والفوسفاتية، الصادر منتصف أكتوبر ٢٠٢١، بفرض قيود على الصادرات لحماية الإمدادات المحلية، أحدثت الأزمة الأوكرانية أزمة كبيرة فى أسواق الأسمدة العالمية. كما أدى ارتفاع أسعار الغاز الطبيعى إلى تقليل هوامش الربح فى الدول الأخرى المنتجة للأسمدة، ما دفعها إلى خفض إنتاجها، كما فعلت، مثلًا، شركة الأسمدة النرويجية العملاقة «يارا»، التى كانت ٥٠ دولة تعتمد على إنتاجها. وبالتالى تفاقمت أزمة الأسمدة، للدرجة التى دفعت برنامج الأغذية العالمى، التابع للأمم المتحدة، WFP، إلى التحذير من أن تلك الأزمة قد تهز العالم وتقلبه رأسًا على عقب.
فى هذا السياق، نكون، فعلًا، أمام «علامة فارقة بالنسبة للاقتصاد المصرى»، و«علامة فارقة لدولة ديناميكية تشكل مستقبلها»، بوصف كورد لاندسمان، الرئيس التنفيذى للمشروعات بشركة «تيسن جروب»، الذى أعرب عن فخر الشركة مشاركتها مع شركة «بتروجيت» فى تنفيذ «هذا المشروع العملاق»، الذى تطلب أكثر من ٢٢ مليون ساعة عمل، و١٤ ألف طن من الحديد و٤٥٠٠ طن من الأنابيب و١٠٠٠ كيلومتر من الكابلات.
.. وأخيرًا، أسعدنا، وقد يُسعدك أنت أيضًا، إشارة الألمانى «لاندسمان»، إلى أنه كان يرى «رؤية مصر ٢٠٣٠»، عندما تم إطلاقها منذ عدة سنوات، «خطة طموحة للمستقبل»، وأنه اليوم أمام «تأكيد جديد أو شهادة جديدة على تحوّل هذه الخطة الطموحة إلى حقيقة، خطوة بخطوة».