بنك بدولار واحد!
بدولار واحد، فقط لا غير، استحوذ بنك «إتش إس بى سى»، أمس الإثنين، على وحدة بنك «سيليكون فالى» البريطانية، التابعة للبنك الأمريكى المفلس، الذى يقع مقره الرئيسى فى سانتا كلارا بولاية كاليفورنيا، والذى وضعته مجلة «فوربس» على قائمة أفضل البنوك الأمريكية، فى ٦ مارس الجارى، للسنة الخامسة على التوالى. وبالتزامن، تدخلت الإدارة الأمريكية، بعدة تدابير، لوقف أى تداعيات، كوارث أو أزمات، أوسع نطاقًا للانهيار المفاجئ للبنك، الذى تتبعه الوحدة البريطانية.
البنك الأمريكى المفلس، المتخصص فى تمويل الشركات التكنولوجية الناشئة، له وحدات أو فروع أخرى فى الصين وكندا والدنمارك والسويد والهند و... و... وليس له وحدات أو فروع داخل منطقة الشرق الأوسط إلا فى إسرائيل، التى ذكر موقع «كالكاليستك» الاقتصادى العبرى أنها ستتضرر بشدة من التداعيات السلبية لإفلاس البنك، موضحًا أن هناك خسائر فادحة تنتظر أكثر من ١٠٠ شركة ناشئة، وقطاع التكنولوجيا الإسرائيلية إجمالًا. فى حين أكدت الوحدة الصينية، التى تتوزع ملكيتها بين البنك الأمريكى وبنك «شنغهاى بودونج ديفلوبمنت»، أن عملياتها مستقلة ومستقرة، وتتم وفقًا للقوانين واللوائح الصينية ولأفضل معايير الحوكمة. وشددت على أنها مستمرة فى تقديم خدماتها لشركات التكنولوجيا والابتكار الناشئة فى الصين.
وسط هذه المعجنة، ومع تزايد التوقعات بحدوث تتابعات، أزمات أو كوارث، على نطاق أوسع، قال بنيامين نتنياهو، رئيس الوزراء الإسرائيلى، من العاصمة الإيطالية روما، إنه يتابع عن كثب تطورات تلك الأزمة، وتداعياتها المحتملة، فى حين طمأننا البنك المركزى المصرى، فى بيان لا يزيد على ٤٠ كلمة، بأنه لا يوجد أى تداعيات سلبية على القطاع المصرفى المصرى، تأثرًا بالأوضاع المالية التى يتعرض لها بنك سيليكون فالى، نظرًا لعدم امتلاك البنوك المصرية أى ودائع أو توظيفات أو معاملات مالية لدى ذلك البنك.
المهم، هو أن نويل كوين، الرئيس التنفيذى لبنك «إتش إس بى سى»، HSBC، توقع أن يكون لعمليه الاستحواذ، التى أشرنا إليها فى البداية، «مردود استراتيجى ممتاز» على أعمال البنك فى المملكة المتحدة. ومن بيان أصدره جيريمى هانت، وزير المالية البريطانى، عرفنا أن الحكومة وبنك إنجلترا قاما بتسهيل الصفقة أو العملية لضمان «حماية ودائع العملاء، دون دعم من دافعى الضرائب». وافترض هانت، فى البيان الصادر أمس، أن يشعر عملاء بنك «سيليكون فالى» بالاطمئنان لكون «إتش إس بى سى» هو أكبر بنك فى أوروبا، لافتًا إلى أن عملاء البنك المفلس بات بإمكانهم الوصول إلى ودائعهم والحصول على كل الخدمات المصرفية.
الجهات التنظيمية فى قطاع المصارف الأمريكى، قالت، أيضًا، إن عملاء البنك المفلس سيتمكنون من الوصول إلى ودائعهم بدءًا من أمس الإثنين. وبينما قالت «المؤسسة الفيدرالية للتأمين على الودائع» إن نحو ٨٩٪ من ودائع بنك سيليكون فالى، البالغة ١٧٥ مليار دولار، كانت غير مؤمن عليها حتى نهاية ٢٠٢٢، أكد مارتن جروينبرج، رئيس المؤسسة، فى بيان مشترك، مع جانيت يلين، وزيرة الخزانة، وجيروم باول، رئيس مجلس الاحتياطى الفيدرالى، أن جميع المودعين سيتم تعويضهم حتى لو تخطت ودائعهم الحد الأقصى للتأمين.
لتعزيز الثقة فى القطاع المصرفى الأمريكى، اتخذ الاحتياطى الفيدرالى قرارًا للتيسير على البنوك الاقتراض منه فى حالات الطوارئ، وقامت الجهات التنظيمية، أيضًا، باستحداث منشأة جديدة، تتيح للبنوك الحصول على تمويلات طارئة، وتحركت بسرعة أيضًا لإغلاق بنك «سيجنتشر»، الذى يقع مقره فى نيويورك. وبعد أن تعهّد الرئيس الأمريكى، جو بايدن، بمحاسبة المسئولين عن إفلاس البنكين، قال فى بيان، مساء الأحد، إن وزيرة الخزانة ورئيس المجلس الاقتصادى الوطنى عملا بدأب مع الجهات التنظيمية للتصدى للمشكلة. وطمأن «الشعب الأمريكى» و«الشركات الأمريكية»، بأن ودائعهم المصرفية ستكون موجودة حينما يحتاجونها!.
.. وتبقى الإشارة إلى أن البنك الدولى كان قد حذر فى تقريره الصادر بداية العام الجارى، من اقتراب الاقتصاد العالمى «بشكل خطير» من «وضع الركود»، وتوقع نموًا بنسبة ١.٧٪ هذا العام، متراجعًا عن نسبة ٣٪ التى كان قد توقعها فى يونيو الماضى، بسبب استمرار تأثيرات وعواقب الأزمات المتزامنة والمتقاطعة والمتلاحقة.