في شهر المرأة.. كيف مهّدت عائشة التيمورية طريق النسوية العربية؟
بينما يحتفل العالم في شهر مارس بالمرأة من خلال عدة مناسبات، يجدر الوقوف على الرموز النسائية العربيّة التي كان لها بالغ الأثر في إفساح الطريق أمام النساء في مختلف المجالات، ومن أبرز تلك الرموز الكاتبة والشاعرة عائشة التيمورية.
ولدت عائشة في 1849 وتوفيت 1902، وقد كان أبوها اسماعيل تيمور باشا رجل علم وسياسة وثقافة، ولمس منها ميلًا مبكرًا نحو الكتابة والقراءة فمنحها من وقته للتعليم وأحضر لها اثنين من الأساتذة؛ أحدهما يعلمها الخط والقرآن والفقه، والآخر يعلمها الصرف والنحو واللغة الفارسية.
آراء نسوية مبكرة
في مقال له بمجلة العربي الكويتية نُشر 1960، قال محمود تيمور عن الكاتبة الراحلة: لم يظفر اسم نسوي من الذكر في عالم الأدب خلال القرن التاسع عشر بمثل ما ظفر اسم السيدة عائشة التيمورية.
عبر مقالاتها الاجتماعية وبحوثها التي نشرتها في بعض المجلات والصحف كمجلة "الآداب" وصحيفة "المؤيد"، فضلًا عن كتاباتها الشعرية والنثرية، عبّرت التيمورية عن آراء نسوية مُبكرة وتصورات مختلفة في ذلك الزمان عن الأدوار المنوط بالرجال والنساء الاضطلاع بها، والتي تُحد من مساهمة المرأة في المجال العام.
في الكتاب الذي نشرته مي زيادة عن الكاتبة عام 1926والذي حمل عنوان "عائشة تيمور" تقول: إن اسم التيمورية شجي يحيا بزفراته الحارة المنغومة زفرات تناقلتها الأصداء يوم لم يكن للمرأة صوت يُسمع، فرسمت من الذاتية النسائية خطًا جميلًا حين كانت صورة المرأة سديمًا محجوبًا وراء جدران المنول، وإذا قدر للمرأة المصرية أن تلج هذا الباب وتمعن في المسير كان مرجع الفضل إلى التيمورية.
يوضح محمود تيمور في مقاله أن التيمورية عبر شعرها عبّرت عن ثورتها على الروح التقليدية التي كانت تحكم المجتمع المصري في تلك الحقبة فتجعل من المرأة دمية لا مشاركة لها في علم أو ثقافة.
ويشير إلى أنها من خلال قصائدها عبرت عن أن الفتاة المتعلمة تدعم شخصيتها بالعلم والأدب، وأن العفاف لا يعوق الفتاة عن الإسهام في موكب الحضارة.
الدعوة إلى تحرير المرأة
ما كتبته التيمورية أيضًا في النواحي الاجتماعية يكشف عن وعي في الدعوة إلى تحرير المرأة وتمهيد الطريق لكي تسهم في الحياة العامة. وفي كتابها "مرآة التأمل في الأمور" كتبت التيمورية تأملاتها في العلاقات المتوترة بين الأزواج وزوجاتهم في كثير من العائلات المصرية، كما ناقشت باجتهاد لافت آنذاك حقوق الرجال على النساء والنساء على الرجال من خلال النص القرآني.
في هذا الصدد، لفتت الباحثة نبيلة إبراهيم في ورقتها البحثية التي حملت عنوان: "من أديبات الكتابة النسوية، المرحلة الأولى عائشة التيمورية" إلى أن عائشة التيمورية تعد مُطلِقة الحركة النسوية الحديثة الأولى.
كما أشار الباحث كمال مغيث في ورقته البحثية "عائشة تيمور وأسئلة النهضة" أن الكاتبة لم تُسلّم بسلطة الرجل المطلقة على المرأة، بل أسندت قضية القوامة في الأسرة لصاحب الدور الاجتماعي، وليس للرجل على الإطلاق، وهو ما يعد اشتباكًا نسويًا مبكرًا في قضية شائكة.