الإرهابى مراسلًا ومذيعًا!
استحقت قناة «فرانس ٢٤»، إذن، صفة «لسان الإرهابيين»؛ لأنها استضافت الإرهابى أبوعبيدة العنابى، زعيم ما يوصف بـ«تنظيم القاعدة فى بلاد المغرب الإسلامى»، المدرج على قوائم الأمم المتحدة والولايات المتحدة للإرهاب، وأتاحت له، كما أوضحنا، أمس، ابتزاز الحكومة الفرنسية. وعليه، لا يمكن أن نغمض أعيننا عن إرهابى، بحكم محكمة، كالمدعو أحمد طه، يعمل مراسلًا ومذيعًا!.
المذكور، عاقبته الدائرة الثالثة إرهاب بمحكمة جنايات أمن الدولة العليا طوارئ، غيابيًا، أواخر مايو الماضى، بالسجن المشدد لمدة ١٥ عامًا، فى القضية رقم ٤٤٠ لسنة ٢٠١٨، عن جرائم نشر وإذاعة أخبار كاذبة من شأنها الإضرار بالمصالح القومية للبلاد، وتولى قيادة جماعة أنشئت على خلاف أحكام القانون، الغرض منها الدعوة إلى تعطيل أحكام الدستور والقوانين، ومنع مؤسسات الدولة والسلطات العامة من ممارسة أعمالها والاعتداء على الحرية الشخصية للمواطنين والإضرار بالوحدة الوطنية والسلام الاجتماعى، وشرعية الخروج على الحاكم، وتغيير نظام الحكم بالقوة، والإخلال بالنظام العام وتعريض سلامة المجتمع وأمنه للخطر. واستنادًا إلى هذا الحكم، قررت محكمة جنايات القاهرة إدراجه على قوائم الإرهابيين.
من قناة «الصحة والجمال»، إحدى قنوات الدرجة الثالثة، أو «بير السلم»، التقطته جماعة الإخوان الإرهابية، ودرّبته على ترويج الخطاب الداعى للفوضى، وتصفية رافضى مشروعها، معنويًا، ثم استعملته، ولا تزال، فى تنفيذ مخططاتها أو مؤامراتها، التى تستهدف إسقاط الأنظمة السياسية المستقرة فى كل دول المنطقة. ولعلك تعرف أن الجماعة الإرهابية لديها نظام خاص لاستقطاب، استئجار، تجنيد، أو تأليف قلوب وجيوب الكتاب، الصحفيين والإعلاميين، واستعمالهم فى نشر أفكارها، والترويج لخطابها الأيديولوجى، وتطويع كل الأحداث السياسية، الاقتصادية، والاجتماعية لمصلحتها، أو لمصلحة الدول التى تستعملها.
لو تتبعت أداء ذلك الإرهابى، طوال مسيرته، غير المهنية وغير المشرفة، ستتشكك فى أنه يحمل الجنسية المصرية.. ولو تجاهلت ملامحه الباكستانية، أو الهندية، التى توحى بأنه «ابن حرام»، ستستنتج بسهولة أنه باع نفسه وأهله ووطنه، لحساب الجماعة الإرهابية، أو لمصلحة الدول التى تستعمله وتستعملها، والتى كنا قد أشرنا أمس، مجددًا، إلى أنها تستعمل عددًا من مراسلى وسائل الإعلام الغربية، والعربية أحيانًا، فى ابتزاز الدول بالشائعات المضللة والأخبار الكاذبة وغيرهما من وسائل اللعب القذر.
التكاتف لاجتثاث الإرهاب من جذوره، تصدّر مناقشات الدورة العادية الثانية والخمسين لمجلس وزراء الإعلام العرب، التى استضافتها القاهرة، فى سبتمبر الماضى، والتى ركزت على الدور الحيوى الذى ينبغى أن يقوم به الإعلام فى دعم الأمن القومى العربى وتعزيز بناء المؤسسات وترسيخ أواصر الأخوة بين دول العالم العربى.. ودعت إلى تفعيل أهداف الاستراتيجية الإعلامية العربية ٢٠٢٢- ٢٠٢٦ فى التعامل مع الأزمات والكوارث.. وناقشت سبل إطلاق تعاون عربى لمكافحة الإرهاب والتطرف.
وزراء الإعلام العرب أجمعوا على أن مواجهة التحديات، بكل صورها، لا تقع على عاتق الحكومات بمفردها، وإنما تشارك فيها أيضًا المؤسسات الإعلامية، التى بات عليها الالتزام بمعايير منضبطة وجادة، والتعبير عن أولويات سليمة، والتصدى للأكاذيب والشائعات وتوعية الشعوب والمجتمعات بالأبعاد المختلفة للتحديات وكيفية مواجهتها. وأسعدنا، وأثلج صدرنا، حديثهم عن دور مصر المقدّر كمركز ثقل، للحفاظ على أمن واستقرار الوطن العربى بأكمله. وكذا، إشادتهم بالإنجازات الملموسة، التى تشهدها مصر تحت قيادة الرئيس عبدالفتاح السيسى، على جميع الأصعدة، سياسيًا وتنمويًا واقتصاديًا واجتماعيًا، ووصفهم لها بأنها تقدم نموذجًا يُحتذى به للأمة العربية فى التقدم والازدهار والرؤية المستقبلية، لتحقيق التنمية المستدامة.
.. وأخيرًا، نرى أن إفلات ذلك الإرهابى، الكاذب الكذوب، من العقاب، واستمرار ظهوره على الشاشة، يعنى أن الطريق لا يزال طويلًا، طويلًا جدًا، أمام تفعيل، أو تحقيق، أهداف الاستراتيجية الإعلامية العربية ٢٠٢٢-٢٠٢٦ فى التعامل مع الأزمات والكوارث.. وفى مواجهة الإرهاب وخطاب الكراهية.. والفكر المتطرف.