اسمه مهرجان التمور
منذ أشهر استقبلت إعلانًا باغتنى فجأة عن إقامة مهرجان مصرى للتمور فى حديقة الأورمان مطلع شهر مارس الجارى ولمدة سبعة أيام كاملة.. فرحت.. ابتهجت.. انتشيت.. هذا أول الغيث.. هذا هو موعد الفرح.. لا تستعجب، فالكثيرون من أمثالى يتشعبطون فى جريد النخل، فما بالك وقد أصبحنا الدولة الأولى على مستوى العالم فى إنتاج التمور.. ولكنها ليست الأولى عربيًا فى تصديره.
قلت فى سر بالى هذه هى البداية لمشروع عظيم بدأ منذ سنوات قليلة على أرض أسوان الحبيبة.. فقد بدأت الدولة بعد سنوات طويلة من الغياب فى النظر إلى الجنوب.. أقصى الجنوب.. هناك حيث توشكى.. وحيث بدأت عملية زراعة أربعين ألف فدان بالنخيل الذى يثمر أجود أنواع التمر فى العالم.. القصة مش قصة نخلة.. وشوية بلح.. لكنها الفكرة.. فكرة أن تبحث عمّا يميزك عن الآخرين وأن تستثمر فيه للأجيال القادمة.. النخل ليس مجرد تراث وإن كانت وزارة الثقافة قد نجحت فى تسجيله باليونسكو.. النخل رمز للحياة.. للتاريخ.. للحضارة.. للكرامة.. وفتح بيوت جديدة وعمار وإنتاج ونجاح.. كل هذه المفردات أراها فى زراعة نخلة جديدة فما بالك بثلاثة ملايين نخلة فى قطعة واحدة من أراضى الجنوب الغالى.. وإذا ما نظرت إلى الواحات.. الوادى الجديد والمنيا.. والواحات البحرية فى الجيزة ورشيد فى دمياط والشرقية والعياط تكتمل الصورة.. صورة مدن النخيل العالى الذى يرفرف فى بلادنا..
سيقول أحدهم: وما علاقة ذلك بمهرجان التمور؟.. أقولك الحق.. لقد تخيلت أن السادة فى وزارة الزراعة انتبهوا للقصة كما أراها.. وأنهم من المؤكد بحثوا مسألة أننا الدولة الأولى فى إنتاج التمور على مستوى العالم، لكن هناك اتناشر دولة تسبقنا فى التصدير من العرب فقط.. وأنه من الواجب أن نعمل على تسويق ما ننتج بشكل مختلف، وأن نساير أساليب التسويق الحديثة، ومن بينها مهرجانات التمور والزيتون والطماطم والمانجو وغيرها.. الأمر ليس مجرد تجمع لمنتجى التمور فى مصر من أصحاب المزارع والشركات.. لكنه يتعدى ذلك إلى كل المهتمين بهذه السوق الواعدة من ناحية، وفرصة لأهلنا فى القاهرة والمحافظات لقضاء وقت طيب فى التسوق والفرجة والفرح فى مكان واحد وزمن محدد..
بهذه الخيالات ذهبت إلى حديقة الأورمان.. وليتنى ما ذهبت.. ذلك أن من خطط للمهرجان وأشرف على تنفيذه أفرغ الفكرة من كل أهدافها، وحوّل الأمر إلى جزء من سويقة عشوائية فى قرية بعيدة.. قادة وزارة الزراعة عملوا الواجب وخلاص.. مدرسة فقيرة فى التسويق واستغلال الوقت والفرص... أتوا بمجموعة صغيرة جدًا من شركات صغيرة جدًا من بعض المحافطات تعودنا أن نراها فى أماكن متعددة واحتفالات صورية.. وأضافوا فوق ذلك خيمة لمعرض أهلًا رمضان لبيع الأرز واللحوم والتوابل..قلبوها سويقة فعلًا.. وضاعت فكرة المهرجان.