«العمل المشترك ومناهضة التطرف».. أبرز محاور كلمة أبوالغيط فى «وزراء خارجية العرب»
هنأ الأمين العام لجامعة الدول العربية أحمد أبوالغيط، وزير الخارجية سامح شكري، على رئاسة أعمال الدورة 159 للمجلس الوزاري، مُتمنياً له كل التوفيق والنجاح.
وأشاد بدور المرأة العربية احتفالا باليوم العالمي للمرأة كما أقرته الأمم المتحدة، قائلاً: "وهي مناسبة لكي نعبر جميعاً عن اعتزازنا بالمرأة العربية وبدورها المحوري في عملية التنمية في كافة المواقع والمجالات".
وتابع: "ولكي نجدد الالتزام بالاستمرار في تعزيز أوضاع النساء في المنطقة العربية والارتقاء بها، وضمان حصول المرأة على كل حقوقها".
واعتبر أبوالغيط أن اجتماع المجلس الوزاري على مستوى وزراء خارجية العرب، يعقد اليوم وسط أجواءٍ عالمية وإقليمية متوترة، مردفاً: "ليس من قبيل المبالغة أو التهويل القول إن العالم يعيش أوضاعاً لم يجربها منذ أربعة عقود، فلأول مرة منذ سنوات طويلة يعود الحديث عن الحرب النووية كاحتمالٍ وارد الحدوث، لأول مرة منذ سنوات نرى المنافسة بين القوى الكبرى، وقد انتقلت إلى مرحلة الصراع، بكل ما ينطوي عليه ذلك من تبعات يعانيها العالم بأسره وليس فقط أطراف المنافسة أو الصراع".
وتابع أبوالغيط كلمته في افتتاح أعمال الدورة ١٥٩ على المستوى الوزاري: "لقد جرب العالم من قبل صراعات القوى الكبرى، وما يصحبها من استقطاب حاد، وانقسام الدول إلى معسكرات وأحلاف، غير أن عالمنا اليوم ليس هو عالم القرن العشرين؛ إذ تضخمت شبكة العلاقات والاعتماد المتبادل والتجارة البينية والاتصال بين الدول على نحو غير مسبوق".
ضرورة العمل الدولى المشترك لعلاج القضايا العالمية
وأضاف: "كما ظهر عدد من القضايا التي لا يمكن علاجها أو التعامل معها سوى في إطار متعدد الأطراف، وعبر عمل مشترك تنخرط فيه دول العالم، تلك هي القضايا الخطيرة التي تخص مستقبل الإنسانية بأسرها، مثل التغير المناخي ونزع السلاح والأوبئة والتصدي للفقر وغيرها".
وأردف: "إن الدول النامية والأسواق الناشئة، ومن بينها الكثير من دولنا العربية، تعاني للأسف أكثر من غيرها في مناخ عالمي كهذا"، لافتاً إلى أن التراجع الاقتصادي، وما يرتبط به من مظاهر التضخم والتقلب الخطير في أسعار السلع الأساسية وخاصة الغذائية، ينعكس ولا شك على الاستقرار الاجتماعي، ويضع صعوبات وتحديات مضاعفة أمام عمل الحكومات لحماية الفئات الأضعف.
استراتيجية عربية متكاملة للتعامل مع الكوارث
وأكمل أبوالغيط، وفي تقديري أن هذه التحديات المُستجدة تفرض على دول المنطقة العربية إيلاء أهمية أكبر للتفكير الاستراتيجي في التعامل مع الكوارث والأزمات والأوضاع الطارئة، متابعاً: "وقد رأينا جميعاً ما سببته كارثة الزلزال الذي ضرب تركيا وسوريا قبل شهر من دمار هائل، وما خلفته من ضحايا نترحم عليهم جميعاً وندعو الله أن ينزل سكينته على قلوب أهليهم".
ونوه بأنه بالرغم من تدفق المساعدات الإنسانية والإغاثية من الدول العربية إلى أهلنا في سوريا، وأيضاً إلى تركيا، فإن الحاجة تشتد إلى آلية عربية جماعية للتعامل مع الكوارث، بل إلى استراتيجية عملية للتعامل مع الأزمات الخطيرة ذات التأثير الممتد.
وأضاف: "تحضرني في هذا المقام الاستراتيجية العربية لتحقيق الأمن الغذائي، والتي تُعالج أزمة خطيرة متفاقمة يُعاني منها عدد من الدول العربية على أكثر من مستوى، فهناك الصومال الذي ضربه الجفاف لأربع سنوات متوالية، وصار الملايين من سكانه من النازحين، وهناك اليمن وسوريا اللذان يعيش قسم كبير من سكانهما على المعونات الغذائية، وهناك أوضاع غذائية هشة في دول عربية أخرى، كما أن ارتفاع أسعار الحبوب أدى إلى ضغوط إضافية على الدول المستوردة لها، وهذه الأوضاع تفرض علينا جميعاً التعامل مع استراتيجية تحقيق الامن الغذائي العربي، لا باعتبارها ترفاً وإنما ضرورة مُلحة لمواجهة أوضاع تؤثر على استقرار المنطقة بأكملها".
كما لفت الأمين العام لجامعة الدول العربية إلى أن حالة خفض التصعيد والتهدئة النسبية التي تشهدها النزاعات والأزمات الإقليمية، بدرجات متفاوتة، تمنحنا فُرصةً للعمل بجدٍ من أجل مساعدة الدول في التوصل إلى التسويات السياسية المطلوبة من أجل إنهاء الأزمات القائمة، مستطردا: "إن الحفاظ على سلامة التراب الوطني والوحدة السياسية لهذه الدول العربية العزيزة علينا جميعاً، دون تدخلات في شئونها أو تعد على سيادتها واستقلالها، هو هدف عربي نسعى إليه جميعاً، ونعمل له، ونحض عليه".
القضية الفلسطينية تواجه تحديًا خطيرًا
فيما اعتبر أن القضية الفلسطينية تحد خطير في الفترة الأخيرة باعتلاء حكومة إسرائيلية يمينية سُدة السلطة، معتبرا أنها حكومة يقوم برنامجها على الاستيطان لا السلام، وعلى التوسع والضم وليس التسوية أو الحل.
وأضاف: "ولم يكن مستغرباً على حكومة هذا هو برنامجها المعلن، وهؤلاء هم المعبرون عنها والناطقون باسمها، أن تتورط في إشعال الموقف في الأراضي المحتلة على نحو ما تابعنا جميعاً خلال الفترة الماضية، إن الحكومة الإسرائيلية تُشجع ثقافة خطيرة من الإفلات من العقاب والاعتداء على الفلسطينيين بين مواطنيها، وقد شاهد العالم كله جريمة إحراق المنازل والممتلكات التي مارسها مستوطنون أعماهم التطرف والكراهية في "حوارة"، ورأينا هذا كله يجري تحت سمع وبصر، بل وبحماية من الحكومة اليمينية".
التصدى لجر المنطقة إلى التطرف والعنف
وأشار أبو الغيط إلى أننا نجد أنفسنا أمام تحدٍ حقيقي لأن استمرار مثل هذه الممارسات يجر المنطقة كلها إلى هاوية من التطرف والعنف، قائلاً: "أقول بكل صراحة إن على المجتمع الدولي، وكافة محبي وأنصار السلام في العالم، الاضطلاع بمسئولياتهم نحو لجم السلوك المتطرف الذي تباشره حكومة الاحتلال التي لا تكتفي بتقويض أي فرصة لتطبيق حل الدولتين، عبر التوسع في البناء الاستيطاني وشرعنة البؤر الاستيطانية وهدم البيوت.. وإنما تسعى أيضاً إلى إشعال حرب دينية، وقودها التطرف والكراهية".
تحديات المنطقة تقتضى التضافر والتنسيق
وقال أبوالغيط إن المنطقة العربية تواجه تحدياتٍ تقتضي منّا جميعاً العمل المتضافر وتنسيق المواقف، مردفاً: "ففي زمن الاستقطاب والمنافسات بين القوى الكبرى تكتسب التكتلات بين الدول قيمة أعلى، ووزناً أكبر، وأظن أن التكتل العربي قادرٌ بإمكانياته وقدرات دولة وثقلها في العالم، على خلق مساحات للحركة والاستقلالية الاستراتيجية".