سانت كاترين.. والتجلى الأعظم
مع بدء العد التنازلى لافتتاح «مشروع تطوير موقع التجلى الأعظم» بمدينة سانت كاترين، اجتمع الدكتور عاصم الجزار، وزير الإسكان، الأربعاء الماضى، باستشارى المشروع وعدد من مسئولى الوزارة والجهاز المركزى للتعمير، لاستعراض التصميمات الداخلية للفنادق والنزل البيئى والجدول الزمنى للانتهاء من مختلف مكونات المشروع. غير أن أيامًا معدودة لم تمض على هذا الاستعراض، حتى قام آخرون باستعراض عضلاتهم، أظافرهم، أنيابهم أو تأثيرهم، وأطلقوا شائعة تستهدف تشويه المشروع أو التشويش عليه.
منذ سنة تقريبًا، تحديدًا فى ٦ أبريل الماضى، كتبنا، هنا، عن هذا المشروع الضخم، الذى وضعت وزارة الإسكان مخططًا متكاملًا له، ويتولى تنفيذه الجهاز المركزى للتعمير، بتمويل من هيئة المجتمعات العمرانية الجديدة، تحت إشراف ومتابعة لجنة وطنية عليا تضم ممثلين عن وزارتى البيئة والسياحة والآثار وكل الجهات المعنية. وأوضحنا أن كل أعمال التطوير المتعلقة، أو غير المتعلقة، بالمشروع، لم تقترب من حرم دير سانت كاترين، المسجل على قائمة التراث العالمى، أو من حديقة الدير وأشجارها النادرة وآبارها وعيونها التاريخية.
المشروع، باختصار، سيُحدث نقلة كبيرة فى مدينة سانت كاترين، التى لم يتغير اسمها، ولا توجد أى نية لفعل ذلك، كما زعم خبر كاذب نشره موقع إلكترونى اسمه «القاهرة ٢٤»، فى الثامنة مساء الأحد الماضى، ثم قام بحذفه، دون اعتذار أو تفسير أو تبرير، بعد أن تناقلته صحف ومواقع إلكترونية عديدة، وآلاف الحسابات على شبكات التواصل الاجتماعى.. وبعد أن قام «المركز الإعلامى لمجلس الوزراء»، مشكورًا، بالتواصل مع محافظة جنوب سيناء، التى أكدت أنه لم يتم إصدار أى قرارات بهذا الشأن.
الشكر على الواجب بات ضروريًا، بعد أن تخلّى صحفيون ورؤساء تحرير، للأسف، عن أبسط واجباتهم المهنية، ووقعوا فى الفخ الذى نصبه لهم الموقع الإلكترونى المشار إليه، أو من يستعملونه، وكتبوا آراء وتحليلات ومقترحات، أو خرجوا باستنتاجات، مع أن ما يميزهم، أو ما ينبغى أن يميزهم، عن المواطن العادى، هو قدرتهم على التحقق من صحة المعلومة أو عدمها. وإلى هؤلاء الزملاء، الأعزاء منهم وغير الأعزاء، انضم «تاريخيون» نقل عنهم الموقع الإلكترونى لجريدة «وطنى» وصفهم لتغيير اسم المدينة بأنه «محو للهوية المصرية»، قبل أن ينقل عن «بعض الخبراء» مطالبتهم بعدم «ارتكاب مثل هذه الجريمة»!.
مع تشديدها على أن اسم مدينة سانت كاترين لم يطرأ عليه أى تغيير، أوضحت محافظة جنوب سيناء أن «التجلى الأعظم» هو مشروع يجرى تنفيذه بالمدينة، ولا علاقة له باسمها، وإنما يستهدف تحويلها إلى مدينة للسياحة الدينية والبيئية، مع الحفاظ على طابعها الروحانى والأثرى، وحماية هويتها التاريخية وآثارها، سواء الدينية أو غيرها، وكذا، لتعظيم الاستفادة من مقوماتها السياحية، أثريًا وبيئيًا ودينيًا واستشفائيًا. وكالعادة، ناشدت المحافظة المواطنين عدم الانسياق وراء مثل تلك الأخبار المغلوطة، مع استقاء المعلومات من مصادرها الموثوقة. وكالعادة، أيضًا، ناشد «المركز الإعلامى لمجلس الوزراء» جميع وسائل الإعلام ومرتادى مواقع التواصل الاجتماعى ضرورة توخى الحرص والدقة قبل نشر مثل هذه الشائعات، التى قد تؤدى إلى بلبلة الرأى العام وإثارة غضب المواطنين، وطالب بالإبلاغ عن أى شائعات أو معلومات مغلوطة على أرقام الواتس آب التابعة للمركز على مدى ٢٤ ساعة طوال أيام الأسبوع، أو عبر البريد الإلكترونى.
.. وأخيرًا، لا نجد تفسيرًا لوقوف «المجلس الأعلى لتنظيم الإعلام» مكتوف اليدين أمام مواقع إلكترونية، يعرف القاصى والدانى والواقف بينهما أنها اعتادت على نشر الأخبار الكاذبة، أو الشائعات، ثم حذفها بعد تداولها، دون اعتذار أو تفسير أو تبرير، مع أن المادة ١٩ من قانون إنشاء المجلس توجب عليه «اتخاذ الإجراء المناسب» حيال ذلك، ومع أن الأستاذ رئيس المجلس يؤكد فى كل مناسبة أو كلما أمسك الميكروفون، أن «الشائعات هى الخطر الداهم الذى يجب أن نواجهه الآن»، بل إنه شدّد، ذات مرة، على ضرورة «التنبؤ بالشائعات ومقاومتها». ولعلّك تعرف أن «التنبؤ» هو التكهُّن أو الاستشفاف أو توقُّع الحدث قبل وقوعه!.