كاتبات مصريات.. الحجب في السيرة الذاتية ضرورة (2)
يعد البوح أحد أبرز أعمدة كتابة السيرة الذاتية، البوح اللامنتهى الذي يتجاوز فكرة الحدود والرقابة والموضوعية، هذا نجده في كتابات قليلة ونادرة منها كتابات نوال السعداوي، فتحية العسال، شريف حتاته، محمد شكري ولويس عوض.
ويشير هذا إلى ان السيرة بطلها الرئيس هو البوح وغالبا ما تأتي وجهة نظر واحدة وعلى حد تعبير الكاتب والأكاديمي شكري المبخوت ان السيرة الذاتية العربية" ضعف فيها جانب البوح والتعرّي وتظلّ مشدودة إلى منظومة القيم السائدة أخلاقيّاً ونظرة المجتمع إلى سياسة الجسد.
لذا لا يمكن أن يأتي الحديث عن السيرة الذاتية دون الرجوع إلى أبرز الأسئلة المرتبط بها والمنفتح على مدى مساحة الحرية التي يمكن للكاتب أن يقطعها عبر تقديم سيرته وهو سؤال رئيس طوال الوقت نعرضه ونحاول الإجابة عنه في التقرير التالي "إذ قدر لهم كتابة سيرتهم الذاتية ماذا يحجبون منها ولماذا؟
سما يحيى: في سيرتي الذاتية ساسقط أسماء من أذوني في رحلتي
تقول الفنانة التشكيلية سما يحيي: "لدىّ وجهة نظر بسيطة جدا في مسأله كتابة السيرة الذاتيه متعلقة بالسبب الذي يحرض إيا منا على أن يكتب سيرته الذاتية، ولماذا انا أو غيري نكتب سيرة ذاتيه؟ الإجابة بمنتهي البساطة هو أنني أريد أن أشارك الناس جزأ من روحي ومن تجربتي مع الفن وهذا ما يضيف للقارىء ودارس بجانب انها هويتي وكياني.
في سيرتي "ساستبعد اسماء أشخاص اذتني على المستوى المهني أو الشخصي وساكتب عن سبب استبعادهم ففى ظني كي تستطيع أن تكمل كفنان بصفاء ذهن وبنقاء فني "لازم تتعلم متكرهش" وإنما تستخدم طريقة الشطب والتجاهل.
وتابع يحيي "ساستبعد بعض الأشياء أو الأحداث شديدة الخصوصية لأنها لن تشكل أهمية للقارئ ولأنها قد تتعلق بآخرين قد تشكل شيء من الحرج أو غيره.
وترى يحيى "أن الفن مرآة، وصعب جدًا أنك تخبّي مشاعرك أو روحك، ولو عايز فن حقيقي لازم تصالحها ودي ابسط الطرق، ولذلك من السهل جدا على فكرة تقرأ الفنان وسيكولوجيته من أعماله الإبداعية.
وفاء شهاب الدين: ساحجب ثلث حياتي
تقول الكاتبة الروائية وفاء شهاب الدين "السيرة الذاتية هى ترجمة واقعية لحياتي كل الأمور التي أثرت في وعلي وجدانيا وحياتيا انا في الحقيقة إنسانة واضحة جدا صريحة ربما ليس لدي الكثير لأخفيه.
تؤكد وفاء أن"هناك دائما خطوط حمراء لا يجب أن تظهر في إلى العلن احتراما لعلاقاتي بالناس بعائلتي وأصدقائي، ربما أسماء وهمية لأصدقائي المقربين ، وربما أحجب أحداث مهمة شكلت أكثر من ثلث حياتي ؛ لأن البعض قد يختلف عليها وأضع نفسي محل جدال أنا في غنى عنه وقد يؤثر على أسرتي إخوتي أصدقائي..
وتتابع شهاب الدين "لن أذكر الكثير عن أبي لأنني لم أعش معه سوى فترة قصيرة لا تتعدى ثلاثة أشهر كل عام كذلك علاقتي بأمي وإخوتي قد أفرد صفحات كثيرة جدا لعلاقتي بإحدى خالاتي وهي التي شاركتني الكثير من أحداث حياتي وساندتني بكل الطرق رغم بساطتها فقد تركت بداخلي أثر يستحق أن أذكره.
ولفتت "لن أتطرق إلى الحديث عن الأحداث السياسية فلست مولعة جدا بالتاريخ حتى وإن كانت الأحداث السياسية تؤثر في الكتاب أكثر، ما تؤثر في العامة،سأحجب هويتي الدينية فليس من حق أحد معرفة ديني او معتقداتي عامة وحتى لا اتعرض للتصنيف من قبل مستشرفي المتدينين سأحجب قصص الحب التي مررت بها إلا واحدة سأفرد لها كل الفصول سأرصدها هذه المرة بعد فترة طويلة من انتهائها ربما أتوصل إلى السبب الحقيقي لتلك النهاية فكثير من الأوقات حين نسكن قصة ما تخدعنا مشاعرنا وتملأ رءوسنا خيالات وتوقعات لا تمت بصلة لواقع العلاقة ..
لن أذكر تفاصيل عن زواج سابق فهي تجربة لا أفخر كثيرا بالمرور بها وأحاول جاهدة نسيان كل ما مررت به خلالها وأرجو الا أعيد إحياء الأشخاص عبر صفحاتي فيؤلمني وجودهم وذكرياتهم كلما تطلعت لصفحات سيرتي الذاتية فهي من الإحداث التي يجب أن تمحى من ذاكرتي ومن حياتي وحتى من كتاباتي.
سأحجب أيضًا حدث عائلي محزن جدا مرت به أسرتنا حيث قتل ظلما أحد أنقى أفرادها وكانت تجربة مؤلمة جدا للجميع إلى يومنا الحالي فلا داعي لايلام الناس وإثارة مشاعرهم فبعض القضايا من عظم تأثيرها المجلجل نتمنى لو أنها لم تحدث ونحاول بتر كل محاولات الحديث عنها".
وختمت شهاب الدين “في مقابل هذا سأركز أكثر على دور أبي في تعليمي وتثقيفي واتجاهي للقراءة وتوفير كل الوسائل التي من خلالها أستطيع القراءة واستطلاع ثقافات مختلفة من خلال مكتبته الضخمة..ساكتب عن كل شخص ساندني وكل شخص خذلني في طريق الكتابة”.
شذى يحيي: بعض البوح لا ضرورة له
من جهتها تقول الكاتبة والناقد شذى يحيي "انا كنت باتكلم قريب مع صديق هينشر سيرته الذاتية حول نفس الموضوع وكان سؤالي ما الذى يدفع شخص لكتابة سيرته الذاتية ولماذا سيخصص لها القارئ جزء من وقته ؟
وتابعت يحيي " في رايي أن السيرة الذاتية الغرض الأساسى منها مشاركة التجارب مع القارئ، واهميتها انها تعبير عن الحالة والظروف والأوضاع التى مرت بها الشريحة الاجتماعية التى ينتمى اليها،بتوصف حال الناس والصعوبات والعقبات على المستوى العام والخاص أيضا شكل العلاقات العاطفية والإنسانية إلى ميزت الفترة .التركيز على ما صنع الشخص وحوله إلى قصة يرغب الناس فى معرفتها .
ولفتت يحيي أما عن "الحجب بالنسبة لى هيكون للأمور التى لا علاقة لها بحكاية الشخص الناجح. طبيعة عملى ليست إبداعية بقدر ما هى رصد للحياة والأبداع ولذلك فسيكولوجيتى ليست بهذه الأهمية للقارئ لو كتبت سيرة ذاتية ستكون صور ومناظر من الحياة والبيئة والتجارب التى عشتها ورأيتها رغم أن الزمن الذى حدثت فيه ليس بعيد نسبيا لكنه على وشك الاختفاء شكل الحياة تغير جدا فى العقود الثلاثة الأخيرة. الأسرة، الشارع ،الاصدقاء ،العادات ،الاتصال .طرق الصعود الاجتماعى .
اما قصص العلاقات الإنسانية فلا أظنها تتغير كثيرا عبر الأزمنة وهى تخص أصحابها .ولا يوجد استفادة منها كل شخص يعيش تجاربه الانسانية بطريقته ليس بحاجة لمعرفة تجربة غيره
المعنى ما الهدف من قراءة سيرة ذاتية ؟.وأى تجربة حياتية لا تخدم هذا الهدف يشكل نوع من البوح لا ضرورة له ويشكل عبء على القارئ.
مرفت ياسين : مجتمعاتنا لا تتقبل هذا النوع من الكتابة لذا كانت الرواية
من جانبها ترى الكاتبة والقاصة مرفت يس " السيرة الذاتية من أصعب الفنون في كتابتها ، وإن كانت تتسرب بشكل أو بآخر داخل الكتابة الإبداعية.
وتابعت ياسين "لذا فمحطات كثيرة من حياة كل مبدع نجدها تظهر بين صفحات كتاباته القصصية أو الروائية وكثير منهم يعمد إلى تواجده بشخصيته الحقيقية داخل العمل الروائي يبث أفكاره إلى القارىء الذي يصبح شريكا معه في إنتاج المعنى.
وأشارت ياسين ".بالنسبة لى لن أكتب سيرتي الذاتية في عمل مستقل ،لأنى وقتها سأجد ذاتي تظهر بواحدة من اثنتين البطلة أو الضحية. وإلا أصبحت نوع من أدب الاعتراف كتلك التي كنت أدونها في يومياتى منذ كنت طفلة . بمنتهى المصداقية أتاحت وقتها العنان لجوانب شخصيتى المتعددة بالظهور، المظلمة منها قبل المضيئة.
وختمت ياسين "بإعادة النظر إليها وجدتها تصلح رواية قصيرة إذا أضفت لها مساحة كبيرة من الخيال الذي سيكون حصنا منيعا في مجتمع لايملك من الوعي مايجعله يتقبل هذا النوع من الكتابة