ترفيع العلاقات مع المجر
أطول رؤساء وزراء المجر والقادة الأوروبيين، بقاءً فى الحكم، وأكثرهم فهمًا واستيعابًا لما شهدته مصر والمنطقة العربية، منذ سنة ٢٠١١، يغادر القاهرة اليوم، الخميس، بعد زيارة رسمية استمرت ثلاثة أيام، جرى خلالها التوقيع على إعلان مشترك، لترفيع العلاقات المصرية المجرية إلى مستوى الشراكة الاستراتيجية، إضافة إلى توقيع مذكرات تفاهم جديدة فى قطاعات التعليم، والشباب والرياضة والاستخدامات السلمية للطاقة النووية، و... و... وزيادة عدد المنح الدراسية المجرية، الجامعية وما بعد الجامعية.
قاد فيكتور أوربان بلاده بين ٨ يوليو ١٩٩٨ و٢٧ مايو ٢٠٠٢، ثم استعاد رئاسته للوزراء فى ٢٩ مايو ٢٠٢٠، وتحت قيادته، دعمت المجر ثورة ٣٠ يونيو، ورأت فى حربنا ضد الإرهاب دفاعًا عن العالم كله، وعن أوروبا تحديدًا. كما كان «أوربان» من أوائل القادة الذين هنأوا الرئيس عبدالفتاح السيسى بانتخابه رئيسًا للجمهورية فى ١٣ يونيو ٢٠١٤، ودعاه لزيارة بلاده، التى زارها الرئيس، بالفعل، فى يوليو ٢٠١٥، وفى السنة التالية زار «أوربان» القاهرة، قبل أن يزور الرئيس السيسى بودابست، مجددًا، فى ٢٠١٧ و٢٠٢١، للمشاركة فى قمتين عقدتهما مصر مع تجمّع أو رباعى «فيشجراد»، Visegrad four، الذى صار واحدًا من أقوى تحالفات أوروبا، بعد انضمام دوله الأربع، المجر وبولندا والتشيك وسلوفاكيا، فى أبريل ٢٠٠٤، إلى الاتحاد الأوروبى.
بات فى حكم المؤكد أن الدول لن تتمكن من التغلب على التحديات التى تواجه جهودها فى التنمية، دون إقامة شراكات بنّاءة ومثمرة مع الدول الصديقة. وانطلاقًا من هذه الحقيقة، وتعزيزًا للعلاقات المصرية المجرية، وتوسيعًا لآفاق العمل المشترك بين البلدين، استضافت بودابست، بداية فبراير الماضى، الدورة الرابعة لـ«اللجنة المشتركة المصرية المجرية للتعاون الاقتصادى والعلمى والفنى». وقام خلالها الوفد المصرى باستعراض الفرص المتاحة للتعاون المشترك بين مستثمرى البلدين، وقدم عروضًا تفصيلية للتشريعات والقرارات والإجراءات التنفيذية، التى اتخذتها الدولة المصرية لتحسين مناخ الاستثمار، الذى أشاد به رئيس الوزراء المجرى، أمس الأول، خلال المؤتمر الصحفى المشترك بينه وبين الرئيس السيسى.
بدأت العلاقات الدبلوماسية المصرية المجرية سنة ١٩٢٨، فور انفصال الدولة الصديقة عن الإمبراطورية النمساوية، وبعد انضمامها للاتحاد الأوروبى، قام البلدان بتوقيع اتفاق جديد للتعاون الاقتصادى، سنة ٢٠٠٧، تأسست بموجبه «اللجنة المشتركة»، التى عقدت دورة وحيدة، خلال الثمانى سنوات التالية لتأسيسها، مقابل ثلاث دورات، شهدتها الثمانى سنوات الماضية، فى ظل الجهود، التى قامت، وتقوم، بها دولة ٣٠ يونيو، لتحقيق التنمية الشاملة والمستدامة، وتوطين الصناعة، وتعزيز العلاقات مع الدول الصديقة والشركاء الدوليين.
المهم، هو أن المجر لا تزال تحتفظ بعلاقات جيدة، أو متوازنة، مع روسيا. ومنتصف يوليو الماضى، قال «أوربان» إن الاتحاد الأوروبى «أطلق الرصاص على رئتيه» بفرضه عقوبات، غير مدروسة على موسكو، وحذّر من انهيار الاقتصاد الأوروبى، حال عدم التراجع عن تلك العقوبات. وتأسيسًا على ذلك، تقاربت وجهات نظر زعيمى البلدين بشأن ضرورة التوصل إلى تسوية سلمية للأزمة الروسية الأوكرانية، فى أقرب وقت ممكن، تحقيقًا لمصالح الشعوب، وللحد من العواقب الاقتصادية الهائلة، المترتبة على استمرار تلك الأزمة.
إلى جانب الأزمة الأوكرانية، قام الرئيس عبدالفتاح السيسي ورئيس الوزراء المجرى، خلال لقائهما بقصر الاتحادية، أمس الأول الثلاثاء، بتبادل وجهات النظر إزاء العديد من الأزمات الدولية والإقليمية، وناقشا سبل مواصلة تعزيز العلاقات الاقتصادية بين البلدين، وتوافقا على الفائدة الكبيرة التى ستعود على المستثمرين المجريين من الاستثمار فى مصر، خاصة فى المنطقة الاقتصادية لقناة السويس. كما شدّدا على ضرورة مواصلة تكوين الروابط بين الشركات المصرية والمجرية، وتبادل الخبرات فى مجالى الزراعة وإدارة المياه والرى، والنظر فى سبل التعاون لمواجهة أزمتى الغذاء والطاقة العالميتين، والعمل على زيادة عدد السائحين بين البلدين.
.. وتبقى الإشارة إلى أن «منتدى الأعمال المصرى المجرى»، يعمل، أيضًا، على تعزيز التعاون المشترك بين البلدين فى مجالات عديدة، ونتوقع، أو ننتظر، أن يتعزز التعاون البناء والمثمر فى مختلف المجالات، وعلى كل المستويات، بعد ترفيع العلاقات المصرية المجرية إلى مستوى الشراكة الاستراتيجية.