أرض المصانع.. أرض المزارع
لا بديل عن دعم وتشجيع القطاعات الإنتاجية، خاصة الزراعية والصناعية، ليس فقط لتلبية احتياجاتنا والحد من الاستيراد وضبط الأسعار، ولكن أيضًا لتوسيع القاعدة التصديرية والوصول بالصادرات إلى رقم الـ١٠٠ مليار دولار، سنويًا، الذى سيُساعد، قطعًا، فى تعزيز بنية الاقتصاد القومى، واستدامة معدلات النمو، وتوفير المزيد من فرص العمل، وزيادة قدراتنا على مواجهة تداعيات الأزمات العالمية، الحالية أو المستقبلية.
إدراكًا للدور الحيوى الذى تلعبه القطاعات الإنتاجية الصناعية والزراعية فى الاقتصاد القومى، صدرت تكليفات رئاسية عديدة، بدعم تلك القطاعات وتذليل مختلف المعوقات والتحديات التى تواجهها، كما زادت الاستثمارات الحكومية الموجهة إليها، باعتبارها من القطاعات ذات الأولوية، ضمن مرحلة الإصلاح الهيكلى، وتم إطلاق مبادرة لدعمها تتيح تمويلات ميسرة قيمتها ١٥٠ مليار جنيه بفائدة ١١٪، على مدار خمس سنوات، مقسمة إلى ١٤٠ مليار جنيه لتمويل رأس المال العامل، و١٠ مليارات جنيه لشراء الآلات أو خطوط الإنتاج.
بموجب هذه المبادرة، ستتحمل الخزانة العامة للدولة ١٠ مليارات جنيه، سنويًا، هى فارق سعر الفائدة. وحرصًا على توسيع قاعدة المستفيدين، جرى وضع حد أقصى بـ٧٥ مليون جنيه لتمويل الشركة الواحدة، و١١٢.٥ مليون جنيه للكيانات متعددة الأطراف. إضافة إلى أن المبادرة التى ستستفيد منها أنشطة الطاقة الجديدة والمتجددة ومصانع المناطق الحرة والجمعيات التعاونية الزراعية، تشترط عدم استخدام التسهيلات الائتمانية فى سداد أى مديونيات مستحقة للقطاع المصرفى، لضمان تحقيق الأهداف المرجوة منها.
حال عدم تفريغها من مضمونها، ستسهم «مبادرة دعم القطاعات الإنتاجية الصناعية والزراعية»، فى تشجيع المستثمرين على التوسع فى الإنتاج، والتصدير أيضًا، خاصة فى وجود «الرخصة الذهبية»، أو الموافقة الواحدة على إقامة المشروع وتشغيله وإدارته، التى تعهدت الحكومة، أمس، الثلاثاء، بالعمل على تقليص مدة الحصول عليها، خلال الفترة القليلة المقبلة. وأيضًا، فى ظل المبادرات الداعمة للمصدرين، التى طرحتها الحكومة، منذ أكتوبر ٢٠١٩، وقيامها برد الأعباء التصديرية المتأخرة، لدى صندوق تنمية الصادرات، واعتزامها، اعتبارًا من العام المالى المقبل، رد تلك الأعباء، أو صرف الدعم، فى عام التصدير نفسه.
مع تبسيط الإجراءات لتشجيع الاستثمارات الصناعية القائمة والجديدة، وتفعيل خريطة الاستثمار الصناعى كمنصة لتخصيص الأراضى الصناعية، والتواصل والتفاوض مع كبار المصنعين الدوليين، لتوطين كثير من الصناعات، أعدت وزارة الزراعة قائمة بالفرص الاستثمارية المتوفرة فى القطاعات الزراعية، وتم إرسالها لهيئة الاستثمار لنشرها على موقعها الرسمى. وفى هذا السياق، ولمتابعة جهود إنتاج وتوريد المحاصيل الزراعية الاستراتيجية، وتنمية الثروة الحيوانية، اجتمع الرئيس عبدالفتاح السيسى، السبت الماضى، مع الدكتور مصطفى مدبولى، رئيس مجلس الوزراء، ووزراء البترول والثروة المعدنية، والتموين والتجارة الداخلية، والزراعة واستصلاح الأراضى، ومدير عام جهاز مشروعات الخدمة الوطنية لقواتنا المسلحة، ورئيس الهيئة الهندسية، والمدير التنفيذى لجهاز مستقبل مصر للتنمية المستدامة.
خلال الاجتماع، وجّه الرئيس بتوفير أقصى درجات الدعم لقطاع الزراعة والمزارعين، ومواصلة تطوير منظومة الزراعات التعاقدية، لتشجيع التوسع فى زراعة المحاصيل الاستراتيجية، مع سرعة الإعلان عن سعر ضمان، لتوريد الذرة وفول الصويا وعباد الشمس، وغيرها من المحاصيل، التى تدخل فى صناعة الأعلاف، للحد من الفاتورة الاستيرادية، وضبط الأسعار. وبعد اطلاعه على تطورات تنفيذ عدد من مشروعات الأمن الغذائى، وجهود تطوير السلالات المصرية للثروة الحيوانية، عبر مراكز التلقيح الصناعى والتحسين الوراثى، لتعزيز إنتاجها من اللحوم والألبان، شدّد الرئيس على ضرورة تكثيف استخدام التقنيات الحديثة فى الزراعة والهندسة الوراثية، وتعظيم الاستفادة من الأبحاث العلمية لزيادة الإنتاج وخفض التكلفة.
.. وأخيرًا، نرى أن الجهود المبذولة والمستمرة، والتكليفات الرئاسية، والمبادرات العديدة والمتتالية، حال عدم وجود عراقيل، بشرية أو إجرائية، تحول دون تحقيق المستهدف منها، ستؤدى إلى زيادة الاستثمارات، ودفع عجلة الإنتاج، أو استمرار دورانها، ما سيمكّن الدولة من تغطية احتياجاتها بالإنتاج المحلى، ويعزز قدراتها على مواجهة تداعيات الأزمات العالمية، الحالية أو المستقبلية، ويجعلها، فعلًا، أرض المصانع، وأرض المزارع، وأرض المداين، وأرض الجناين، و... وأرض النعم، كما كتب أحمد علام وغنّى وديع الصافى.