«مشروعات علمية».. الجامعات المصرية تلعب دورًا محوريًا في مكافحة أزمة «تغير المناخ»
تواجه البشرية في الوقت الحالي تحديًا خطيرًا في علاقتها بالعالم الطبيعي، ويشكل الاستخدام المفرط لموارد الأرض وانبعاثات غازات الاحتباس الحراري وأشكال التلوث الأخرى وفقدان التنوع البيولوجي تهديدات كبيرة للبقاء ونوعية الحياة، وسيزداد الأمر سوءًا بسرعة إذ لم يتم اتخاذ إجراءات حاسمة بهذا الشأن.
تمثل الجامعات الجهات الفاعلة الرئيسية في هذا الصدد، من خلال البحث والابتكار لتعليم شرائح كبيرة بشكل متزايد حول كيفية مواجهة أزمة تغير المناخ، فهي ضرورية للغاية على مستوى العالم، كونها تلعب دورًا رئيسيًا في البحث عن حلول لمكافحة الأزمة.
وترصد «الدستور» ، دور الجامعات المصرية في مكافحة أزمة تغير المناخ، من خلال إعداد المشروعات والتحليلات العلمية بطرق مختلفة، بالإضافة إلى المناهج الدراسية والبحث والمشاركة المجتمعية وعمليات الحرم الجامعي.
تأهيل علمي
تسعى وزارة البيئة جاهدة طوال الوقت لمواجهة التغيرات المناخية التي طرأت على عالمنا في السنوات الماضية، وكانت نفذت عدة مبادرات تدعم من خلالها القطاع البيئي بالتعاون مع الجامعات المصرية، والتنسيق مع وزارة التعليم العالي والبحث العلمي.
وجاء إطلاق هذه المبادرات بهدف تأهيل شباب الجامعات علميًا لتنفيذ مشروعات وأبحاث علمية يستفيد منه القطاع البيئي في مصر، وتكون محورًا رئيسيًا لمكافحة أزمة تغير المناخ، وذلك يتم عبر التعاون بين الجامعات والمراكز والمعاهد البحثية.
كانت من ضمن أبرز الإنجازات التي حققتها الجامعات المصرية في هذا الشأن، هو فوز فريق طلاب جامعة عين شمس بالمركز الأول في مسابقات كأس العالم 2022 للمشروعات التنموية، والتي أقيمت في بورتو ريكو بأميركا، حين أطلق الطلاب مشروعًا بحثيًا يساعد على التخلص من أزمة انتشار جراد النيل، الذي انتقل بشراسة مؤخرًا من أمريكا الشمالية إلى نهر النيل في مصر، والاستفادة منه في تصنيع الأدوية؛ وذلك بهدف الحفاظ على البيئة من المخلفات، وتوفيرمنتجات صديقة للبيئة.
إنجاز أكاديمي
وبالتواصل مع محمد سعد، المشرف على فريق جامعة عين شمس الفائز بالمسابقة الدولية، اتضح أن جراد النيل يتسبب في حدوث أزمة بيئية كبيرة، حيث يتغذى على الأسماك، ويحفر ثقوبًا في الأراضي الزراعية، فضلًا عن قدرته على تمزيق شباك الصيد، وتعطيل مهام الصيادين في المياه.
ويوضح «سعد» في حديثه لـ «الدستور»، أن المشروع البحثي الذي أطلقته جامعة عين شمس نجح في استخلاص مادة الشيتوزان من جراد النيل، والاستفادة منها في تصنيع الأدوية والمبيدات الحشرية صديقة البيئة، بعد أن تسبب الجراد في حدوث أضرار جسيمة، فالجرادة الواحدة تبيض أكثر من ألف بيضة في العام الواحد، لذا السيطرة عليها لن تكون سهلة.
ويتابع: «الفكرة كانت مجرد بحث أكاديمي من قبل الطلاب، حتى اتضح الأمر وبدأنا عقد جلسات علمية مع الخبراء المختصين في هذا الشأن، الأمر الذي استغرق وقتًا طويلًا للوصول إلى الحلول الآمنة التي تمكننا من تحقيق أكبر استفادة ممكنة من استخلاص المادة الكيميائية من جراد النيل، واحتواء أزمة انتشاره في النيل».
مشاركات حيوية
فى الوقت الذي أطلقت فيه مصر الدورة الـ27 من مؤتمر الأطراف بشأن تغير المناخ "COP 27"، كانت الجامعات تمثل دورًا بحثيًا رئيسيًا في الوصول إلى أهداف المؤتمر، ومكافحة تداعيات التغيرات المناخية، حيث نجحت في إطلاق حوالي 160 دورية ومجلة وكتاب علمي بشأن التغيرات المناخية، وفقًا لتقارير وزارة التعليم العالي والبحث العلمي، الصادرة عن عام 2022.
وتبين أيضًا أن الجامعات المصرية نجحت في نشر أكثر من 900 بحثًا بشأن تغير المناخ، وأكثر من 800 بحثًا على مستوى النشر الدولي، كما تم إعداد 363 مشروعًا بحثيًا، فضلًا عن تناول 631 رسالة ماجستير و304 رسالة دكتوراه موضوعات متصلة بأزمة تغير المناخ، وذلك بجانب مساهمة الجامعات في تنظيم دورة تدريبية لطلاب المرحلة الجامعية الأولى، و927 دورة تدريبية للدراسات العليا.
تحديات صعبة
من جانبه، يقول يحيى عبد الجليل، خبير التغيرات المناخية، إن الجامعات تلعب دورًا حاسمًا في معالجة تغير المناخ، ولكن يمثل التعقيد والطبيعة متعددة الأوجه للقضية تحديات أمام الأداء الأكاديمي للمؤسسات، في حين أن هناك مجموعة متزايدة من العمل على استدامة الحرم الجامعي وقضايا المناخ في المناهج الدراسية.
ويضيف: «تشمل أشكال تأثير الجامعات على المجتمع والبيئة (التعليم، إنتاج المعرفة، المشاركة العامة والمباشرة مع الهيئات المختصة بالملف البيئي، التأثير على المحيط البيئي)، فالملف الخاص بأزمة تغير المناخ مرتبط بالجامعات بشكل كبير، والعلماء هم أبطاله الرئيسيين، كونهم يبلغون عن المخالفات، ويساعدون في توفير الحلول الآمنة».
ويستكمل خبير التغيرات المناخية، حديثه لـ «الدستور»،: الجامعات حول العالم لديها بعض المسؤوليات فيما يتعلق بالتكيف والتخفيف، فمعالجة ملف المناخ لا تشمل فقط تخصصات علوم الحياة، العلوم الفيزيائية، أو الهندسة والتكنولوجيا، لكن أيضًا الاقتصاد والعلوم الاجتماعية والفنون والعلوم الإنسانية.
ويختتم: «الجامعات المصرية نجحت في إطلاق آلاف المشاريع البحثية الخاصة بقضايا المناخ خلال السنوات الماضية، الأمر الذي جعل الجهات المختصة تعتمد عليها بشكل أساسي في البحث عن عقبات ملف المناخ، والعمل على إيجاد طرق علمية للتخلص منها، وتحقيق تقدمًا ملحوظًا في مواجهة التغيرات المناخية».