مصر.. الهند.. والإرهاب
حرصًا على تعزيز التعاون مع الدول الكبرى فى مكافحة الإرهاب، وأملًا فى التوصل إلى إطار مؤسسى لتبادل التقديرات والخبرات وتنسيق المواقف فى المحافل الدولية، بادرت مصر، خلال الثمانى سنوات الماضية، بتأسيس لجان مشتركة مع روسيا والصين والاتحاد الأوروبى، و... و... وفى هذا السياق، تأسست «مجموعة العمل المصرية الهندية المشتركة لمكافحة الإرهاب»، التى عقدت اجتماعها الأول سنة ٢٠١٦، وجرى خلاله الاتفاق على تبادل الخبرات والتنسيق بين البلدين على المستويين الثنائى ومتعدد الأطراف.
فى العاصمة الهندية، نيودلهى، عقدت هذه المجموعة، الخميس الماضى، اجتماعها الثالث، الذى واصل فيه البلدان استعراض تجاربهما فى مكافحة الإرهاب، وتقييمهما لأنشطة الجماعات الإرهابية الدولية، وجددا مطالبتهما كل الدول الأعضاء فى الأمم المتحدة بالامتناع عن توفير المأوى، أو السلاح، أو تيسير الانتقال عبر الحدود، أو تقديم أى نوع من الدعم أو المساعدة للجماعات والعناصر الإرهابية. ولعلك تتذكر، أن الرئيس عبدالفتاح السيسى كان قد دعا مع ناريندرا مودى، رئيس الوزراء الهندى، إلى ضرورة تبنى نهج شامل لمكافحة الإرهاب والتطرف، خلال زيارته الهند، فى يناير الماضى.
الاجتماع الثانى للمجموعة استضافته القاهرة، فى ١٠ يناير ٢٠١٨، وشاركت فيه مختلف الوزارات والأجهزة المصرية والهندية المعنية بمكافحة الإرهاب، التى استعرضت المخاطر الإرهابية التى يتعرض لها البلدان، وجهودهما فى مكافحة التنظيمات الإرهابية، التى تهدد الأمن والاستقرار الدوليين، و... و... واتفق الجانبان على آليات لتبادل المعلومات، وعلى أهمية تعزيز تعاونهما لمواجهة الدعم الذى تقدمه بعض الأطراف الدولية للجماعات الإرهابية التى تهدد أمنهما، وتنسيق مواقفهما فى المحافل الدولية، وعلى رأسها الأمم المتحدة.
الهند، التى تُعد من أكثر الدول حزمًا فى مواجهة الإرهاب هى الأكثر تضررًا منه، إذ تواجه عددًا ضخمًا من الجماعات الإرهابية، الانفصالية أو المحسوبة على ديانات مختلفة، ولو دخلت إلى «بوابة الإرهاب فى جنوب آسيا» ستجد أن ١٨٠ جماعة إرهابية عملت داخل الهند، أو استهدفتها من دول مجاورة، خلال السنوات العشرين الماضية، معظمها مدرج على قائمة المنظمات الإرهابية الدولية. وتكفى الإشارة، مثلًا، إلى أن فندق «تاج محل بالاس» فى مومباى، الذى استضاف اجتماع «لجنة مكافحة الإرهاب»، التابعة لمجلس الأمن، أواخر أكتوبر الماضى، سبق أن استهدفته هجمات إرهابية، سنة ٢٠٠٨، راح ضحيتها حوالى ١٦٥ شخصًا.
قبل زيارة الرئيس للهند، زار القاهرة راجناث سينج، وزير الدفاع الهندى، فى سبتمبر الماضى، وكان هدف الزيارة، التى استغرقت يومين، هو «تعزيز التعاون الدفاعى والصداقة الخاصة بين البلدين». وبعد ما أجرى مباحثات ثنائية مع الفريق أول محمد زكى، وزير الدفاع والإنتاج الحربى، تناولت العلاقات الدفاعية الثنائية، ومبادرات التعاون العسكرى، وتعميق التعاون فى مجال الصناعات الدفاعية، استقبله الرئيس السيسى. وخلال اللقاء أشاد سينج بـ«الدور المصرى المحورى والحاسم فى مكافحة وقهر خطر الإرهاب، الذى ألقى بظلال الأمن والاستقرار فى مصر وعلى الأمن الإقليمى بأسره»، وأشار إلى أن بلاده تتطلع إلى تبادل الخبرات وترسيخ الجانب العسكرى والأمنى مع مصر، فى إطار علاقات التعاون المشترك بين البلدين.
أيضًا، فى ٣ فبراير الجارى، اجتمع السفير وائل حامد، سفيرنا فى نيودلهى، مع فيكرام ميسرى، نائب مستشار الأمن القومى الهندى، وبعد استعراضهما الجهود المصرية والهندية لمكافحة الإرهاب والفكر المتطرف، خلال السنوات الأخيرة، سواء عبر المواجهة الأمنية والفكرية، أو بتحقيق التنمية الاقتصادية والمجتمعية، اتفق الطرفان على أن مواجهة الإرهاب مسئولية مشتركة، تحتاج لتضافر كل جهود دول العالم، خاصة مع تطور قُدرات الجماعات الإرهابية فى استخدام التطور التكنولوجى، الذى أزال عنصر التباعد الجغرافى، وجعل الإرهاب ظاهرة عابرة للحدود، لا تستطيع أى دولة أن تواجهه بمفردها.
.. وتبقى الإشارة إلى أن الاجتماع الثالث لـ«مجموعة العمل المصرية الهندية المشتركة لمكافحة الإرهاب»، ركز على سبل مواجهة استغلال الجماعات الإرهابية للتكنولوجيا الحديثة فى تجنيد الكوادر والترويج للخطاب المتطرف وتوفير التمويل اللازم لها. وهو الملف الذى كان، أيضًا، جزءًا رئيسيًا أو محوريًا من البيان الختامى لاجتماع «لجنة مكافحة الإرهاب»، التابعة لمجلس الأمن، الذى استضافته الهند فى أكتوبر الماضى.