«الذكاء الاصطناعى والأمن القومى فى ظل المتغيرات الدولية» بـ«الأعلى للثقافة».. 28 فبراير
تقيم لجنة الفلسفة وعلم الاجتماع والأنثربولوجيا بالمجلس الأعلى للثقافة، برئاسة الدكتور أحمد مجدي حجازي ندوة "الذكاء الاصطناعي والأمن القومي في ظل المتغيرات الدولية الراهنة"، وذلك في تمام الساعة الثانية عشرة ظهرًا يوم الثلاثاء الموافق 28 فبراير 2023 بقاعة المؤتمرات بالمجلس الأعلى للثقافة.
يدير الندوة الدكتور أحمد مجدي حجازي مقرر اللجنة، ويشارك بها مهندس محمد عزام استشاري التحول الرقمي عضو مجلس إدارة الجمعية الدولية لإدارة التكنولوجيا، واللواء طيار هشام الحلبي رئيس مركز البحوث في أكاديمية ناصر العسكرية العليا، كما يعاد بث الندوة "أونلاين" عبر صفحة أمانة المؤتمرات على فيسبوك.
وبحسب دراسة تحت عنوان "تأثيرات الذكاء الاصطناعى على النظام الدولي والأمن القومي" للدكتور محمد سالم، فإن الذكاء الاصطناعي كجملة أصبحت كثيرة التداول مؤخرًا، فالخبراء والمتخصصون المتفائلون منهم والمتشائمون، يقدرونها أيما تقدير، ويحاولون أن تكون توقعاتهم وحساباتهم أقرب ما يكون لما سوف يسفر عنه تطور هذا المجال بالفرص المتاحة الآن أو ما يتوقعون أن يحدث في المستقبل.
أما باقي دول العالم فأول ما يتبادر إلى مخيلتها عندما يأتي ذكر الذكاء الاصطناعي فهو الروبوت الذي يتحرك، أو الرأس البشرية التي اُستبدل ما بداخلها من خلايا عصبية وشرايين ووضع أسلاك ووصلات ودوائر كهربائية.
بين هذا وذاك يتسارع التطور في هذا المجال، بعضه ظاهر ونستعمله في حياتنا اليومية وهواتفنا المحمولة وأجهزتنا المنزلية وفي كثير من سياراتنا، والكثير منه يجهله العالم، وأتحدث هنا عن التطبيقات في المجالات العسكرية التي تعد من أدق أسرار الدول وتأتى في قمة عناصر أمنها القومي.
كانت ورشة العمل بعنوان "المشروع البحثي الصيفي لكلية دارتموث عن الذكاء الاصطناعي Dartmouth Summer Research Project on Artificial Intelligence" التي تمت على مدار ثمانية أسابيع (اعتبارًا من 18 يونيو) في صيف 1956، في مدينة دارتموث بولاية نيو هامبشير الأمريكية، وحضرها ما يقرب من عشرين من الخبراء والمتخصصين، هي الحدث التأسيسي للذكاء الاصطناعي، واعتماده لأول مرة كمجال علمي وبحثي.
ففي هذا الحدث طلب البروفيسور "جون ماكارثي" (منظم هذه الورشة والأب الروحي للذكاء الاصطناعي فيما بعد) من العلماء الحاضرين أن يوافقوا على إطلاق هذا الاسم على هذا المجال، وجاءت موافقتهم لتعلن ميلاد الذكاء الاصطناعي.
ومنذ ذلك التاريخ، بدأت الأبحاث تتوالى في هذا المجال بالعشرات ثم بالمئات، ولكن كان التقدم بطيئًا لا يتناسب مع المجهودات والتكلفة المالية التي تكبّدها من قرر أن يسهم فيه، وبدأت الشركات والجهات الممولة تتراجع عن تمويل الأبحاث شيئًا فشيئًا، وبالتالي ومنذ بداية السبعينيات وحتى نهاية القرن الماضي عاصر الجميع ما يسمى "بشتاء الذكاء الاصطناعي AI Winter" فكانت هناك حالة من الجمود، الكل يريد أن يعمل فيه والكل جاهز للمساهمة، ولكن الأدوات اللازمة للبحث والتطوير لم تكن متوافرة، فتسارع إلغاء التمويل للأبحاث في هذا المجال لعدم ظهور نتائج تبرره أو تشفع للمجهود الذي بُذل، واتفق الجميع أن وراء هذا الجمود ثلاثة معوقات أساسية لا بد من التغلب عليها لكي يمكن للذكاء الاصطناعي التطور والانطلاق، وكانت هذه المعوقات هي:
عدم جاهزية البنية التحتية للاتصالات: ففي هذا الوقت- بداية الثمانينيات من القرن الماضي- كان الجيل الأول للاتصالات، وبالكاد الجيل الثاني، لا يزالان في بداياتهما، واقتصر استخدامهما على تبادل المكالمات التليفونية العادية والرسائل النصية القصيرة.
النقص الشديد في عدد خبراء التعامل مع البيانات الضخمة: فالعامل الأهم الذي يميز تقنية الذكاء الاصطناعي هو حجم البيانات الضخم التي يحتاجها لتحقيق النتائج المرجوة، وذلك كان يتطلب خبرات خاصة للتعامل مع هذه البيانات لم تكن متوافرة حينئذ، وكان على العالم الانتظار عدة سنوات حتى يتم إعداد البرامج التدريبية المتخصصة وتوفير هذه القدرات البشرية.
عدم توافر القدرة الحواسبية المناسبة: التي تستطيع التعامل مع هذا الحجم من البيانات في الوقت الذي تكون تكلفة هذه القدرة في متناول من يعمل في هذا المجال.
وجاء القرن الحادي والعشرون ليعلن بداية انفراج الأزمة، فالجيل الرابع للاتصالات كان على وشك أن يُعتَمَد، والقدرات الحواسبية الكبيرة أصبحت في متناول الجميع، وتم تأهيل المئات بل الآلاف من خبراء البيانات الضخمة، وأصبح كل شيء جاهزًا ليمهد الطريق لانطلاق الذكاء الاصطناعي.
وكانت أول من سارعت إلى استخدامه ورصدت له الميزانيات الضخمة ووفرت التمويل اللازم لأبحاث تطويره هي صناعة تكنولوجيا المعلومات، وبدأ أقطابها يتحدثون عن أهمية الذكاء الاصطناعي، ففي مقابلة إعلامية لـ"لاري بيج" أحد مؤسسي جوجل، في أكتوبر عام 2000، قال: "سيكون الذكاء الاصطناعي هو الإصدار النهائي من محرك البحث جوجل، سوف يمكنه فهم كل شيء على الويب، سوف يدرك بالضبط ما تريده، وسيمنحك الشيء الصحيح، نحن الآن لسنا قريبين من القيام بذلك، ومع هذا يمكننا الاقتراب بشكل تدريجي، وهذا أساسًا ما نعمل عليه".
وبعد هذا التاريخ بحوالي عشرين عامًا، وفي أبريل 2019 قالت "جيني روميتي"، الرئيس التنفيذي السابق لشركة آي بي إم: "سيغير الذكاء الاصطناعي 100% من الوظائف خلال العقد القادم".