وبينا ميعاد
بعد تحقيقه نجاحًا كبيرًا، انتهى العرض الأول للمسلسل الدرامى المصرى «وبينا ميعاد» من تأليف وإخراج هانى كمال وبطولة شيرين رضا، صبرى فواز، مدحت صالح، بسمة، وفاء صادق، نادية رشاد، يحكى المسلسل عن المهندس حسن «صبرى فواز» الذى يقع فى حب رئيسته فى العمل نادية «شيرين رضا» حيث يقرران الزواج والعيش معًا، ليواجههما الكثير من المشكلات التى تعوق استمرار هذه الزيجة، خاصة مع وجود أبناء وبنات لكل منهما من زيجات سابقة.
رتبت الأحداث بشكل جيد لوقوع حسن ونادية فى الحب لتشابه ظروف كل منهما، حيث ماتت زوجة حسن الأولى تاركة له ٤ أولاد، بينما انفصلت نادية عن زوجها الأول بعد إنجابها ٤ بنات، نحن إذن أمام علاقة يحاوطها الكثير من التعقيد، ما يشبه معضلة فيلم «عالم عيال عيال» الذى تمت الإشارة إليه فى أحد المشاهد، ربما يعد أحد أهم أسباب نجاح هذا المسلسل تضمنه عنصرى الواقعية والصدق، خاصة فى بناء شخصيتى نادية وحسن، وهما شخصيتان مكافحتان، مضحيتان، عانتا طويلًا من الحرمان العاطفى الذى تحملانه فى سبيل تربية أبنائهما، وهى ذات الشرارة التى أشعلت العاطفة فيما بينهما، لتبدأ معضلة جديدة هى كيفية إقناع الأبناء بقبول هذه العلاقة.
حرص المؤلف أن تظل أحداث المسلسل واقعية تمامًا، وهو ما جسده فى رد فعل أبناء حسن وبنات نادية عند علمهم بخبر ارتباطهما، فأبناء حسن يعانون موت الأم كنقطة ضعف مزمنة، إلا أنهم يجدون أنفسهم مجبرين على وضع جديد هو ارتباط والدهم بامرأة أخرى، بينما تضطر بنات نادية إلى ترك منزلهن والانتقال مع والدتهن إلى منزل حسن للتعايش مع أسرة غريبة عنهن.
الممتع هنا هو تغير مؤشر شعور الأبناء من الرفض الشديد لهذه الزيجة فى البداية وقسوة المواجهة بينهم وبين حسن ونادية وامتداد هذا الرفض بعد الانتقال للعيش معًا، حيث يبدأ أولاد حسن وبنات نادية فى حياكة بعض المقالب الصبيانية بهدف إفساد العلاقة بين حسن ونادية، وهو ما يتم فى النهاية بالفعل بعد اتهام ليلى لمراد باقتحامه غرفة نومها.
اللافت فى هذا المسلسل بالفعل هو تقديمه مشكلات عويصة وشديدة الواقعية ثم حلها بسلاسة وبشكل ينتصر للحب والتسامح، فالعلاقة بين البنات والأولاد والتى بدأت على صفيح ساخن وحركتها الكراهية والأذى فى البداية، نراها تذوب شيئًا فشيئًا وتتحول إلى التفهم والتعاطف لتتوج بالحب، وهو ما حققه المؤلف من خلال عدة تضفيرات ذكية منها تشابه الظروف والاحتياجات بين الأولاد والبنات، بالإضافة إلى حكمة كل من حسن ونادية فى التعامل مع المشكلات المتتالية فيما بينهما، لكن فى الوقت نفسه نحن نعلم أن نقطة ضعف نادية هى بناتها، وهو ما هدم العلاقة فى وقت ما حين أجبرتها الظروف على الاختيار بين الاستمرار مع حسن أو الحفاظ على بناتها.
تتكرر فكرة التسامح فى المسلسل من خلال خيوطه الفرعية مثل العلاقة بين بنات نادية ووالدهن يحيى «محمد سليمان» ، وبين الدكتور إيهاب «خالد أنور» ووالده رمزى شقيق نادية «مدحت صالح»، وبين رمزى ونادية، وبين نادية وزوجة أبيها جميلة «نادية رشاد»، فبينما ترك يحيى بناتها وغاب عنهن لسنوات طويلة تهربًا من المسئولية، ألحق رمزى ابنه إيهاب بمدرسة داخلى فى بلد آخر، بينما رفضت نادية زواج والدها عبدالله من جميلة فقررت معاقبتها بعدم الإفصاح لها عن مكان دفنه، قبل أن تسامحها فى النهاية وتقبل طلبها بدفنها إلى جواره.
تميز الممثلون بشكل كبير فى أداء أدوارهم خاصة صبرى فواز الذى نجح فى تقديم مزيج من المحب الرومانسى والأب المضحى الصارم أحيانا والمتساهل أحيانا أخرى، بينما قدمت شيرين رضا دورها باقتدر خاصة تلك المشاهد التى تخلت من خلالها عن رفضها الدائم للانقياد خلف العاطفة، أيضا لدينا عدد من الممثلين الشباب الذين قدموا أدوارهم بسلاسة وتمكن خاصة داليا شوقى وخالد أنور وأسامة الهادى ويوسف الكدوانى، نقطة أخرى تستحق الإشادة لا بد أن نشير إليها وهى احتفاء المسلسل بصريًا بالأماكن الجميلة فى مصر وإظهارها بصورة مبهرة، سواء فى الاسكندرية أو القاهرة، وهو ما يمكن أن ينعكس إيجابيًا على صورة مصر كواجهة سياحية مهمة باعتبار الدراما إحدى الأدوات الهامة التى يمكن أن تلعب دورًا فى هذا الإطار.