خمسون فرصة مستقبلية
العالم يشهد، إذن، سباقًا مستمرًا مع المتغيرات المتسارعة والمفاجئة، ولاستشراف هذه المتغيرات، ومحاولة تقليل المخاطر المرتبطة بها، أطلقت «مؤسسة دبى للمستقبل»، خلال نسخة هذا العام من «القمة العالمية للحكومات»، عددًا من الدراسات والتقارير، التى تستشرف هذه المتغيرات وتحاول تقليل المخاطر المرتبطة بها، كان أبرزها، أو أهمها، كما أشرنا أمس، تقرير «الفرص المستقبلية: ٥٠ فرصة عالمية لعام ٢٠٢٣»، الذى شارك فى إعداده ٣٠ خبيرًا عالميًا، وعدد من المؤسسات الحكومية والخاصة والأكاديمية.
التقرير، كما هو واضح من عنوانه، يستعرض ٥٠ فرصة عالمية واعدة، فى غالبية المجالات، أو القطاعات، الحيوية المتعلقة بحاضر ومستقبل الأفراد والمجتمعات والدول والحكومات: الطبيعة والاستدامة، الزراعة والغذاء، المواد المتقدمة والتقنية الحيوية، الفضاء والطيران، صناعة المواد الكيميائية والبتروكيماويات، تقنية المعلومات والاتصالات، السلع الاستهلاكية والخدمات والبيع بالتجزئة، أمن المعلومات والأمن السيبرانى، علم البيانات والذكاء الصناعى، التكامل البشرى والتكنولوجى، التعليم وتمكين المجتمعات، النفط والغاز والطاقة المتجددة، الخدمات المالية والاستثمار، الصحة، التأمين، الخدمات اللوجستية والشحن والنقل، التصنيع والتعدين، الإعلام والترفيه، العقارات، السفر والسياحة، المرافق العامة والخدمات الحكومية.
بشأن الفرص المستقبلية فى مجال «الطبيعة والاستدامة»، مثلًا، أشار التقرير إلى إمكانية وضع خطة مئوية عالمية، لتنمية كوكب الأرض، وتعزيز قدرة الغلاف الجوى على الترميم الذاتى، وإعادة تبريد الكوكب بالحفاظ على الغطاء الجليدى، وتعزيز التعاون الدولى للوصول إلى الحياد المناخى، وتنقية الهواء من الجسيمات الدقيقة، وتقليل اعتماد الزراعة على المياه، والتوقف التدريجى عن الاستخدام المفرط للأراضى لاستعادة التنوع البيولوجى، وتغيير الوظائف التقليدية لإطارات السيارات لتقليل استخدام الطاقة والحدّ من التلوّث.
مع إمكانية تطوير نظام تصويت عالمى، يتيح للجميع التصويت على القضايا العالمية، تضمنت الفرص الخاصة بـ«التعليم وتمكين المجتمعات»، إمكانية تطوير السياسات الاجتماعية وتعديلها وفق احتياجات المجتمع بشكلٍ لحظى، والجمع بين الذكاء البشرى والذكاء الآلى، لخلق مجتمعات أكثر تنوعًا وتناغمًا، وإقرار اتفاقية دولية لحماية حقوق الإنسان فى العالم الرقمى، واستخدام تقنيات التشفير المتقدمة لحماية الهوية الرقمية للأفراد، وتصميم مؤشر لقياس جودة الحياة فى الواقع الرقمى، وتحويل البيانات الحساسة إلى رموز مشفرة، وإحداث تغيير جذرى فى مجال التعليم الثانوى التقليدى، عبر الاستغناء عن الترتيب التقليدى للصفوف الدراسية.
أيضًا، تناولت الفرص الواعدة فى مجال «التكامل البشرى والتكنولوجى»، قدرة تقنيات الذكاء الصناعى على الابتكار وتوليد الأفكار التجارية الجديدة، وكيفية تأقلم البشر مع الإمكانات الهائلة للذكاء الآلى، ومستقبل الاقتصاد التعاونى، ودور المعارف والخبرات البشرية فى تحسين الأعمال وخدمة المجتمعات، وأهمية تنوّع الأجيال فى مجالس الإدارة، وتطوير تشريعات الفضاء وتحديد أهداف مستدامة، وتوظيف التوسع الهائل فى استخدام البيانات، وإمكانية إنشاء دليل رقمى عالمى للمناخ لاحتساب التأثير البيئى فى الوقت الفعلى، وتسهيل مشاركة المعرفة بين المجتمعات والقطاعات والمؤسسات، وتقليص الفجوة الرقمية.
أما عن مجال أو قطاع الصحة، فأشار التقرير إلى دور العلاجات الجينية وطرق التغذية المتقدمة فى تعزيز جهاز الحماية، أو المناعة، الطبيعى، وإمكانية تجديد الأنسجة الحيوية للإنسان مدى الحياة، والاستفادة من التقدم الهائل فى علم الوراثة والهندسة الحيوية فى تطوير علاجات متقدمة للأمراض، وإمكانية توفير أفضل وسائل الوقاية والتشخيص والتحاليل والتصوير بالأشعة والعلاجات، عن بُعد، بشكل سريع ومخصص، وتقليل الضوضاء فى المدن بالاعتماد على المواد المبتكرة، وتطوير طرق لعلاج الصدمات النفسية وتعديل الذكريات، وإنشاء مناطق خالية من الأجهزة التقنية والعوالم الافتراضية تتيح للسكان قطع الاتصال بالعالم الرقمى، وإمكانية تحسين جودة النوم لتحسين الصحة البدنية والنفسية وزيادة الإنتاجية، وتعزيز الحماية من الإشعاع الكهرومغناطيسى بالاستفادة من هندسة تقنيات النانو، وزيادة الاهتمام العالمى بتطبيقات طب الشيخوخة.
.. وتبقى الإشارة إلى أن التقرير، الذى يرسم، أو يستشرف، ملامح التحولات العالمية، الحالية والمستقبلية، ويتوقع، أو يتخيل، تأثيراتها على حياة الأفراد والمجتمعات ومسيرة التنمية، يستند إلى ٤ فرضيات: أن البشر سيعيشون حياة أطول وأكثر صحة بفضل التقنيات الحديثة.. استمرار ظاهرة التغير المناخى.. اتساع فجوة عدم المساواة بين المجتمعات والدول.. أما الفرضية الرابعة والأخيرة، فتتوقع مزيدًا من التقدم التكنولوجى.