«الجهل.. تاريخ عالمي».. كتاب جديد للمؤرخ البريطاني بيتر بيرك
على الرغم من أن المؤرخ البريطاني بيتر بيرك يولي اهتمامًا واسعًا بالتاريخ الاجتماعي للمعرفة، فإنه في أحدث مؤلفاته "الجهل تاريخ عالمي" يقوم بتغيير جذري إذ يحاول استكشاف الطرق المتعددة التي يؤثر بها "عدم المعرفة" على حياتنا، سواء كان هذا التأثير نحو الأفضل أو الأسوأ.
في خمسة عشر فصلًا، يستكشف بيرك شبكة الأفكار ذات الصلة بالجهل بما في ذلك العقبات، والنسيان، والتكتم، والإنكار، وعدم اليقين، والتحيز، وسوء الفهم، والسذاجة، كما أنه يبحث في المعلومات المضللة والأخبار الكاذبة والجهل الزائف وفيض المعلومات وممارسة زرع الشك والارتباك عبر الإنترنت.
يصف بيرك كتابه بأنه مقدمة لمجال أكاديمي مهم، ويغطي عبر عمله أكثر من أربعين نوعًا مختلفًا من الجهل، لافتًا إلى أن بعض الجهل قد يكون مطلوبًا فيما يتعين مواجهة أنواع أخرى منه.
الجهل السلبي
يلفت بيرك إلى بعض أنواع الجهل المرفوضة، ومنها "الجهل الاستراتيجي" الذي يعتمد على إبقاء الآخرين في جهل عمدًا، وهي الممارسة الافتراضية للحكومات ووكالات التجسس، على الرغم من مطالب "الشفافية"، وكذلك "الجهل العقلي" الذي يعني الامتناع عن التعلم عندما تفوق التكلفة المنفعة.
ومن أنواع الجهل المرفوضة أيضًا، يشير بيرك إلى "الجهل التنظيمي" المعتمد على التوزيع غير المتكافئ للمعرفة داخل المنظمة، بمعنى أن العمال والرؤساء في الشركة لا يتبادلون معارفهم عن الشركة، وعندما لا يشاركون المعرفة الخاصة بهم، تحدث مشكلات في الشركة ككل.
ويلفت بيرك أيضًا إلى جهل ينتشر بين الأكاديميين أطلق عليه عالم الاجتماع روبرت ميرتون "فقدان ذاكرة الاستشهاد"، وهو شكل من أشكال الجهل الزائف، يتجاهل فيه الباحث بشكل مقصود الاعتراف باعتماده على اكتشافات وأعمال أسلافه في المجال.
إدارة الجهل
أما عن الجهل الإيجابي، فيتحدث الكاتب عن أنواع من الجهل تتيح تركيز الجهود الفكرية، فوفقًا لعالم الفيزياء البريطاني جيمس كليرك ماكسويل في القرن التاسع عشر، فإن "الجهل الواعي تمامًا هو مقدمة لكل تقدم حقيقي في العلم".
وفي حديثه عن بحثه، شدد عالم الأعصاب المعاصرلاري أبوت على أهمية اختيار منطقة العمل ارتكازًا على معرفة حدود الجهل، وهذا النوع من الاختيار يمكن وصفه بأنه "إدارة الجهل".