فلسطين.. والنصر للشعوب
منذ بداية عام 2023 تزداد يوميًا الجرائم البشعة والمجازر التى ترتكبها الحكومة الصهيونية اليمينية المتطرفة بقيادة بنيامين نتنياهو ضد الشعب الفلسطينى فى مخيم جنين وفى أريحا فى الضفة الغربية تحت حماية الولايات المتحدة الأمريكية وأمام مرأى ومسمع من العالم الصامت ضميره وتزداد الاقتحامات المتكررة لباحات المسجد الأقصى والقيام بجولات استفزازية بداخله وأداء طقوس تلمودية، بجانب الإعدامات اليومية للشباب الفلسطينى والأطفال.
فى نهاية شهر يناير اقتحمت حكومة الكيان المحتل مخيم جنين واعتدت بوحشية على سكانه الصامدين الأبطال وصوبت رصاصها تجاه أهالى المخيم فسقط تسعة شهداء، كما أصيب العشرات وصبغت دماؤهم الطاهرة أرض فلسطين وسط صمت العالم الرأسمالى المتوحش والمساند للعدو وصمت الدول العربية التى قامت بالتطبيع مع العدو الصهيونى بلا مقابل، بل يُعتَبرهذا التطبيع غطاءً للجرائم التى تُرتَكب كل يوم فى حق الشعب الفلسطينى وفى حق المقدسات الإسلامية والمسيحية.
وعندما تحرك الشباب الفلسطينى للرد على مجزرة جنين، (وهذا حق مشروع ومكفول وفقا للمواثيق الدولية، التى تنص على حق مقاومة الغاصب المحتل)، انقلب العالم الذى يكيل بمكيالين ويتعامل بمعايير مزدوجة، وندد بقتل عدد من أفراد العدو الصهيونى وأدان واستنكر، ومن المؤسف والمخزى فى زمن الضعف والهوان أن هناك دولاً عربية أدانت واستنكرت ما قام به الشاب الفلسطينى البطل، بل وصفت عمليته الفدائية بالإرهاب!!.
وتستمر الاعتداءات الصهيونية بقيادة أحد غلاة المتطرفين وزير الأمن القومى إيتمار بن غفير ويرتكب العدو مجزرة أخرى فى أريحا ويقتلون بدم بارد خمسة فدائيين فلسطينيين، بل يحتفظون بجاثمين الشهداء.
وها هى حكومة الاحتلال تتخذ خطوات وإجراءات عقابية جماعية، بالمخالفة للقوانين الدولية، ومن هذه الخطوات هدم منازل الفدائيين، وحرمان عائلات منفذى العمليات الفدائية من حقوق الضمان الاجتماعى والعلاج والعمل، بل تهجيرهم خارج مدنهم وقراهم. كما تعهد وزير الأمن القومى بن غفير بالسماح بتسليح عشرة آلاف مستوطن شهريا للرد على الفلسطينيين مما يزيد من سفك الدماء، وأيضا تعهد بهدم المنازل وطرد سكان الخان الأحمر وتدمير البنية التحتية واقتلاع أشجار الزيتون. بل يهدد أيضا بالاستقالة من الحكومة خلال ثلاثة أشهر فى حال لم يتمكن من إحداث تغيير فى ملفات خاصة بالعدوان على غزة، وطرد أهالى الخان الأحمر، واقتحام المسجد الأقصى، وبجانب كل ذلك يدعم نتنياهو خطة وزير العدل الإسرائيلى فى إضعاف جهاز القضاء وتكبيله، وذلك ليحصل هو وبعض أعضاء الكنيست المتهمين فى قضايا جنائية وفساد على طوق النجاة، والهروب من مواجهة مع القضاء.
على طول تاريخ المقاومة الفلسطينية تبرز مدينة جنين بصمود أبطالها ومقاومتهم المستمرة ضد العدو الصهيونى المحتل منذ وعد بلفور 1917 حتى الآن مرورا بتنظيم أول مقاومة مسلحة بقيادة عز الدين القسام عام 1935، وفى عام 2002 ارتكب العدو المجرم أبشع مجزرة بحصار مخيم جنين لمدة عشرة أيام ومنع عن سكانه الفلسطينيين المياه والكهرباء والغذاء والدواء وقصف المخيم بطائرات إف 16، مما أدى لاستشهاد 52 فلسطينيا، وتدمير 150 منزلا بالكامل، واستمرت المقاومة ضد جنود الاحتلال وأسفرت عن مقتل 33 جنديا "إسرائيليا".
وحتى هذه اللحظة لا يتوقف نهر العطاء والتضحية داخل جنين ونابلس والقدس وغزة وأراضى 1948، ولا تتوقف المقاومة داخل كل الأراضى الفلسطينية لتبث الرعب فى نفوس العدو وتجعله يفكر فى الرحيل مثلما تشير تحليلات بعض قيادات الاحتلال.
إن ما يقوم به العدو يشعل المقاومة الشعبية الفلسطينية فى كل أراضى فلسطين، وها هم شباب فلسطين وأطفالها، يهبون للتصدى للعدو شباب عرين الأسود وشباب القدس وغزة والضفة، وها هى الشعوب العربية تنتفض لمساندة ودعم المقاومة الفلسطينية، وتلوح فى الأفق رايات الانتفاضة الثالثة، وها هى كل الفصائل الفلسطينية تعتبر أن هذه المجازرالتى يرتكبها الكيان المحتل وقودا للثورة العظيمة للشباب الثائر وتؤكد أن الشعب الفلسطينى البطل ومقاومته لن يتأخروا فى الرد على جرائم العدو، وأن الشعب الفلسطينى لن ترهبه جرائم الاحتلال ولن تثنيه عن التصدى والمقاومة حتى دحر العدوعن كامل التراب الفلسطينى.
ويجدر بنا أن نشير إلى أنه فى العام الماضى اعتبرت منظمات حقوق إنسان غير حكومية (منها منظمة العفو الدولية، ومنظمة بتسيلم الإسرائيلية ومنظمة هيومن رايتس ووتش) الكيان الصهيونى كيانا عنصريا يقوم بالتطهير العرقى للفلسطينيين ويعمل على إقامة دولة يهودية، كما أنه فى الفترة الأخيرة تبحث محكمة العدل الدولية فى لاهاى الآثار المترتبة على احتلال الأراضى الفلسطينية والقدس، وهذا معناه أن المحكمة الدولية ستنظر فى مشروعية الاحتلال الصهيونى للأراضى الفلسطينية
إن الأمل فى المقاومة الشعبية الشاملة وفى الشعوب العربية وشعوب العالم الحر الواقفة بجانب حقوق الفلسطينيين فى التحرير والعودة وحقهم فى بناء دولتهم على كامل التراب الفلسطينى وعاصمتها القدس.