خطاب حالة الاتحاد.. الثانى
جزء كبير من خطابه حول «حالة الاتحاد»، الذى ألقاه أمام الكونجرس المنقسم، أمس الأربعاء، خصصه الرئيس الأمريكى جو بايدن للإشادة بإدارته والتغنى بإنجازاتها، ومواجهتها للتحديات التى فرضها فيروس كورونا المستجد و«الغزو الروسى لأوكرانيا». وبعد أن هنأ الجمهورى كيفين مكارثى، برئاسة مجلس النواب، حثّ أعضاء مجلسى الشيوخ والنواب، على رفع سقف الدين العام، متهمًا بعض الجمهوريين، بأنهم «يريدون اتخاذ الاقتصاد الأمريكى رهينة» لكى يرغموه على إقرار خططهم الاقتصادية!.
خطاب حالة الاتحاد هو تقليد سنوى، يستعرض خلاله الرؤساء الأمريكيون إنجازات إداراتهم، والتحديات التى تواجه بلادهم، أمام أعضاء مجلسى الشيوخ والنواب، والحكومة الفيدرالية، وقضاة المحكمة العليا، وعدد من المدعوين، كان أبرزهم، فى هذا الخطاب، بول بيلوسى، زوج رئيسة مجلس النواب السابقة، الذى تعرض لاعتداء فى منزلهما، والمغنى الشهير بونو، لتسليط الضوء على عمله فى مكافحة الإيدز والفقر، إضافة إلى براندن تساى، الذى تمكّن من مواجهة مسلّح خلال حادثة إطلاق نار جماعى فى مونتيرى بارك فى ولاية كاليفورنيا، وأوكسانا ماركاروفا، سفيرة أوكرانيا. بينما كان أبرز ضيوف الجمهوريين رويا رحمانى، السفيرة الأفغانية السابقة لدى واشنطن، لإرسال رسالة إلى نساء أفغانستان بأن الولايات المتحدة لم تنسهن.
أمام هؤلاء، أكد بايدن أن الديمقراطية الأمريكية لا تزال على حالها، «عصية على القهر والانكسار»، برغم مواجهتها «أكبر تهديد لها منذ الحرب الأهلية». وتعليقًا على الحادث الأخير، الذى أودى بحياة تايرى نيكولز، الذى كان والداه بين الحضور، تحدث الرئيس الأمريكى عن عنف الشرطة ضد الأمريكيين ذوى الأصول الإفريقية، مطالبًا بضرورة توفير التدريب اللازم لرجال الأمن، والاستثمار فى التعليم وتوفير فرص العمل والسكن الملائم، للتخفيف من الجريمة، كما أشار إلى أنه قام بالتوقيع على قرار تنفيذى «لمنع كل ممارسات الضغط على العنق لدى إلقاء القبض على المواطنين وتقليل عمليات مداهمة المنازل قبل قرع الباب أولًا»!.
هذا هو خطاب بايدن الثانى حول حالة الاتحاد، منذ توليه منصبه، فى يناير ٢٠٢١، وما اختلف هذه المرة، هو أن «مكارثى» جلس مكان نانسى بيلوسى، رئيسة مجلس النواب السابقة، إلى جانب نائبة الرئيس، كامالا هاريس. وعلى خلاف ما تغنّى به الرئيس الأمريكى، أظهر استطلاع رأى أجرته شبكة «إيه بى سى» ونشرت نتائجه، الإثنين الماضى، أن ٦٢٪ من الأمريكيين لا يعتقدون أنه قام بإنجازات كثيرة. كما أظهر استطلاع لوكالة «أسوشيتد برس» أن ٢٨٪ فقط يعتقدون أن بايدن مؤهل جسديًا وعقليًا لتولى فترة رئاسة ثانية.
على صعيد السياسة الخارجية، تعهّد الرئيس الأمريكى بـ«الوقوف مع أوكرانيا»، وقال إن «غزو بوتين كان امتحانًا للجميع.. كان امتحانًا لأمريكا وامتحانًا للعالم»، مؤكدًا أن الولايات المتحدة كانت فى القيادة: «قدنا الناتو وبنينا تحالفًا دوليًا. ووقفنا ضد اعتداء بوتين.. ووقفنا مع الشعب الأوكرانى». ثم قال موجهًا حديثه إلى سفيرة أوكرانيا لدى واشنطن: «سنقف إلى جانبكم مهما استغرق الأمر. أمتنا تعمل من أجل مزيد من الحريات والكرامة والسلام ليس فقط فى أوروبا بل فى كل مكان».
من روسيا وأوكرانيا، انتقل بايدن إلى الصين، التى قال إن العمل معها «يخدم المصالح الأمريكية ويفيد العالم كله»، وأكد أن بلاده تسعى إلى «منافستها لا مواجهتها»، ثم استدرك: «لكنها لو هددت سيادتنا، سنعمل على حماية بلادنا، كما فعلنا الأسبوع الماضى» فى إشارة إلى المنطاد الصينى، الذى أسقطه الجيش الأمريكى، منذ أيام، بعد أن «انتهك الأجواء الأمريكية لأغراض تجسّسية»، حسب اتهام الولايات المتحدة، أو «دخل المجال الجوى الأمريكى عن غير قصد»، لإجراء أبحاث تتعلق بالأرصاد الجوية، كما أكدت الصين.
.. وأخيرًا، قدمت سارة هوكابى ساندرز، التى تم انتخابها فى نوفمبر الماضى لتكون أول حاكمة لولاية أركنساس، ردّ الجمهوريين على الخطاب، الذى أشارت فيه إلى أن الخط الفاصل فى الولايات المتحدة، الآن، لم يعد بين اليمين واليسار، بل أصبح يتعلق بـ«الاختيار بين الطبيعى أو الجنونى»، مؤكدة أن بايدن ورفاقه الديمقراطيين «خذلوا» الشعب الأمريكى، وأن «وقت التغيير» قد حان.