أهمية الاتجاه شرقًا!
تسعى معظم الدول إلى تعزيز علاقاتها الخارجية بما يحقق مصالحها السياسية والاقتصادية، وتزداد العلاقات الدولية تفاعلًا أثناء اندلاع الحروب، وتنشط بعد انتهائها، والدول الناجحة لا تنتظر تأثير المتغيرات الدولية عليها، بل تكون هى الفاعل والمحرك لتلك العلاقات بما يخدم مصالحها.
مصر الحاضرة على الصعيد الدولى والإقليمى، بادرت بعلاقات خارجية تخدم مصالحها السياسية والاقتصادية، وتؤكد الرؤية الثاقبة والمستقبلية للقيادة السياسية.
بدأت مصر تنشيط علاقاتها الخارجية مبكرًا بعد اندلاع الحرب الروسية- الأوكرانية، وكانت زيارة سيادة الرئيس إلى دولة صربيا البداية، فهي إحدى دول شرق أوروبا ذات الأهمية الكبيرة في مجالات متعددة، منها السياسية ومنها الاقتصادية وتتميز تحديدًا في المجال الزراعى، الزيارة انعكست بما يسهم فى تلبية احتياجات مصر من الحبوب ويعزز فرص الاستثمار بعيد المدى في إنتاج الحبوب، خاصة القمح والذرة وعباد الشمس، باعتبار منطقة البلقان من أكبر الدول المصدرة لتلك المنتجات.
وخلال الأسبوع الجاري كان لسيادة الرئيس زيارات خارجية أخرى مهمة بدأت بزيارة لدولة الهند إحدى القوى الاقتصادية الكبرى، فالهند ثاني أكبر دولة في العالم من حيث عدد السكان بما يعنى أن فتح أسواقها أمام المنتجات والشركات المصرية سوف يكون له تأثير كبير على الاقتصاد المصري، ما يعزز احتمالية ذلك هو حفاوة الاستقبال الذي قوبل به سيادة الرئيس واجتماعه مع كبار المسئولين، إلى جانب لقاء سيادته بمجموعة منتقاة من أهم وأكبر رجال الأعمال بالهند، وهو ما سوف ينعكس على العلاقات الثنائية بين البلدين، وهى العلاقات الممتدة منذ الخمسينيات أسهمت فيها الهند بدعم موقف مصر فى كل القضايا التى مرت علينا بداية من موقفها من العدوان الثلاثي، ويزيد من أهمية تلك الزيارة هو حجم الاستثمارات الهندية في مصر التى بلغت 3.1 مليار دولار قابلة للزيادة خلال الفترة القادمة، خاصة في مجالات التكنولوجيا و صناعة النسيج.
أما زيارة الرئيس الكرواتى «زوران ميلا نوفيتش» فهى زيارة مهمة في توقيتها أيضًا خاصة في دعم الدور السياسي لمصر الذي تدعمه كرواتيا كإحدى دول الاتحاد الأوربي، فضلًا عن مشاركة مصر وكرواتيا في مشاريع مشتركة في مجال الطاقة بما يعنى جذب استثمارات أجنبية جديدة لمصر.
كل ما سبق وغيره يؤكد أن القيادة السياسية في مصر لا تتوقف عن السعي لتحقيق أكبر قدر من المكاسب للدولة المصرية، وأنها إدارة منفتحة على العالم أجمع، ولا تتوقف علاقاتها عند العلاقات التقليدية، خاصة في ظل استغراق دول أوروبا في تفاصيل الحرب الروسية– الأوكرانية وما تتبعها من تضخم وأزمات اقتصادية وخلافات سياسية يزداد عمقها بزيادة فترة الحرب.. وعلاقات عربية راسخة تحكمها روابط الجيرة والحاضر والتاريخ.