زيارة رئيس وزراء رومانيا
إلى القاهرة، جاء نيكولاى تشيوكا، رئيس وزراء رومانيا، يرافقه وفد رفيع المستوى، وأجرى مباحثات موسعة، مع الدكتور مصطفى مدبولى، رئيس مجلس الوزراء، وشارك الاثنان، أمس الأحد، فى اجتماعات «منتدى الأعمال المصرى الرومانى»، واتفقا على ترتيبات الدورة الرابعة لـ«اللجنة المشتركة للتعاون الاقتصادى والعلمى والفنى»، المقرر عقدها خلال العام الجارى، فى العاصمة الرومانية بوخارست.
لم يزر رئيس وزراء رومانى مصر منذ حوالى عشرين سنة، مع أن الرئيس كلاوس يوهانيس، الذى تولى رئاسة رومانيا، فى ديسمبر ٢٠١٤، أى بعد أشهر قليلة من انتخاب الرئيس عبدالفتاح السيسى رئيسًا لمصر، زار القاهرة، منذ أكثر من سنة، بعد لقاءات عديدة جمعت بين الرئيسين، أنهت فاصلًا زمنيًا طويلًا، نسبيًا، فى تاريخ تطور العلاقات المصرية الرومانية، وأحدثت نقلة نوعية فى مسيرة التعاون بين البلدين الصديقين.
على هامش أعمال الدورتين الحادية والسبعين والثانية والسبعين للجمعية العامة للأمم المتحدة، التقى الرئيسان، فى سبتمبر ٢٠١٦ و٢٠١٧، ثم تكرر اللقاء خلال القمة العربية الأوروبية، التى استضافتها شرم الشيخ، فى فبراير ٢٠١٩، وفى يونيو التالى، كانت أول زيارة لرئيس مصرى إلى رومانيا، بعد ١٥ سنة، تحديدًا منذ أن زار الرئيس مبارك العاصمة الرومانية، فى مايو ٢٠٠٤، وأكد، من هناك، خلال المؤتمر الصحفى، الذى عقده مع الرئيس الرومانى الأسبق أيون إليسكو، أن أولوية مصر فى العمل الإقليمى تتركز على المنطقة العربية، ولا علاقة لها بالإطار الأوسع الذى تروج له الولايات المتحدة تحت مسمى الشرق الأوسط الكبير.
ترك إليسكو الحكم فى ديسمبر ٢٠٠٤. وفى فبراير ٢٠٠٧، زار القاهرة الرئيس التالى، ترايان باسيسكو، و... و... وبعد فاصل زمنى طويل، نسبيًا، شهدت العلاقات بين البلدين، تطورًا ملحوظًا ومستوىً عاليًا من التنسيق والتقارب فى وجهات النظر بشأن العديد من القضايا الإقليمية والدولية، وزار الرئيس الرومانى الحالى، الذى أعيد انتخابه فى ٢٠١٩، القاهرة، فى ٢٦ أكتوبر ٢٠٢١، وعقد معه الرئيس السيسى جلسة مباحثات ثنائية، تناولا خلالها سبل تعزيز العلاقات الاقتصادية والتجارية، بما يتناسب مع مستوى العلاقات السياسية المتميزة، إلى جانب تبادل الخبرات والمعلومات وتشجيع الاستثمارات المشتركة فى القطاعات ذات الميزة التنافسية.
فى هذا السياق، جاءت زيارة رئيس وزراء رومانيا، الذى أشاد خلالها بـ«المناقشات الثرية والمتميزة» ليس فقط مع نظيره الدكتور مصطفى مدبولى، ولكن أيضًا بين وزراء البلدين، والتى ركزت على سبل توطيد العلاقات الاقتصادية بين البلدين، واستعرضت المزايا التى تتمتع بها مصر فى مجالات التصنيع الزراعى، وإنتاج الأسمدة، والبتروكيماويات وغيرها من السلع والمنتجات التى تقوم بتصديرها إلى السوق الرومانية.
تُعد رومانيا واحدة من الدول الرئيسية المنتجة للحبوب، على مستوى العالم. وعليه، استوقفنا تأكيد رئيس الوزراء الرومانى على أن بلاده ستبذل كل ما فى وسعها لضمان تلبية الكميات التى تطلبها مصر من القمح والحبوب، وتوفير الإمدادات من مختلف السلع الغذائية، مشيرًا إلى أن بلاده كانت فى طليعة الدول التى بذلت جهودًا واضحة فى التعامل مع أزمة الغذاء العالمية، عقب الأزمة الروسية الأوكرانية، ومؤكدًا حرص بلاده على تعزيز التعاون مع مصر والحفاظ على تميز العلاقات الثنائية القائمة بين البلدين الصديقين. وشدد على ضرورة أن نبحث سويًا جميع السُبل الممكنة لتعزيز أطر العلاقات الثنائية التجارية، خاصة فى ظل الأزمة الروسية الأوكرانية، التى لم تؤثر فقط على دول الجوار الروسى والأوكرانى، بل على جميع دول العالم.
.. وأخيرًا، نتمنى أن تكون اجتماعات الدورة الرابعة لـ«اللجنة المشتركة للتعاون الاقتصادى والعلمى والفنى»، المؤجلة منذ سنة ٢٠٢١، والمقرر عقدها خلال العام الجارى، فى العاصمة الرومانية، حافزًا لعقد شراكات بين الشركات المصرية والرومانية، وللاستفادة من المبادرة الأوروبية لنقل المصانع خارج أوروبا، ضمن الخطة الوطنية لتوطين الصناعات، وللاستفادة، أيضًا، من الفرص الاستثمارية الطموحة فى المنطقة الاقتصادية لقناة السويس، ومن اتفاقيات التجارة القارية، التى يشترك فيها البلدان، والتى تسمح بنفاذ السلع والمنتجات إلى مختلف الأسواق، خاصة الإفريقية والأوروبية.