مريض فى سفينة عابرة
رسالة طمأنة جديدة وجهتها «هيئة قناة السويس» للمجتمع الملاحى الدولى، أمس الخميس، بنجاحها فى التعامل السريع مع استغاثة تلقاها مركز مراقبة الملاحة من ربان سفينة الحاويات «أثينيان»، ATHENIAN، التى عبرت القناة ضمن قافلة الجنوب، قادمة من الهند، مفادها أن أحد أفراد طاقم السفينة يعانى من أزمة ربوية حادة، ويحتاج إلى توقيع الكشف الطبى عليه بشكل عاجل، ولا توجد تجهيزات طبية بالسفينة للتعامل مع حالته.
بمجرد تلقى المركز الاستغاثة، تم التنسيق مع إدارة الحجر الصحى وإيفاد طبيب الحجر بمعاونة لنشات الهيئة لتوقيع الكشف الطبى على الحالة، حيث أوصى بضرورة حصول الحالة على رعاية طبية متقدمة فى أحد المستشفيات، وبالفعل جرت الاستجابة لتطورات الحالة الصحية للمريض بإنزاله من السفينة والتوجه به إلى أحد المستشفيات الخاصة بمحافظة السويس، بمساعدة خدمات الإسعاف البحرى للهيئة وبالتنسيق مع توكيل السفينة وإدارة الحجر الصحى وإدارة الجوازات بميناء السويس. وعليه، تلقت الهيئة خطاب شكر من ربان السفينة على سرعة استجابتها للحالة الطارئة، بشكل مهنى وإنسانى، واتخاذها الإجراءات اللازمة لإنقاذ مريض طاقمه، لافتًا إلى أنه اطمأن على استقرار حالته وعرف أنه استجاب للعلاج الطبى.
جهود ومشروعات تطوير المجرى الملاحى للقناة، التى بدأت منذ تأميمها فى ٢٦ يوليو ١٩٥٦، لم تتوقف بافتتاح «قناة السويس الجديدة»، التى عززت القدرة العددية والاستيعابية للقناة وسمحت لها باستقبال السفن العملاقة، سفن الحاويات الضخمة، ورفعت جاهزيتها للتعامل مع نمو حركة التجارة العالمية، وحققت أعلى معدلات الأمان الملاحى، منذ ٦ أغسطس ٢٠١٥، بل استمرت جهود التطوير، وفق استراتيجية متكاملة وخطوات متوازية، وقامت الهيئة بإنشاء سلسلة جراجات عملاقة على القناة الجديدة، بالإضافة إلى تعميق وصيانة الجراجات القائمة على القناة الأصلية، لزيادة القدرة على مواجهة حالات الطوارئ.
قامت الهيئة، أيضًا، بتطوير ١٦ محطة مراقبة بطول المجرى الملاحى، وتوفير خدمات الإسعاف البحرى، وخدمات الإنقاذ المختلفة، مع تطوير مراكز مراقبة الملاحة بمدن القناة الثلاث، وتحديث أسطول الوحدات البحرية التابعة لها، من كراكات وقاطرات ولنشات بحرية. ولعلك تتذكر أن أزمة جنوح سفينة الحاويات العملاقة «إيفر جيفين»، EVER GIVEN، فى أبريل ٢٠٢١، قدمت للعالم نموذجًا فريدًا، وغير مسبوق، فى كيفية إدارة هيئة قناة السويس الأزمات وتعاملها مع الحالات الطارئة، إذ استحدثت الهيئة استخدام التكريك فى أعمال الإنقاذ البحرى، وهو لم يكن متعارفًا عليه، لما يتطلبه من دقة عالية ومراعاة لأقصى معايير الأمان، وتمكنت، خلال وقت قياسى، من إنقاذ السفينة دون أن تلحق أى خسائر ببدنها أو بما تحمله من بضائع.
استكمالًا لجهود ومشروعات التطوير، وافق مجلس الوزراء، فى ١١ مايو ٢٠٢٢، على قيام هيئة القناة بالتعاقد مع الهيئة العامة للإسعاف، التابعة لوزارة الصحة، على تنفيذ ٦ لنشات إسعاف بحرى، للعمل على السواحل المصرية. وفى ٢٣ أكتوبر الماضى أعلنت هيئة الإسعاف عن تدشين أول لنش إسعاف بحرى فى مصر، بطول ١٤ مترًا وبتجهيزات تقارب وحدة العناية المركزة بالمستشفيات، وبأطقم إسعافية مدربة بحرفية، ومؤهلة للعمل تحت أقصى الظروف، وبمصاحبة تغطية أرضية ومنظومة اتصال وإنذار، تعمل على مدار ٢٤ ساعة.
هذه الخطوة «قد تبدو للبعض صغيرة، لكنها تمثل وثبة كبيرة للمنظومة الصحية المصرية، ولهيئة الإسعاف، فهى فكرة عاشت حبيسة الأدراج لسنوات، ولكن بفضل القيادة والإرادة السياسية المخلصة لهذا الوطن كُتب لها أن ترى النور»، وما بين التنصيص ننقله من بيان أصدرته الهيئة العامة للإسعاف، أكدت فيه أن «لنش الإسعاف البحرى»، كان نتاج تعاون بين كل مؤسسات الدولة التى آمنت بذلك الحلم، وعلى رأسها هيئة قناة السويس، التى كان لسواعد أبنائها الفتية عامل الحسم فى تدشين هذا المشروع.
.. وتبقى الإشارة إلى أن قناة السويس، التى توصف بأنها الشريان الرئيسى لحركة التجارة العالمية، تحظى بتأمين شامل، برًا وبحرًا وجوًا، بجهود قوات تأمين المجرى للملاحى للقناة، وبقدرات وإمكانات قواتنا المسلحة، التى جعلتها أكثر الممرات الملاحية أمانًا فى العالم، إضافة إلى كونها الأقصر والأسرع والأقل تكلفة.