سامى شرف.. رحيل رجل شريف
لو كُتب خبر رحيل السيد سامي شرف في الخمسينيات كان سيُكتب هكذا: رحيل أحد صقور المخابرات المصرية وبطل من أبطالها.
ولو كُتب هذا الخبر في الفترة من عام 1955 وحتى عام 70 كان سيكتب هكذا: رحيل رجل المهام الخاصة وكاتم أسرار الرئيس جمال عبدالناصر.
وإن كان كُتب الخبر في السبعينيات كان سيكتب: رحيل أحد أبرز رموز مراكز القوى.
وإن كان كُتب خبر رحيله في الثمانينيات والتسعينيات كان سيكتب عن أحد أبطال مقاومة التطبيع والتجسس على مصر، الباحث في العلوم الإدارية والاجتماعية وأحد مؤسسي التيار الناصري والمناضل العروبي الكبير.
أما إذا كُتب خبر رحيله الآن فلك أن تكتب ما تشاء عن رجل عاش بطلا وشريفا ومخلصا لوطنه ولعمله ولمبادئه.
لم تكن تلك مقدمة مدح في الراحل العظيم السيد سامي شرف، الوزير السابق برئاسة الجمهورية ومدير مكتب الرئيس جمال عبدالناصر للمعلومات، وواحد من الرعيل الأول المؤسس لجهاز المخابرات العامة، والمعروف بألقاب كاتم الأسرار وصاحب المهام الخاصة، والصديق الوفي للرئيس جمال عبدالناصر.
الحديث عن السيد سامي شرف لن تكفيه سطور مقال ولا صفحات صحف كاملة، فمشوار عطائه لمصر طويل وممتد منذ عام 1949 بعد تخرجة فى الكلية الحربية وانضمامه لسلاح المدفعية، ثم التحاقه بالمخابرات العسكرية بعد قيام ثورة يوليو التى انضم لأبطالها في ليلة الثورة، وعاش- شرف- أهم الأحداث التاريخية في الخمسينيات والستينيات وحتى رحيل الرئيس عبدالناصر في سبتمبر 1970، بالإضافة إلى بضعة أشهر قضاها إلى جوار الرئيس السادات تقدم خلالها باستقالته ثلاث مرات ولكن السادات رفضها جميعها، حتى تم القبض عليه في ليلة 13 مايو 1971، والمعروفة إعلاميا بقضية «مراكز القوى»، وظل سامى شرف سجينا حتى يوم 15 مايو 1981، وخرج من السجن بدون قرار إفراج، حيث تم فتح باب احتجازه وعدد من زملائه في سجن مستشفى قصر العينى ليقرروا الخروج والذهاب لبيوتهم مشيا على الأقدام وبدون قرار بالإفراج، في واقعة فريدة وتعد لغزا يحتاج لفك رموزه.
وضع الراحل سامي شرف أسس إدارة مكتب رئيس الجمهورية للمعلومات، وعاش بالقرب من الرئيس قرابة 16 عاما، اختار مكتبه بالمبنى المقابل لسكن الرئيس بمنشية البكري ليكون الأقرب له طول الوقت وفي أى وقت، وكتب فى 6 أجزاء من كتابه المهم "سنوات وأيام مع جمال عبدالناصر" تفاصيل تلك السنوات ومعظم الأحداث المهمة التى عاصرها، من قرار تأميم قناة السويس للعدوان الثلاثي لمرحلة البناء والتصنيع والتأميم وحروب اليمن و67 والاستنزاف، لكن ما يهمنا منها هو ما أكده بنفسه في أحد فصول كتابه، وقال فيها: "إن مكاتب سكرتارية الرئيس للمعلومات، ومكتبى فى مقدمتها، كانت مفتوحة لأى مواطن، ولم يحدث أن مُنع أحد من الدخول تحت أى مسمى أمنى أو سياسي"، والشهود على تلك الفترة كثيرون من المواطنين والسياسيين والفنانين الذين تمكنوا من مقابلة الرئيس عبدالناصر بمنتهى السهولة أو قام بتوصيل خطاباتهم له والرد عليها بنفسه، وما زال كثير من الأسر المصرية تحتفظ بتلك الخطابات الموقّعة من الرئيس عبدالناصر شخصيًا بمجهود وفكر سامي شرف وشخصية الرئيس، رحم الله شرفاء الوطن.