معركة الأغلبية.. هل يحسم الكونجرس رفع حد «سقف الديون الأمريكية»؟
أعلنت وزيرة الخزانة الأمريكية جانيت يلين أن الولايات المتحدة وصلت إلى حد ديونها الفيدرالية، مما أدى إلى اندلاع معركة سياسية مكثفة قد تعرض النظام المالي العالمي للخطر، وأصبح أمام الكونجرس والبيت الأبيض مهلة حتى أوائل يونيو المقبل على الأقل لحل المشكلة.
وبحسب تقرير لقناة "channel news asia" يعبر الحد الأقصى للاقتراض من حكومة الولايات المتحدة فقط على القدرة على دفع الفواتير الحالية، وليس الموافقة على المزيد من الإنفاق، لكنها أصبحت قضية سياسية متفجرة مع احتمال تضرر الأسواق المالية، حيث أن الفشل في رفع السقف قد يؤدي إلى التخلف عن السداد لأول مرة على الإطلاق في بعض التزامات الحكومة.
هل يتعاون الحزب الديمقراطي والجمهوري في أزمة سقف الدين
وكشف التقرير عن أن قادة كلا الحزبين السياسيين الرئيسيين الجمهوري والديمقراطي أقرا بضرورة رفع حد الدين، لأن الفجوة بين الإنفاق الحكومي والإيرادات كبيرة جدًا، لكن العديد من الجمهوريين، الذين يحظرون الآن بالأغلبية في مجلس النواب يريدون أن يربطوا رفع حد الدين بخفض الإنفاق، بما في ذلك الضمان الاجتماعي والرعاية الطبية والرعاية الطبية.
وقال رئيس مجلس النواب كيفين مكارثي، وهو جمهوري، "أود أن أجلس مع جميع القادة وخاصة الرئيس جو بايدن وأن أبدأ في إجراء مناقشات".
يقول السناتور جو مانشين من وست فرجينيا، وهو ديمقراطي من الوسط، إن التسوية المحتملة يمكن أن تنطوي على إقران زيادة في سقف الديون مع إنشاء لجان خاصة لاستكشاف خفض إجمالي الدين الأمريكي ودعم الصناديق الاستئمانية للضمان الاجتماعي والرعاية الطبية.
لكن إدارة بايدن قالت إن رفع سقف الديون غير قابل للتفاوض ولا ينبغي أن يكون مشروطًا بأي إجراء آخر.
فيما يلقي الجمهوريون باللائمة على التضخم المرتفع في الإنفاق خلال أول عامين من حكم بايدن.
ووفق التقرير يريد بعض خبراء الميزانية والمعلقين إلغاء سقف الديون، بحجة أن معارك الكونجرس الدورية حوله تزيد من عدم اليقين الاقتصادي، ويقول مؤيدو وضع الحد للدين إن استخدامه للمساومة على خفض الإنفاق يخدم المصلحة العامة في وقت كانت مستويات الديون مرتفعة تاريخياً.
وقال شين سيديريس، الشريك المؤسس لشركة Synchronous Wealth Advisors في كاليفورنيا إنه من المرجح أن تؤدي الخلافات السياسية في الأسابيع المقبلة إلى تقلبات سوق الأسهم لكن بالنسبة للمستثمرين على المدى الطويل، لا داعي للقلق لأنه سبق وتم رفع سقف الديون 45 مرة في السنوات الأربعين الماضية.
ومع ذلك، قد يكون التقلب مشكلة حيث يشبه الوضع السياسي الحالي إلى حد كبير عام 2011 ، عندما واجه الرئيس الأسبق باراك أوباما مجلسًا جمهوريًا وانتهى به الأمر إلى إبرام صفقة في اللحظة الأخيرة تحدد الإنفاق الفيدرالي.
وبحسب المحللين إذا لم يتم حل المعركة الحالية قبل أن تخفق الولايات المتحدة في سداد التزاماتها، فقد يكون انخفاض السوق حادًا، كذلك إذا لم يتم رفع سقف الديون، فستضطر الولايات المتحدة إلى خفض الإنفاق الحكومي بشكل كبير وسيصل هذا الانخفاض المفاجئ إلى حوالي 4% من الإجمالي السنوي للناتج المحلي الإجمالي، وفقًا لتقدير ديفيد ويلكوكس، مدير الأبحاث الاقتصادية الأمريكية في بلومبيرج إيكونوميكس.
تداعيات استمرار أزمة سقف الدين على الاقتصاد الأمريكي
وتشمل هذه الإجراءات غير العادية المزعومة حجب المساهمات المجدولة بانتظام لصندوق تقاعد الموظفين الفيدرالي واستخدام تلك الأموال لمواصلة سداد الديون، وبمجرد استنفاد هذه الإجراءات، تصبح الخيارات أكثر صعوبة، مما قد يؤدي إلى إغلاق جزئي للحكومة وتأخير في المدفوعات الحكومية مثل شيكات الضمان الاجتماعي.
وقال متحدث باسم الرئيس جو بايدن إن التخلف عن سداد الديون "سيغرق البلاد بلا داع في الفوضى الاقتصادية والانهيار والكارثة بينما يمنح منافسينا مثل الصين دفعة تاريخية".
وكشف التقرير عن أن الفشل في دفع السندات الحكومية الأمريكية سيجعلهم أقل قبولًا كاستثمارات آمنة، مما يجبر الحكومة على دفع المزيد من الفوائد لبيعها وسيكون لذلك آثار سيئة، فبحسب مجلس المستشارين الاقتصاديين التابع للبيت الأبيض، خلال مناقشة حول سقف الديون في عام 2021، ستفقد الأسواق المالية الثقة في الولايات المتحدة، وسيضعف الدولار وستنخفض الأسهم.
كذلك التصنيف الائتماني للولايات المتحدة سينخفض، وسترتفع أسعار الفائدة على نطاق واسع للعديد من القروض الاستهلاكية، مما يجعل منتجات مثل قروض السيارات والرهون العقارية أكثر تكلفة بالنسبة للعائلات التي تخضع لتغيرات أسعار الفائدة أو الحصول على قروض جديدة.
قصة ظهور سقف الدين في الولايات المتحدة
وأشار التقرير إلى أنه فكرة وضع سقف للدين ظهرت في عام 1917 وأدت إلى تسهيل تمويل الحرب العالمية الأولى من خلال تجميع السندات في فئات مختلفة، مما خفف العبء على الكونجرس للموافقة على كل سند على حدة ومع اقتراب الحرب العالمية الثانية في عام 1939، أنشأ الكونجرس أول حد إجمالي للديون ومنح وزارة الخزانة مجالًا واسعًا بشأن السندات التي ستصدرها، حيث يتيح رفع السقف للحكومة الاقتراض لتغطية الفجوة بين الإنفاق والضرائب التي وافق عليها الكونجرس بالفعل.
وأوضح التقرير أنه تم رفع الحد بشكل روتيني دون وقوع حوادث حتى عام 1953، وفي ذلك العام تم تعليق الموافقة في مجلس الشيوخ في محاولة لتقييد الرئيس دوايت أيزنهاور، الذي طلب زيادة لتمكين بناء نظام الطرق السريعة الوطنية ومنذ ذلك الحين تم رفع الحد الأقصى عشرات المرات، عادة بدون صراع داخل الكونجرس، حيث اتفق كلا الحزبين الجمهوري والديمقراطي على رفع سقف الدين في عهد الرئيس الجمهوري دونالد ترامب دون ضجة لكن ربع القرن الماضي شهد تحول في قضية سقف الديون بشكل متزايد وتحوله إلى سلاح حزبي.
وكان رفع سقف الديون من بين الخلافات التي تسببت في إغلاقين للحكومة الفيدرالية في أواخر عام 1995 وأوائل عام 1996، وقد وقعت معركة أخرى في عام 2011، حيث هزت الأسواق المالية ودفعت شركة ستاندرد أند بورز ( Standard & Poor’s) إلى إصدار أول تخفيض على الإطلاق للتصنيف الائتماني للحكومة الأمريكية.
وانخفضت ثقة المستهلك كما هبطت تقييمات استطلاعات الرأي للجمهوريين في الكونجرس والرئيس الأسبق باراك أوباما، الذين وافقوا على تخفيضات في الإنفاق بأكثر من 2 تريليون دولار على مدى عقد من الزمن لإنهاء الأزمة.
قم حدثت مواجهة ثانية لسقف الديون بين أوباما والجمهوريين في عام 2013 كجزء من جهد الحزب الجمهوري المحكوم عليه بالفشل لإلغاء قانون الرعاية بأسعار معقولة.
وبحسب التقرير تصطدم الولايات المتحدة بالحد الحالي للديون الفيدرالية البالغ 31.4 تريليون دولار أمريكي، فيما قالت وزيرة الخزانة جانيت يلين إن المناورات الجارية يجب أن تتجنب حدوث أزمة حتى أوائل يونيو.