The Last of Us.. صراع تقليدى ومشاهد منسوخة
مع الإعلان الأول لمسلسل «The Last of Us» تحمست، كوني من محبي مشاهدة الأعمال المستوحاة مما يمكن أن يطلق عليه "أدب القيامة"، نظرا لما تحتويه من خيال غير مسبوق، ومع حصول المسلسل على تقييم 9.9 من 10 بموقع IMDB، و100% بموقع Rotten Tomatoes، قبل حتى عرضه، جلست أترقب أولى حلقاته، لكني بعد مشاهدتي أول حلقة، أصبت بخيبة الأمل.
خلال حياتي شاهدت العديد من نوعية أعمال "أدب القيامة"، والتي تدور حول نهاية الحضارة بسبب كارثة شديدة، كوباء قاتل أو حرب نووية، أو تغير المناخ.. إلخ. تنوعت مشاهداتي ما بين The Last Man on Earth، وThe Walking Dead، وThe 100، وغيرها الكثير، من هنا استصعبت ذائقتي العمل الجديد.
وThe Last of Us في الأصل سلسلة من الألعاب الإلكترونية لشركة Naughty Dog، تم تقديمها لأول مرة في أجهزة PlayStation، وتحظى بشعبية كبيرة حول العالم، وهو ما دفع Sony Pictures إلى تحويلها لعمل درامي على غرار أعمالها السابقة مثل Uncharted، وGhost of Tsushima المستوحاة من ألعاب إلكترونية أيضا.
تم بث الحلقة الأولى من المسلسل يوم 15 يناير 2023، وبدأت بعام 1968 في لقاء تليفزيوني حواري بين عالمي أوبئة يتحدثان عن احتمالية حدوث جائحة عالمية، أحدهما د. شوينهيس (Christopher Heyerdahl) الذي يؤكد أن البشر سيتغلبون على أي تهديدات محتملة، والآخر د. نيومان (John Hannah) يؤكد أن هناك تهديدا لم يحسب البشر حسابه وهو الفطريات، لتبدو الدهشة على مقدم البرنامج والحضور وأنا!
يستطرد الدكتور "نيومان"، ويؤدي دوره الفنان القدير جون هانا الذي عرفته لأول مرة في دور لينتولوس باتياتوس كمالك لمجموعة من الغلادياتر (المصارعين) في مسلسل "سبارتاكوس"، قائلا إن الفطريات ستشكل تهديدًا للبشرية أكثر من أي كائن حي آخر، لأنها تميل إلى أن تكون مسببة للأمراض النفسية.
يشير "نيومان" إلى أن الاحتباس الحراري- كما عرفناه في مؤتمرات الأطراف وآخرها COP 27- قد يدفع الفطريات إلى التغيّر والوصول لتلك النقطة التي يمكنها فيها التأثير على البشر، محذرا من أن الجنس البشري سيعاني وقتها من غياب أي دواء أو مضاد لتلك الفطريات، وبالتالي تصبح قادرة على التحكم في الإنسان من خلال التأثيرات النفسية.
تقفز الأحداث من 1968 إلى 2003، حيث تعد سارة ميلر (Nico Parker) وجبة الإفطار لأبيها جويل ميلر (Pedro Pascal)، وترتب معه أمر حضوره مبكرا من العمل للاحتفال بعيد ميلاده فيعدها بإحضار كعكة لهذه المناسبة، تخرج "سارة" معه للذهاب إلى المدرسة، وأثناء تحضير السيارة تجري حديثا قصيرا مع جارتهما السيدة العجوز القاطنة في المبنى المجاور، فتدعوها السيدة إلى زيارتها، فيلاحظ (سارة وجويل) أنها تعاني من حالة غير مفهومة من المرض، لكنهما يتوقعان أن الأمر متعلق بكبر السن.
ولأن كل عيد ميلاد يستلزم هدية؛ تذهب سارة إلى محل ساعات ومجوهرات Lone Star Watch & Jewelry لإصلاح ساعة والدها كهدية، لتتفاجأ خلال وجودها برغبة صاحبة المحل (ذات الأصول العربية لسبب لا سياق له في القصة حتى الآن)، في الإغلاق بسرعة، كما تلاحظ سارة العديد من سيارات الشرطة مسرعة في الطريق أمام المتجر، لتأخذ الساعة وترحل، وتمر الأحداث حتى لحظة مطالبة السلطات للجميع بالتواجد داخل منازلهم وإحكام إغلاقها.
البداية لم تكن جيدة، فرغم وجود أساس جيد للقصة ممثل في خطر يحدق بالجميع لا نعرف عنه شيئا، وغياب أي نوع من العلاج أو الوقاية، وتمهيد جيد لما يمكن أن نتوقعه، كانت الأحداث متسارعة بشكل لم يخدم الحبكة، ففي اللحظة التي ذهبت فيها سارة لإصلاح ساعة والدها لم يكن لدى أصحاب المحل أي معلومة عن ماهية ما يواجهونه، فما الذي دفعهم للرعب المفاجئ وإغلاق المحل بأقصى سرعة؟
كما أن تفشي المرض لم يتم التمهيد له بالشكل الكافي، تحول الناس- فجأة- في الشارع يأكلون بعضهم البعض، وفي اللحظة التي طالبت فيها السلطات الجميع بالبقاء في منازلهم لم يكن هناك تمهيد لما يحدث في أداء الشخصيات، وكأن الحادث وقع في فترة لم يتم فيها اختراع وسائل الاتصال، ومع تسارع الأحداث سقطت طائرة من السماء في مشهد غريب، ما الذي يدفع طائرة "في السماء" إلى السقوط كرد فعل لتحول بعض الأشخاص إلى آكلي لحوم بشر "على الأرض"؟
واستمرارا للتحول السريع، يقفز المسلسل- مرة ثالثة- في الزمن إلى 2023، ليرصد إصابة العالم كله بالوباء، والسيطرة عليه من خلال هيئة تدعى FEDRA تابعة للجيش الأمريكي، تتحكم في العالم وتدير معسكرات لغير المصابين، وتمثل الديكتاتورية، في المقابل هناك منظمة Firefly، وهي منظمة تحارب FEDRA، وتبحث كما تقول القصة عن الديمقراطية والحرية، في مشاهد تشبه مشاهد الخارجين عن النظام في مسلسل The 100.
والخيال الجيد هو ما يمكن أن نتصور حدوثه، وهو أمر غير ممكن مع المسلسل، إذ تجري أحداثه في 2023 وهو العام الذي نعيش فيه الآن، ما يجعل مساحات الخيال محدودة. إضافة إلى ذلك كانت هناك بعض المشاهد المكررة في ذاكرتي، فتحركات المصابين كانت شديدة الشبه بسقوط الأشخاص في مسلسل The Walking Dead.
لكننا مع ذلك، ل ازلنا نأمل فيما هو أفضل، ومن المتوقع أن يشهد العمل تغيرات في الشكل والأحداث خلال الحلقات المقبلة، إذ يتعاون كاتب ومخرج اللعبة Neil Druckmann مع Craig Mazin كاتب المسلسل الرائع Chernobyl، كما يعمل على المسلسل عدة مخرجين أهمهم Neil Druckmann والمخرج الروسي Kantemir Balagov، وغيرهما.