مهندسو مصر يناقشون فوائد مشروعات الهيدروجين الأخضر على الاقتصاد
عقدت لجنة الطاقة بنقابة المهندسين بالقاهرة، ندوة بعنوان "مستقبل الطاقة الخضراء في ظل التغيرات العالمية" تحت رعاية المهندس حسام الدين عفيفي رئيس نقابة مهندسي القاهرة ورئيس مجلس إدارة شركة شمال القاهرة لتوزيع الكهرباء، والمهندس عبد العزيز الكفراوي رئيس لجنة الطاقة بالنقابة، وأدار الندوة الدكتور أحمد سلطان نائب رئيس لجنة الطاقة بالنقابة.
وشارك في النقاش حول "مستقبل الطاقة الخضراء في ظل التغيرات العالمية" خلال الندوة المنعقدة مساء الأثنين 16 يناير 2023، كل من: المهندس أسامة كمال وزير البترول الأسبق، المهندس شريف هدارة وزير البترول الأسبق، الدكتور عطية عطية عميد كلية الطاقة الجامعة البريطانية، المهندس أشرف نصير وكيل لجنة الطاقة بالنقابة العامة للمهندسين، الدكتورة دينا هلالي عضو مجلس الشيوخ المصري، والكاتب الصحفي محمد صلاح المتخصص في شؤون الطاقة.
الهيدروجين الأخضر: منظور اقتصادي واجتماعي وفني
تحدث المهندس شريف هدارة وزير البترول الأسبق عن طاقة الهيدروجين من منظور شديد الخصوصية وهو انعكاس هذا المجال على خلق الوظائف الجديدة، وبين أن الوقت الراهن يتطلب الحديث على التوازي عن إعداد الكوادر البشرية من المتخصصين والفنيين استعدادًا للعمل في مشروعات إنتاج الهيدروجين الأخضر في مصر، خاصة وأن هذه المشروعات تحتاج إلي نوعية محددة من المهارة العلمية والفنية، وهذا بجانب الحديث عن كم القدرات الطاقوية التي يستهدف إنتاجها ودمجها في مزيج الطاقة المنتجة من الهيدروجين الأخضر ضمن مزيج الطاقة في شبكة كهرباء مصر.
وأوضح المهندس شريف هدارة أن هذه الرؤية منبثقة من منظور اجتماعي في دراسة الهيدروجين الأخضر، أي أنه في الوقت الذي نسعى فيه للتنقيب عن الاكتشافات النفطية يجب أن ننقب عن الموارد البشرية المؤهلة لإدارة كم المقومات الطبيعية في مصر لإنتاج الهيدروجين بكل أنواعه (ألوانه).
وأشار المهندس شريف هدارة إلي أسباب التحول إلي استخدام الهيدروجين كطاقة نظيفة بديلة على المستوى الدولي، مشيرًا إلي أن الاعتماد على الوقود الأحفوري وخاصة الفحم والذي يعتبر هو أرخص أنواع الوقود ظل الاعتماد عليه لسنوات طويلة وتسبب في الإضرار بصحة الإنسان و إصابته بالأمراض، وأيضًا تسبب في الإضرار بالبيئة، وكانت النتيجة أن تكلفة العلاج للإنسان وإصلاح ما أضر بالبيئة كانت أعلى بكثير من الوفر في استخدام وقود منخفض التكلفة، وهذا بالمقارنة باستخدام طاقة الهيدروجين المنخفضة التكلفة، هذا بالإضافة إلى الفوائد على المستوى الاقتصادي والاجتماعي والفني.
استراتيجيات وتشريعات
وحول مراحل إعداد الاستراتيجيات الخاصة بمشروعات الهيدروجين قال "هدارة": "إنه لابد من الأخذ في الاعتبار كافة الجوانب السياسية والاقتصادية والاجتماعية والفنية والتشريعية، والمدي الزمني لبداية المشروع وتاريخ الوصول إلي الهدف من المشروع، والمتمثل في بلوغ صفر كربون، وأيضًا وبنفس الأهمية لجميع العوامل السابقة يجب أن تكون الناس لديها ثقافة تقبل هذا المنتج الجديد".
وأشار المهندس هدارة إلى ضرورة وجود تشريع قانوني لتنظيم عمل مشروعات الهيدروجين في مصر، خاصة في ظل الزخم المتوقع لهذه المشروعات في المستقبل القريب، مع بدء الإنتاج لعدد من القدرات الكهربائية والتي بطبيعة الحال تحتاج إلي ربط على الشبكة القومية، وكذلك سيتم نقلها وبيعها عبر الشبكة نفسها، مشيرًا إلى أهمية التشريع القانوني لتنظيم هذه المنظومة الحديثة، وأيضًا تنظيم مصادر دخول القدرات على الشبكة الكهربائية وتنظيم خروجها لتلبية جميع الاحتياجات.
وكذلك، أوضح "هدارة" أن التشريع القانوني لمشروعات الهيدروجين لا يقتصر على تنظيم نقل وبيع الطاقة فقط، ولكنه يجب أن يكون قانون محفز لإنتاج الطاقة الكهربائية من الهيدروجين، مثل قانون الإعفاء الضريبي في الغرب الذي يعفي منتجي الهيدروجين الأخضر من الضرائب، وينعكس هذا على سعر إنتاج وبيع الوحدة الحرارية المنتجة من الهيدروجين في السوق المحلي.
وأكد الوزير الأسبق للبترول أن التخطيط لمستقبل الطاقة يحتاج إلى سنوات طويلة من العمل الجاد والبحث العلمي وإعداد الكوادر ودعم العلماء وتوفير الموارد المالية اللازمة لبناء هذا المستقبل، مع الإدارة الحكيمة والرشيدة لموارد الدولة الطاقوية، متأخذًا التجارب الغربية نموذجًا في بدء استخدامات الهيدروجين الأخضر كوقود بديل للمشتقات النفطية السيارات، عندما بدأ التخطيط لهذا التحول في العام 2003 وخصص للعلماء والمهندسين نحو 1.5 مليون دولار لعمل الدراسات اللازمة لنجاح هذا التحول.
المنظور "الأمريكي" و"الأوروبي" لمستقبل الطاقة الخضراء
وحول مستقبل الطاقة الخضراء في ظل التغيرات العالمية، تحدث المهندس أسامة كمال وزير البترول الأسبق، عن وجهة النظر الأمريكية والأوروبية في أزمة الطاقة العالمية، واستعرض موقف القوى العظمى الراهن من المنظور الاقتصادي حتي نهاية العامة 2022، مشيرًا إلي سيطرة كل من الولايات المتحدة الأمريكية والصين على النسب الأكبر من الاقتصاد العالمي، إذ يبلغ حجم الاقتصاد الأمريكي 20 تريليون دولار، مقابل 14 تريليون دولار للاقتصاد الصيني، وتأتي تبعًا في مراتب متتالية اليابان وألمانيا والهند وإنجلترا وفرنسا وإيطاليا والبرازيل وكندا.
وأوضح المهندس أسامة كمال، اعتماد هذه الدول في بلوغ ما وصلت إليه من تقدم اقتصادي مبني على أمن الطاقة لديها، فرغم عدم امتلاك الكثير من الاقتصاديات الكبرى على موارد طبيعية لتلبية احتياجتها الطاقوية، إلا أنها عملت على تأمين مصادر الطاقة التي تحتاج إليها، وتخزين احتياطات مؤكدة لاحتياجاتها من أجل أن تصل إلي هذه المراتب المتقدمة ضمن قائمة أكبر الاقتصاديات في العالم.
ورأى "كمال" أن التنوع في مصادر الطاقة أحد عوامل تعزيز الاقتصاديات الكبرى، التي بدأت مراحل التحول إلي الاقتصاد الأخضر بالتدرج في تنوع مصادر الطاقة وخلق مزيج نسبي بين الطاقة التقليدية والطاقة المتجددة، لافتًا إلي أن هذا المزيج لدي بعض الاقتصاديات الكبري يتكون من (البترول.الغاز الطبيعي.طاقة الرياح.الهيدروجين).
كلية الطاقة.. وتأهيل النماذج البشرية
وناقش الدكتور عطية عطية عميد كلية الطاقة بالجامعة البريطانية، مستقبل الطاقة النظيفة من الجانب العلمي الأكاديمي، وما يتضمنه من استراتيجية بناء الأجيال القادمة وإعداد نماذج بشرية مدربة ومؤهلة للعمل في مشروعات إنتاج الهيدروجين في مصر بحلول العام 2026.
وأشار الدكتور عطية إلى إنشاء أول كلية للطاقة في الجامعة البريطانية، إذ شرع الطلاب بها في إعداد مشروعات علمية لإنتاج الهيدروجين الأخضر، وذلك في ضوء التجارب العلمية الأجنبية التي يستندون إليها في مشاريعهم التجريبية.
بينما أشار المهندس أشرف نصير الخبير الاستشاري في الطاقات المتجددة، إلى الطفرة الهائلة التي أحدثتها مشروعات الطاقة المتجددة في مصر في خلق مزيج الطاقة بالشبكة القومية لنقل الكهرباء، مشيرًا إلى مشروع بنبان في غرب مدينة أسوان المنتج لقرابة الـ 2000 ميجاوات من الطاقة الشمسية، وكذلك مشروعات طاقة الرياح في الزعفرانة وخليج السويس.
كما أشار إلى ما لمشروعات الهيدروجين الأخضر من قدرة على تحقيق قيمة إضافية للاقتصاد المصري، خاصة في ذلك المساعي نحو تنفيذ العديد من المشروعات لإنتاج الهيدروجين بحلول عام 2026.
ثقافة التحول الأخضر في مصر
وأكد الصحفي محمد صلاح رئيس تحرير موقع عالم الطاقة، أن المواطن المصري ينتظر نتائج التحول إلي الطاقة النظيفة على سعر فاتورة الاستهلاك الشهري سواء في القطاع المنزلي أو التجاري أو الصناعي، مؤكدًا أن الطفرة الهائلة التي شهدها قطاع الطاقة في مصر على مستوى الكهرباء والطاقة المتجددة والبترول والثروة المعدنية لم يسبق حدوثها منذ ثلاثة عقود ماضية، وبينما حدثت هذه الطفرة في قرابة الثمانية سنوات فقط.
وأشار "صلاح" إلى أن الاهتمام الذي تولية القيادة السياسية بأمن الطاقة في مصر، انعكس على المواطنين في كل المحافظات، وظهر في وصول الطاقة داخل المنازل والمنشآت الصناعية في أبعد نقطة كانت لا تصل إليها كابلات الكهرباء أو أنابيب نقل الغاز الطبيعي.