توافق مصرى سعودى
بعيدًا عن عبث العابثين ولهو اللاهين، وفى إطار حرص المملكة العربية السعودية وجمهورية مصر العربية على تعزيز آفاق التعاون الثنائى بينهما فى جميع المجالات، استضافت العاصمة السعودية الرياض، الخميس الماضى، الاجتماع الخامس لـ«لجنة المتابعة والتشاور السياسى» بين البلدين، على مستوى وزيرى الخارجية، «تنفيذًا لتوجيهات قيادتى البلدين الشقيقين، حفظهما الله، وتجسيدًا للروابط التاريخية والعلاقات الأخوية بينهما»، وإعمالًا لأحكام مذكرة التفاهم الخاصة بإنشاء تلك اللجنة، الموقعة فى القاهرة، منذ ١٦ سنة تقريبًا.
الجانب السعودى هنأ نظيره المصرى على نجاح استضافة مؤتمر الدول الأطراف فى اتفاقية الأمم المتحدة لتغير المناخ، كوب ٢٧، مؤكدًا أنه عكس ثقل مصر الدولى وقدرتها على طرح الأفكار الجديدة والتواصل مع جميع الدول المشاركة فى المؤتمر. كما أشاد الجانبان بالجهود المشتركة فى إنجاح النسخة الثانية من قمة الشرق الأوسط الأخضر فى شرم الشيخ، برئاسة مصرية سعودية، وهنأ الجانب المصرى نظيره السعودى على استضافة قمة جدة للأمن والتنمية، والقمة العربية الصينية، معربًا عن تطلعه إلى العمل مع المملكة خلال رئاستها واستضافتها للقمة العربية الثانية والثلاثين.
على ضوء محورية الدولتين فى محيطيهما العربى والإقليمى، تناول الجانبان، بشكل مستفيض، الأوضاع السياسية والاقتصادية، دوليًا وإقليميًا، وأكدا أن الأمن العربى كل لا يتجزأ، وشدّدا على أهمية العمل العربى المشترك والتضامن الكامل بين الدول العربية، ورفض أى محاولات للتدخل فى شئونها الداخلية وتهديد استقرارها وتقويض مصالح شعوبها من أطراف إقليمية. كما أدانت مصر والسعودية محاولات المساس بأمن وسلامة الملاحة فى الخليج العربى ومضيق باب المندب والبحر الأحمر، وأكدتا أهمية دعم وتعزيز التعاون المشترك لضمان حرية الملاحة فى تلك الممرات البحرية المحورية.
اتفقت الدولتان، أيضًا، على أهمية تعزيز دور الوكالة الدولية للطاقة الذرية، ودعم الجهود الرامية لإنشاء منطقة خالية من الأسلحة النووية وأسلحة الدمار الشامل الأخرى، تنفيذًا لقرار مؤتمر مد أجل ومراجعة معاهدة عدم الانتشار لسنة ١٩٩٥، والوثيقة الختامية لمؤتمر مراجعة المعاهدة لسنة ٢٠١٠. وفى هذا السياق، اتفق الجانبان على ضرورة احترام إيران الكامل لالتزاماتها بمقتضى المعاهدة، ودعم الجهود العربية لحثها على الالتزام بالمبادئ الدولية لعدم التدخل فى شئون الدول العربية والمحافظة على مبادئ حسن الجوار.
مع التأكيد على ضرورة دعم الحفاظ على استقلال سوريا ووحدة أراضيها، والتشديد على أهمية أمن واستقرار لبنان، وعلى دعمهما الكامل للجهود الأممية والدولية للتوصل إلى حل سياسى شامل للأزمة اليمنية، وإلى جانب الحوار المستفيض والشامل حول تطورات القضية الفلسطينية، أكدت مصر والمملكة، أيضًا، دعمهما الحل الليبى الليبى، وضرورة وقف التدخلات الخارجية فى الشئون الليبية، وثمّن الجانب السعودى استضافة مصر الكريمة ورعايتها لجولات المسار الدستورى الليبى بالتنسيق مع الأمم المتحدة.
إفريقيًا، أشار الجانبان إلى أهمية دعم وتعزيز الجهود المشتركة لتدشين آليات التعاون الثلاثى مع الدول الإفريقية، خاصة فى ظل وجود الإرادة السياسية لدى قيادتى البلدين للمضى قدمًا فى هذا المضمار. كما أكد الجانب السعودى دعمه الكامل للأمن المائى المصرى باعتباره جزءًا لا يتجزأ من الأمن القومى العربى، وأعرب عن تضامنه التام مع كل ما تتخذه مصر من إجراءات لحماية أمنها القومى، داعيًا إثيوبيا لعدم اتخاذ أى إجراءات أحادية بشأن ملء «سد النهضة»، والتحلى بالمسئولية والإرادة السياسية اللازمتين للتوصل إلى اتفاق قانونى ملزم حول قواعد ملء وتشغيل السد، تنفيذًا للبيان الرئاسى الصادر عن مجلس الأمن فى سبتمبر ٢٠٢١، بما يحقق أهداف التنمية لإثيوبيا ويحول دون وقوع ضرر على مصر والسودان.
.. أخيرًا، وبعيدًا عن عبث العابثين ولهو اللاهين ومحاولات مستعملى المستعمَلين الصيد فى الماء العكر، اتفق الجانبان على ضرورة تنسيق جهودهما، لدعم دول المنطقة وأمن شعوبها واستقرارها، وأكدا أهمية استمرار التشاور السياسى لمواجهة التحديات الماثلة أمامهما وفى المنطقة، وزيادة وتيرة التعاون الاقتصادى الثنائى، والعربى، من أجل تعزيز قدرة الدول العربية على مواجهة تلك التحديات والتصدى لآثارها المختلفة.