الصعيد السعيد
لا يعرف قيمة تلك النهضة والخطوات الجادة لتحقيق الرخاء والتنمية لصعيدنا العزيز، التى نشهدها حاليًا، إلا من عاش وعاصر الحياة هناك منذ عشرات السنين، والتى شهدت تصاعد نتائج الإهمال الذى شهده صعيد مصر، وكذلك نتائج الفقر والجهل والمرض، والتى أدت إلى ظهور الجماعات المتطرفة والهجرة غير الشرعية لشباب الصعيد، الذى يعانى من البطالة، علاوة على تهالك البنية التحتية والصرف الصحى والمدارس والمستشفيات ومحطات السكك الحديدية وكل ما تتخيله من مظاهر الحياة التى يتعرض لها الإنسان وأيضًا الحيوان.
صعيد مصر الذى أنجب الرئيس جمال عبد الناصر وعظماء مصر من المفكرين والمثقفين والشخصيات العامة التى أثرت تاريخ مصر الماضى والمعاصر، كان يئن من الإهمال والتجاهل شبه المتعمد من الحكومات المتعاقبة منذ قيام ثورة 1952 حتى قيام ثورة يونيو 2013.
الواقع إننى لا أريد أن تمر زيارة الرئيس عبد الفتاح السيسى لمحافظة سوهاج، التى تعد من المحافظات الأكثر احتياجًا من محافظات الصعيد، مرور الكرام، بل أريد أن أتناول هذا الحدث الذى نشعر به نحن أبناء الصعيد أكثر من غيرنا برؤية أكثر إيجابية، على الرغم من الظروف الاقتصادية الصعبة التى تمر بها البلاد كما يمر بها العالم أجمع.
بطبيعة الحال فإننى لن أتحدث عن نتائج تلك الزيارة التى اقتصرت على محافظة سوهاج فقط.. لكن دعونا نتناول جزءًا مما قاله سيادته عن الصعيد، حيث أكد أن الدولة لم تكن قادرة فى فترات سابقة على الاقتحام والتعامل مع مشاكله الكثيرة وإن زيارته تعتبر بداية الاهتمام الحقيقى بالصعيد، خاصة بعد إدراك أهميته بالنسبة للدولة المصرية.
كانت سوهاج هى البوابة الرئيسية للرسالة الرئاسية لباقى محافظات الصعيد، والتى تفيد بأن خريطة التنمية فى مصر وضعت محافظات جنوب الوادى على صدر أولوياتها ولن يطول الوقت اللازم لكى تستعيد تلك المحافظات عزها ومجدها وتطوى صفحات الظلم والظلام التى كانت تعانى منه.
كان للصعيد نصيب معتبر من خريطة التنمية التى شملت جميع محافظات الجمهورية، وذلك بلا شك سوف يحقق العدالة الاجتماعية التى كنا نعانى من فقدانها هناك كما تحقق أيضًا التنمية الاقتصادية التى سوف ترتقى بحياة أهل الصعيد، من خلال إعادة توزيع الاستثمارات على مستوى الجمهورية وتحقق التكافؤ فى توزيع الموارد الاقتصادية؛ لرفع مستوى المعيشة فى محافظات الصعيد المختلفة حتى إن حجم الاستثمارات التى تم ضخها فى هذه المحافظات، خلال السنوات الثماني الماضية، بلغ 1,5 تريليون جنيه من إجمالى 7 تريليونات جنيه من الاستثمارات التى نفذت أو يتم استكمالها على مستوى الجمهورية، وهو ما يؤكد اهتمام الدولة بحياة أهلنا هناك والحصول على حقوقهم المهملة منذ عشرات السنين عانت فيه من الإهمال والتهميش وهو ما يترجم وجود إرادة سياسية للتغيير الحقيقى وتحويل مقومات الصعيد إلى فرص تنموية على أرض الواقع، هذا بالإضافة إلى خلق فرص عمل عظيمة لشباب الصعيد الذى يمثل الأغلبية من السكان هناك من أجل تنمية مهاراتهم وفتح أبواب رزق لكثير منهم، وبالتالى القضاء على البطالة التى هى آفة تصيب الشباب وتجعل منهم عناصر هدم للدولة وليست عناصر تنمية وبناء.
لن يتسع المجال هنا لكى أسرد عدد المشروعات الهائلة التى يتم العمل فيها حاليًا فى محافظات الصعيد، والتى شملت معظم القطاعات التى تتعلق بتوفير حياة كريمة لأهل الصعيد.. منها على سبيل المثال لا الحصر تلك المشروعات الخاصة بقطاع النقل والمواصلات والسكك الحديدية، حيث تم إنشاء وتطوير 6600 متر كم من الطرق.. وإنفاق 32 مليار جنيه لتطوير منظومة السكك الحديدية وتنفيذ 365 كوبرى ونفقًا.. وفى قطاع الإسكان تم تنفيذ 14 مدينة جديدة تضم 188 ألف وحدة سكنية، وفى قطاع المياه والصرف الصحى تم تنفيذ 121 مشروعًا لمياه الشرب و244 مشروعًا لخدمات الصرف الصحى.. ناهيك عن قطاعات الصحة والتعليم، حيث تم تطبيق منظومة التأمين الصحى الشامل فى الأقصر وأسوان وجار استكمالها بباقى المحافظات كما تم إنشاء 169 وحدة ومركزًا صحيًا و2320 مدرسة جديدة وعدد 7 جامعات خاصة وجامعتين حكومتين، وجار الانتهاء من تنفيذ 10 مجمعات صناعية متكاملة توفر 26 ألف فرصة عمل فضلًا عن إنشاء 11 منطقة صناعية بإجمالى استثمارات 73 مليار جنيه توفر 127 ألف فرصة عمل.. كل ذلك على سبيل المثال كما ذكرت وقد تعمدت أن أحدد بالأرقام بعض تلك الإنجازات، حيث إن الأرقام لا تكذب ولا تتجمل.
أردت من هذا أن أوضح لأصحاب الأقلام المشبوهة ومروجى الفتن والشائعات ومحاولى بث الإحباط فى نفوسنا أن الواقع ليس سيئًا بالرغم من الظروف المحيطة.. ولكن الدولة تعمل بكل جهدها لرفع المعاناة عن شعبها بكل الوسائل الممكنة.. نعم هناك أزمات ومشاكل اقتصادية، ولكن هل رأينا دولة فى العالم لم تتعرض لأى أزمات طوال حياتها؟.. وهل الدولة المصرية نفسها لم تتعرض لأزمات مماثلة؟.. هل الدولة المصرية لم تعبر تلك الأزمات على الرغم من صعوبتها؟ لقد عبرنا الهزيمة وحققنا انتصار 1973 كما سيطرنا على الإرهاب وبدأت عجلة التنمية تدور لخلق مجتمع أفضل.. إننى أطالب الجميع بأن يقفوا مع دولتهم فى خندق واحد لمواجهة الأزمات التى تمر بها حاليًا وألا ننساق إلى محاولات الإحباط والإسقاط التى يحاول أعداء الوطن أن يدفعونا إليها.. وأن نثق فى قدرتنا على تخطى تلك المرحلة للأفضل وأن نثق أن الله سبحانه وتعالى قد أعز بلادنا ووصفها ببلد الأمن والأمان وأنا على يقين أن تلك المحنة سوف تتحول إلى منحة نشعر من خلالها بفضل الله علينا وبقوتنا وقدرتنا على تجاوزها بإذن الله.. وتحيا مصر.